الفصل الرابع ( قرع النِعال )

83 13 0
                                    

الفصل الرابع
" و يَا ليتَ القَدَر لَمْ يَكتُب لنَا الفُرَاق ، وَ اللّه يَا أُمِّي مَا زِلتُ اشْتَاق"
--------------------------
" البقاء لله! ، ماما في ذمة الله " ‏
هتفت حديثها دون وعي منها ، وقع الكلام على الجميع كالصاعقة ، تجمد « ولاء» في مكانه بينما «صفاء» نظرت لها بعدم تصديق وقالت بصراخ وهي تضربها على كتفها :
" أنتِ بتقولي اي ، أنتِ مش في وعيك اصلًا"

اقترب منها « سُليمان» وهو يتحدث بنبرة خافته :
" البقاء لله ، اهدي بس كله خير "
بكت أكثر لا يصدق عقلها تلك الأحاديث ، كاد « ولاء » أن يتحدث لكن قاطعهم خروج الطبيب ، اقترب كلا من « ولاء » و « صفاء» منه على أمل أن يقول غير ما قالته « إيثار » ، نظر لهم الطبيب بحرج ثم أردف بحزن :
" والله انا آسف جدًا اني بقول ليكم كده ،بس احنا عملنا اللي علينا ، البقاء لله!"

وها هي تلك الصاعقة تقع عليهم للمرة الألف ، لا يصدقان أن والدتهما قد ذهبت إلى الله- عز وجل - ، أبعدته « صفاء » بقوة وهي تهز رأسها بنفي ، ثم فتحت باب الغرفة ، كانت والدتها نائمة على الفِراش بثبات ، اقتربت منها ثم أمسكت بيدها وهي ترتجف ، نظرت لوجهها بحزن ، بكت بقوة وهى ترى والدتها هكذا ، يمر عليها العديد من الذكريات برفقة والدتها، نامت على صدرها بقوة وهي تسمح لدموعها بالانهمار ، تعالت شهقاتها ثم نبست بنبرة باكية :
" قومي علشان خاطري ، علشان خاطر ايثار و ولاء ، متسيبيناش!"
هتفت بها بألم وهي تحتضن والدتها بقوة ، ترفض فكرة موتها ، شعرت  بأحدهم يطبطب على ظهرها بهدوء ، رفعت رأسها إليه لم يكن سوى «ولاء » الذي جذبها إلى أحضانه وهو يبكي معها ، هتفت بوجع :
" مش عايزاها تموت ، اعمل اي حاجه يا ولاء ، رجع ماما "

" كان على عيني لو بإيدي"
هتف به بهدوء ونبرة خافته ، هدأت شهقاتها قليلًا بينما هو طلب منها أن تهدأ ، اقترب من والدته وهو ينظر إلى كل إنش بها ، انهمرت دموعه في صمت ، أمسك يدها ثم قبّلها بحنان ،     تحسس يدها وهو يتذكر عندما كان يعود من المدرسة في كل يوم ويقترب منها ويقبل يديها ، رجع بالزمن إلى الوراء ، حيث دلف إلى المنزل وهو يقول بحماس :
" ماما ، يا ماما عامل ليكِ احلى مفاجأه"

خرجت والدته من الغرفة وهي تنظر له باستفسار بينما هو باغتها باحتضانه لها وهو يبتسم ، كانت تنظر بعدم فهم ، ابتعد عنها ثم تحدث برسمية مزيفه:
" ابنك ولاء شمس الدين فخر العيلة ، طلع الأول على المدرسة "

ضحكت على حديثه بقوة ثم اقتربت منه وهي تطبع قبلة على جبهته بحنان بينما هو أردف بجدية :
" شكرًا ليكِ يا ماما ، طول الوقت قايمة بدورك ودور بابا الله يرحمه ، وان شاء الله دي مش آخر سنة اكون فيها الاول عقبال ما تشوفيني دكتور زي ايثار "

أنهى حديثه وهو يمسك يديها ويقبلها بحنان بينما هي نظرت له بأعين قد تجمعت بهما الدموع ، كان يُملس على يديها بدفء وهو يقول بسعاده:
" ايد الغالية ، اللي ربنا ما يحرمنا منها دي نبوسها"

لأنكَ القدر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن