ا
حمل برهان حقيبة السفر ولحق بالسيّد والسيّدة وهما يدخلان القصر عائديْن من ماردين قرابة العصر، وما كادت الأصوات تتعالى في البهو حتّى أقبلت عفيفة مرحّبة:
-أهلًا وسهلًا، تعازيّ الحارّة سيّدي سيّدتي... أعرف حجم حزنكما على رأفت بيك
هزّت لطيفة رأسها شاكرة تترك الكلام إلى زوجها:
- رحمه الله... فقدانه صعب لكنّه ارتاح أخيرًا من أوجاعه
وقبل أن يتوجّها صوب المصعد استأذنت المدبّرة قائلة:
-هناك أمر آخر سيّد توفيق... الآنسة سحر تركت لحضرتك شيكًا وضعتُه على طاولة المكتب
إستغرب ما سمعه فانهال على عفيفة بالأسئلة:
-كيف هذا؟ متى أتت؟ ولماذا أعادت الشيك؟
- سأخبر حضرتك بكلّ ما جرى سيّدي
أودع السائق الحقيبة أمام جناح النوم ثمّ نزل إلى المطبخ يروي عطشه وما إن خرج وأصبح قبالة المدخل حتى أبصر سيّده عابق الوجه والسيّدة إلى جانبه تلقي يدها على كتفه كأنّها تواسيه فتقدّم بهدوء يستأذن للمغادرة:
-هل تأمرني بشيء آخر سيّدي
سأله بنبرة لا تخلو من الخيبة:
-أعلمتَ بموت والد الشابّة؟ أقصد سحر
تسمّر السائق في مكانه تتحكّم به صدمة الخبر:
-كلّا سيّدي... أنا لم أمرّ على المخبز منذ أيّام
-يا للأسف... لقد فقدت والدها بعد أن تمكّنت من تأمين المال
-خبر محزن للغاية... رحمه الله... أتخيّل حالة الآنسة سحر... كان الله بعونها
تابعت لطيفة مردفة:
-صحيح... أمدّها الله بالصبر والسلوان... باتت وحيدة في هذه الدنيا
تنهّد توفيق وهو يتوجّه بالكلام إلى برهان:
- أريدك أن تستدلّ على بيت الفتاة، سنزورها لتقديم واجب العزاء
-حاضر سيّدي، سأتّصل بالسيّد كمال مدير المخبز وآخذ منه العنوان
----------------------------------------------------------------------------------------------------
دخلت لطيفة المطبخ قرابة المساء تشرف على طعام العشاء لتجد عفيفة منهمكة بتحضير حساء الفطر فبادرتها قائلة:
-الرائحة زكيّة... توفيق سيكون ممتنًّا لكن تعلمين أنّ يمان لن يتذوّقه... علينا تحضير حساء آخر على الفور
نظرت عفيفة إلى سيّدتها مبتسمة الوجه ثمّ قالت بصوت هادئ وهي تحرّك محتوى القِدر:
- السيّد الشابّ لن يبقى على العشاء... هو مرتبط بموعد خارج القصر