1_ 8) داخل الشاشة

73 7 9
                                    

◦•●✿࿚༺.༻࿙✿●•◦

عقدة التجهم بين حاجبيه، نظراته الباردة كالرصاص نحو الصغير وذراعاه المتكتفان، جعلا من وجنتيه تتوهجا بلونٍ ورديّ، وقبضتاه الصغيرتان راحت تتمسك بقميص مدرسته يعتصره، طالعه بعينيه البريئتين في شيء من الفضول والخجل.

_ ليس أمامي اليوم بطوله.

ألقى كيران بجملته الممتعضة نحو هريكلِس يشيح بأنظارِه عن لوجان، فأسرع هو بتوضيب الشطائر في العلبة ووضعها داخل حقيبته.

ألبسه إياها وهو يوجه بحديثه نحو كيران الذي سبقهم ينتعل حذائيه.

_ لا تفلت يده، ولا تقطع الطريق حتى تتأكد من الإشارة، تأكد من دخوله لفصلِه، وأجلسه في الصف الأول إنه قصير القامة ولن يرَ شيئًا إن جلس في الخلف، وإن ضايقه أحدهم كن له بالمرصاد، وأيضًا مُرّ عليه في الاستراحة كي تطمئن أنه لم يتعرض لأذى.

رمقه كيران بطرف عينيه وشفتيه تلوتا دون رضا، يغمغم من تحتِ أنفه أثناء عقدِه لرباط حذائه.

_ تنظيف مؤخرته هذا ما ينقصني!

_ وأرخِ عقدة حاجبيك هذه.

لم ينبس كيران ببنت شفة بل سارع بالخروجِ دون أن يعيره انتباهًا، ربت هريكلِس على كتف لوجان يحثه كي يلحق بأخيه.

وأمام عتبة منزلهم راقبه بسخط أثناء نزولِه على الدرج ببطء وحذر، مسح على وجهِه يحاول قمع رغبته في الصراخ، وعند ثبوت قدمي لوجان أمامه أسرع بالمضي قدمًا غير آبه للفرق الشاسع بين خطواتهما، وفي مدة قصيرة كان لوجان يبعد عنه حوالي ثلاثة أمتار، وهو يصارع ليبقى على مقربة منه، وقلبه الصغير يخشى الأشياء الكبيرة التي تحيطه، ولغرابتها أراد أن يتشبث بكيران، كونه الشيء الوحيد الذي يعرفه.

لم ينزل مقلتاه عن ظهرِه قط، خشية التعثر والتشتت بين الآخرين، وعند الرصيف توقف كيران ينتظر تحوّل الإشارة للسير.

هو يشعر بالرفض تجاه لوجان، يراه دخيلًا على حياتِهما ومعكرًا لصفوها، وإن كان شبه معدوم، فقد جعله كذلك.

رؤية وجهِه تذكره بوالدِه، وكأنه نسخة مصغرة منه، حتى لون العينين، رغم أن  هذا الشيء الوحيد الذي اشترك كيران فيه مع لوجان، لكن الخاصة بالآخر أكثر وهيجًا؛ وكأنه انتزع المروج واحتفظ بهما داخل بؤبؤيه، أما هو فعيناه باهتتان لا تحتوي على نجمة واحدة تضيؤها.

التفت للوراء فلم يلتقط رأسه لكثرة الأرجل، أخرج يديه من جيوب معطفه يمشط بخطواته للخلف، وخيط رفيع من القلق اندفع من قلبِه متسببًا بتعكر الأكسجين واضطراب أنفاسِه.

يزيح كل من أمامه وبؤبؤاه يتنقلان يمينًا ويسارًا كالبنادول.

_ أين ذهب هذا الأحمق؟

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 06 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عصبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن