2- اسمي هينري

381 121 148
                                    

      خرجت سيسيليا كالعادة من المدرسة ، كان يوما شتويا باردا و قد أنذرت الأرصاد الجوية بسقوط الثلوج لذا حاولت الإسراع في العودة إلى المنزل لكن اعترضت طريقها مجموعة من الأولاد الذين اعتادوا على التنمر عليها و بدؤوا بإخافتها و ملاحقتها و بما أنها تعرضت لموقف مشابه لهذا و الذي قد سبب لها خوفا شديدا لم تستطع التخلص منه ركضت بأقصى سرعتها هربا منهم ، و عندما فقدت أثرهم وجدت نفسها في مكان غريب فخافت أكثر ، و ما زاد الحال سوء هو سقوط الثلج فجلست تحت إحدى الأشجار و هي تبكي حتى حل الليل و سمعت أصوات غريبة و مخيفة فلم تتحمل ذلك و قالت بصوت عال :
          
    - أنا ... أنا فتاة ضعيفة ، أنا جبانة و ليس لدي أي هدف ، أنا لا أحب البقاء وحدي ، لا يمكنني الاستمرار لماذا ؟ لماذا لا تشعين أيتها النجوم ؟ ألأن السماء ملبدة بالغيوم ألن أتمكن من رؤيتك لهذا السبب ؟ ألا توجد نجوم تلمع في الأرض أيضا ؟ -
   
♡ لا أعلم إن كان صوتي وصل للسماء و لكن كل ما أنا متأكدة منه هو أنني رأيته ، رأيت نجما بالفعل ♡
   
  أكملت سيسيليا بكاءها و فجأة اقترب منها شخص فرفعت رأسها بسرعة و تراجعت للوراء فقال لها :
        
              لا تخافي ، أنا هنا للمساعدة . 
   
   لقد كان فتى في نفس عمرها له شعر أصفر ذهبي و عينان خضراوان ، تصاحبه ابتسامة جميلة ، مد لها يده ، حينئذ رأت سيسيليا نجما أخضرا في عينيها يشع  بقوة فأغمي عليها . تفاجأ الفتى و لم يعرف ما يفعله فحملها على ظهره و أخذها إلى منزله .
        
   فتحت سيسيليا عينيها لتجد نفسها في مكان مجهول بالنسبة لها، توترت قليلا و لكن سرعان ما تذكرت بعض الأحداث فسارعت بالنظر لشعرها .
شعرت بالارتياح بعدما وجدته في طوله المعتاد . كانت ستنهار بالطبع إن نقص منه القليل ، هي بالكاد تجاوزت الحادثة الأخيرة .

ركزت الآن على مكان تواجدها . كانت في منزل صغير قديم و بارد قليلا جدرانه لم تكن مصبوغة جيدا و بعض نوافذه مكسورة و أبوابه تصدر صوت صرير إلا أنه كان مرتبا و نظيفا و أشعرها التواجد فيه بنوع من الأمان .

  بعد دقائق قليلة دخل ذلك الفتى و لاحظ استيقاظها فنادى على جدته و من ثم اقترب إلى السرير الذي كانت سيسيليا مستلقية فيه و قال لها :

                       هل أنت بخير ؟
             
بقيت سيسيليا تنظر إليه لثوان و من ثم أجابته:

      ن ... نعم و لكن من تكون و أين أنا ؟

  دخلت عجوز ذات ابتسامة دافئة و الظاهر أنها جدة الفتى و قالت لسيسيليا و هي تطمئنها :

      لا تخافي يا صغيرتي ، أنت هنا في منزلنا .

الفتى :
         خفت كثيرا عندما فقدت وعيك و لم أعرف ما أفعله فحملتك إلى هنا .

                  ردت سيسيليا بخجل :
      
                           حملتني ؟
    
الجدة :
          نعم ، نعم ، حفيدي قوي للغاية .
سيسيليا :
           شكرا لك على مساعدتي .

ضحك الفتى و وضع يده خلف رقبته و هو يقول :

       هذا ليس بالأمر الكبير لذا لا داعي للشكر .

