خرجت سيسيليا كالعادة من المدرسة ، كان يوما شتويا باردا و قد أنذرت الأرصاد الجوية بسقوط الثلوج لذا حاولت الإسراع في العودة إلى المنزل لكن اعترضت طريقها مجموعة من الأولاد الذين اعتادوا على التنمر عليها و بدؤوا بإخافتها و ملاحقتها و بما أنها تعرضت لموقف مشابه لهذا و الذي قد سبب لها خوفا شديدا لم تستطع التخلص منه ركضت بأقصى سرعتها هربا منهم ، و عندما فقدت أثرهم وجدت نفسها في مكان غريب فخافت أكثر ، و ما زاد الحال سوء هو سقوط الثلج فجلست تحت إحدى الأشجار و هي تبكي حتى حل الليل و سمعت أصوات غريبة و مخيفة فلم تتحمل ذلك و قالت بصوت عال :
- أنا ... أنا فتاة ضعيفة ، أنا جبانة و ليس لدي أي هدف ، أنا لا أحب البقاء وحدي ، لا يمكنني الاستمرار لماذا ؟ لماذا لا تشعين أيتها النجوم ؟ ألأن السماء ملبدة بالغيوم ألن أتمكن من رؤيتك لهذا السبب ؟ ألا توجد نجوم تلمع في الأرض أيضا ؟ -
♡ لا أعلم إن كان صوتي وصل للسماء و لكن كل ما أنا متأكدة منه هو أنني رأيته ، رأيت نجما بالفعل ♡
أكملت سيسيليا بكاءها و فجأة اقترب منها شخص فرفعت رأسها بسرعة و تراجعت للوراء فقال لها :
لا تخافي ، أنا هنا للمساعدة .
لقد كان فتى في نفس عمرها له شعر أصفر ذهبي و عينان خضراوان ، تصاحبه ابتسامة جميلة ، مد لها يده ، حينئذ رأت سيسيليا نجما أخضرا في عينيها يشع بقوة فأغمي عليها . تفاجأ الفتى و لم يعرف ما يفعله فحملها على ظهره و أخذها إلى منزله .
فتحت سيسيليا عينيها لتجد نفسها في مكان مجهول بالنسبة لها، توترت قليلا و لكن سرعان ما تذكرت بعض الأحداث فسارعت بالنظر لشعرها .
شعرت بالارتياح بعدما وجدته في طوله المعتاد . كانت ستنهار بالطبع إن نقص منه القليل ، هي بالكاد تجاوزت الحادثة الأخيرة .ركزت الآن على مكان تواجدها . كانت في منزل صغير قديم و بارد قليلا جدرانه لم تكن مصبوغة جيدا و بعض نوافذه مكسورة و أبوابه تصدر صوت صرير إلا أنه كان مرتبا و نظيفا و أشعرها التواجد فيه بنوع من الأمان .
بعد دقائق قليلة دخل ذلك الفتى و لاحظ استيقاظها فنادى على جدته و من ثم اقترب إلى السرير الذي كانت سيسيليا مستلقية فيه و قال لها :
هل أنت بخير ؟
بقيت سيسيليا تنظر إليه لثوان و من ثم أجابته:ن ... نعم و لكن من تكون و أين أنا ؟
دخلت عجوز ذات ابتسامة دافئة و الظاهر أنها جدة الفتى و قالت لسيسيليا و هي تطمئنها :
لا تخافي يا صغيرتي ، أنت هنا في منزلنا .
الفتى :
خفت كثيرا عندما فقدت وعيك و لم أعرف ما أفعله فحملتك إلى هنا .ردت سيسيليا بخجل :
حملتني ؟
الجدة :
نعم ، نعم ، حفيدي قوي للغاية .
سيسيليا :
شكرا لك على مساعدتي .ضحك الفتى و وضع يده خلف رقبته و هو يقول :
هذا ليس بالأمر الكبير لذا لا داعي للشكر .
ابتسمت الجدة و قالت :
الآن سأعد لصغيراي الجميلين العشاء .
سيسيليا :
و لكن يجب أن أعود ، والداي سيقلقان علي .
