المكان برُمّته مصطبغٌ بالأبيض الناصع، مع إنارة شديدة آذت عيني لوجان وهي تحاول التأقلم مع هذا المحيط المغاير عمّا اعتادت رؤيته، هناك فراشٌ كالخاص بالمشفى، جوارها طاولة عريضة تتشاجر فوقها أدواتٌ عدة، وآخر رُكِن أعلاه الكثير من الشاشات المُطفأة.
كانت حجرة ضيقة مكتومة لم يرَ فيها منفذًا للهرب، تطلع للغريب وهو يتحرك يمينا ويسارًا بهمة، ينتقي أدواته بشغف ويبحث عما ينقصه داخل الخزانة، يراقبه لوجان المقيد خلفه وعقله لم يستوعب بعد كيف جاء لهنا وما الذي يحدث.
كان يدرك شيئًا واحدًا فقط، أن عليه فك هذا القيد، حاول استغلال انهماك الرجل في البحث وإنجاز ما يبرع بفعله.
*هذه المرة أسهل من السابقة*
حادث نفسه وقد قارب على إنهاء العقدة بينما عيناه ملتصقتان بظهر الرجل.
"لا تقاوم إن كنتَ تخشى الألم"
صرّح صاحب المعطف الأبيض وهو يضع بعض الأدوات الطبية داخل علبة ما، ازدرد لوجان ما بجوفه وقد أدرك أن الأمر ليس بمزحة كما اعتاد، حرّك بؤبؤيه يبحث عن ما يمكّنه من الدفاع عن نفسه لكن نظرات الرجل نحوه أفزعته.
حدق به بصمتٍ جعل قدما لوجان تتيبسا، كانت عيناه كفتحتين غاصتا بعمق داخل وجهِه، بينما عشبيتاه بهت لونُها فمالت للزرقة، رآه لوجام كمجنون يائس يعبث بذيله.
"لقبي هنا غابرييل، ولي عيونٌ وآذان"
أردف بها على حين غرة، توترت يد لوجان وقد أوشكت أن تتحرر، حاول اجترار أي كلماتٍ من جوفه الجاف لكنّه كان سيئًا في هذا، بِدْءُ الحديث عسيرٌ عليه، اعتاد أن يبدأ الآخرون بالاسئلة وهو يليهم بالإجابات القصيرة.
حمل غابرييل العلبة ثم استدار نحوه، حبات العرق تنزلق فوق جبينه ببطء، ملمسها الناعم أشعره كم أن هذا واقعيّ، وهذا جل ما يخيفه.
سحب مقعدًا حديديًا لا ظهر له من الجهة الأخرى من الفراش ، احتكاك قواعده الأربع بالأرض أصدر صوتًا نشاز اقشعرت له أذن لوجام.
بقي يحدق نحو تحركاته بتربّص، ينتظر هجومه المفاجيء والملئ بالطعنات، في حين أن الأخير لم يلتفت لفزعه ولم يأبه به، فقد كان يشغل عقله أمرًا أهم، جلس وعيناه تبحلقان فيه، ثم غمس قطعة من القطن داخل زجاجة صغيرة حوت بداخلها سائلًا شفافًا، بلل القطنة بذا السائل ثم رفع يده نحو وجه لوجان، ظنه الآخر هجومٌ مباغت فحرك يديه عفويًّا ليمنعه من الإقتراب وقد توسعت حدقتا عينيه.
من حسن حظّه أن العقدة الأخيرة منعت يديه عن التهور، فما كان هدف غابرييل سوى تنظيف جرحٍ حديث يلتصق بنهاية حاجبه الأيسر.
دُهِش الفتى من صنيع ذلك الهرِم في حال أن ملامحه الجامدة لم تتغير، لم تبقَ دهشته لثوانٍ فقد انقشعت عند لمس القطنة لجرحه، جعد ملامحه بألم وهو يُعيد رأسه للخلف متأوّها.
أنت تقرأ
عصب
Science Fictionفي عالمٍ حسّي، كل رد فعلٍ نابع عن عصب. . . «أفصحي عن أمنيتك» «عاشقةٌ للّحومِ أنا، وسئمتُ الطبق التقليديّ» «إذن، نوعٌ من اللحوم جديد» _______ 4_ عصب / نوعٌ جديد من اللحوم. _ تجري الأحداث عام 2004. _______ { واحد أساطير، اثنان أمنيات، ثلاثة بر...