                ابتسمت الجدة و قالت :

      الآن سأعد لصغيراي الجميلين العشاء .

سيسيليا :
          و لكن يجب أن أعود ، والداي سيقلقان علي .
الجدة :
        لا تخافي سيرافقك حفيدي فيما بعد و سيشرح لهما الموضوع .
الفتى :
           نعم اعتمدي علي .
      
خرجت الجدة و بقي الصغيران ساكتين لفترة فبادر الفتى بسؤال :
 
                         ما اسمك ؟  

سيسيليا :
                سيسيليا كلاين .
الفتى :
            أوو اسم جميل للغاية .
سيسيليا :
               حقا ؟ 
الفتى :
          أجل ، جميل مثل صاحبته .
        
    احمرت سيسيليا خجلا فهي لم تسمع أحدا يقول مثل هذا الكلام من قبل و لم تقابل شخصا لطيفا مثله في هذه المدينة و لكن خجلها لا يجعلها تنكر أنها سعيدة بما حدث ، فقالت :
                      
                            و أنت ؟  

الفتى :
             اسمي هينري كراوس .
سيسيليا :
          سررت بلقائك .
هينري : 
            سررت بي أنا  ؟
سيسيليا :
           نعم ، و أنا مدينة لك على ما فعلته معي .
هينري :
         لا ، أنت لست مدينة لي بشيء كما أنني أعتذر على إحضارك إلى هنا ، لا أعتقد أن فتاة مثلك سترتاح بوجودها في منزل شخص فقير .

  أجابت سيسيليا بسرعة و هي تهز رأسها نافية :

أنت مخطئ ، هذا المكان رائع حقا فأنا لا أنظر إلى المبنى بل إلى أصحابه كما أن الفقر ليس عيبا أبدا ، هينري ... أنت غني ... غني بأخلاقك .

1☆ توقف صوت عقارب الساعة و صوت الرياح و كل شيء من حولي ، لم أكن أعلم من قبل أن هناك كلمات ستبدو لي كمحور الكون لدرجة أن بإستطاعتها إيقاف الزمن ☆1 

دخلت الجدة عندها و معها طعام العشاء برائحته الشهية و البخار المتصاعد منه يجعل المرء يشعر بالدفئ بمجرد النظر إليه .
     
بعد تناول العشاء معا ، ودعت سيسيليا الجدة اللطيفة و شكرتها ثانية ثم رافقها هينري إلى منزلها و في الطريق تبادلا أطراف الحديث .
         
             - هل أعجبك طعام جدتي ؟ -

سيسيليا :
           نعم كثيرا ، و لكن لدي سؤال هل تعيش مع جدتك فقط ؟
هينري :
        أجل مات والداي قبل خمس سنوات في حادث مرور لذا ربتني جدتي منذ ذلك الوقت .
سيسيليا :
        آسفة ، لم أقصد سؤالك عن شيء مؤلم كهذا .
         
               أجاب هينري و هو مبتسم :

   لا داعي للأسف ، فأنا أحب جدتي كثيرا ، كما أنها عوضتني عن كل ذلك الحنان الذي فقدته ، و أيضا الحياة أقصر من أن نضيعها في الحزن أو التفكير ، و هناك العديد من الفصول المشوقة التي ستطوي الكتاب على صفحات المآسي ، لذا فأنا متشوق لمثل هذه القصص .

              قالت سيسيليا في نفسها :

   هذه الابتسامة ، هذه الكلمات ، هذه التعابير تشعرني ... تشعرني بأن الحياة أجمل ، يبدو أنني وجدته ، نعم وجدته و أخيرا .... معنى الشعور
                         بالسعادة .
 
     عندما وصلا إلى المنزل فرح والدا سيسيليا و شكرا هينري كثيرا و قدما له مكافأة مالية و لكنه رفضها فهو لم يساعدها من أجل المال .

ودعت سيسيليا هينري في تلك الليلة و هي سعيدة بعدما التقت بالشخص الذي كانت تحلم بلقاء مثله و تمنت لو أن الأيام ستجمعها معه للأبد . 

     
       
      

النجوم السبعةOù les histoires vivent. Découvrez maintenant