الجدة :
لا تخافي سيرافقك حفيدي فيما بعد و سيشرح لهما الموضوع .
الفتى :
نعم اعتمدي علي .
خرجت الجدة و بقي الصغيران ساكتين لفترة فبادر الفتى بسؤال :
ما اسمك ؟سيسيليا :
سيسيليا كلاين .
الفتى :
أوو اسم جميل للغاية .
سيسيليا :
حقا ؟
الفتى :
أجل ، جميل مثل صاحبته .
احمرت سيسيليا خجلا فهي لم تسمع أحدا يقول مثل هذا الكلام من قبل و لم تقابل شخصا لطيفا مثله في هذه المدينة و لكن خجلها لا يجعلها تنكر أنها سعيدة بما حدث ، فقالت :
و أنت ؟الفتى :
اسمي هينري كراوس .
سيسيليا :
سررت بلقائك .
هينري :
سررت بي أنا ؟
سيسيليا :
نعم ، و أنا مدينة لك على ما فعلته معي .
هينري :
لا ، أنت لست مدينة لي بشيء كما أنني أعتذر على إحضارك إلى هنا ، لا أعتقد أن فتاة مثلك سترتاح بوجودها في منزل شخص فقير .أجابت سيسيليا بسرعة و هي تهز رأسها نافية :
أنت مخطئ ، هذا المكان رائع حقا فأنا لا أنظر إلى المبنى بل إلى أصحابه كما أن الفقر ليس عيبا أبدا ، هينري ... أنت غني ... غني بأخلاقك .
1☆ توقف صوت عقارب الساعة و صوت الرياح و كل شيء من حولي ، لم أكن أعلم من قبل أن هناك كلمات ستبدو لي كمحور الكون لدرجة أن بإستطاعتها إيقاف الزمن ☆1
دخلت الجدة عندها و معها طعام العشاء برائحته الشهية و البخار المتصاعد منه يجعل المرء يشعر بالدفئ بمجرد النظر إليه .
بعد تناول العشاء معا ، ودعت سيسيليا الجدة اللطيفة و شكرتها ثانية ثم رافقها هينري إلى منزلها و في الطريق تبادلا أطراف الحديث .
- هل أعجبك طعام جدتي ؟ -سيسيليا :
نعم كثيرا ، و لكن لدي سؤال هل تعيش مع جدتك فقط ؟
هينري :
أجل مات والداي قبل خمس سنوات في حادث مرور لذا ربتني جدتي منذ ذلك الوقت .
سيسيليا :
آسفة ، لم أقصد سؤالك عن شيء مؤلم كهذا .
أجاب هينري و هو مبتسم :لا داعي للأسف ، فأنا أحب جدتي كثيرا ، كما أنها عوضتني عن كل ذلك الحنان الذي فقدته ، و أيضا الحياة أقصر من أن نضيعها في الحزن أو التفكير ، و هناك العديد من الفصول المشوقة التي ستطوي الكتاب على صفحات المآسي ، لذا فأنا متشوق لمثل هذه القصص .
قالت سيسيليا في نفسها :
هذه الابتسامة ، هذه الكلمات ، هذه التعابير تشعرني ... تشعرني بأن الحياة أجمل ، يبدو أنني وجدته ، نعم وجدته و أخيرا .... معنى الشعور
بالسعادة .
عندما وصلا إلى المنزل فرح والدا سيسيليا و شكرا هينري كثيرا و قدما له مكافأة مالية و لكنه رفضها فهو لم يساعدها من أجل المال .ودعت سيسيليا هينري في تلك الليلة و هي سعيدة بعدما التقت بالشخص الذي كانت تحلم بلقاء مثله و تمنت لو أن الأيام ستجمعها معه للأبد .
VOUS LISEZ
النجوم السبعة
Romanceكم عدد النجوم في السماء؟ سؤال جميعنا لا نعرف جوابه لأنه من المستحيل عدها فهي تؤول إلى المالانهاية، و لكن هل تساءلتم يوما عن عدد النجوم في الأرض؟ الكثير منكم سيقول : ما هذا الهراء؟ و لكن فلتنظروا للأمر بجدية لمرة واحدة أخذا بخاطري، أنا الفتاة التي عش...