صوفيا:
لطالما كنت وحيدة هنا في كوخي المتواضع وسط هذه الغابة الموحشة والجميلة في نفس الوقت. لطالما كانت هي مصدر رزقي الوحيد. دائما ما أجوبها بحصاني بحثاً عن ورق الدوم ، مادة الأولية التي أستخدمها في صنع السلال، التي وكما قلت مصدر رزقي. بقيت حياتي كما هي، أبحث عن الدوم، أصنع السلال، وأبيعها في السوق القديمة. وكالعادة، لا مفر من صخب الناس لي. هل أنا حقاً مجنونة؟ كما ينادونني، أم أرى عالمهم من منظور يصعب أن يتخيلوه فقط؟ هل المجنون يدرك أنه مجنون؟ ام اني مجنونة بالفعل لكن لا ادرك ذالك؟ هل أنا مثلهم أو مختلفة عنهم فقط؟ لماذا لا أموت في رأس السنة، يوم الخلود إن كنت لا أعمل كالعباد مثلهم؟ أيجب أن أثبت لهم أني لست مجنونة، وإنما مختلفة فقط عنهم، لأنني لا أملك رمزاً على جسدي مثلهم. دائماً ما كنت أقول لهم إن هناك خطباً ما بهذه الأرض، لكنهم لم يؤمنوا بي، ونعتوني بالمجنونة. حقاً، من الصعب أن يغير الإنسان فكره الذي عُلِمَ له، وكبر معه. يكفي أن تزرع فيه ما تريد في صغره، حتى يكبر ويصبح ملكاً لك، عبدك وحدك، يمضي في الطريق الذي تريده أنت. وإذا عارضته، وواجهته بالحقيقة، لا يصدقك مباشرة، لأن تلك الحقيقة أصبحت بنسبة له مستحيلة التصديق. فينعتك بالمجنون، ويذهب. اصبح الناس يضنون انهم اذكياء كفايتا مما جعلهم غير قادرين على ادراك الحقيقة، اخترت أن أستسلم، وأكمل حياتي وحسب، وبالفعل بقيت على روتيني العادي. حتى أتى ذلك اليوم الذي كان المنعطف الأكبر بحياتي...
وجدته ملقى على الأرض، قرب جبال بروكاتوبيا العظمى ، في أخر الغابة الخضراء الكبرى. لمحته في مكان لا أقول إنه معروف، لكن ربما أنا فقط من يعرف ذلك المكان لشدة عمقه بالغابة. شاب وسيم مغمى عليه يبدو في العشرينيات من عمره ، له شعر بني كالذهب، وبشرة بيضاء تشبه بتلال الثلج النقية. وعيناه الخضراوتين التي كانت تشبه جواهر الغابات الخضراء، كانت ملامحه تأسر الأنظار حقاً، كان التعب باديا على وجهه كثيرا كما كانت ملابسه ممزقتا تماما تبدي اكثر من ما تخفي ... فحملته بصعوبة على حصاني، وتوجهت به إلى كوخي الصغير حتى اقدم له المساعدة . في طريقنا، التقطت أذاني كلمات غريبة كان يتفوه بها، مثل "لا تذهب، أبي"، و "أين كنت طول هذه المدة"، و "ما سر هذا المفتاح". لم أهتم كثيراً بما كان يقوله، فقد كان من الواضح أنه مر بحادث ما... اجلسته على الفراش بعد وصولنا ، وغطيته باللحاف. كان هناك، وجلست أمامه، اتأمل ملامحه الجميلة و أنظر لتحركاته الغريبة. لقد كان يصرخ بشدة و يقول
"لا تذهاااااااب"
و يمد يده نحو السماء، كأنه يريد أن يلتقط شيئاً ما. ومع ازدياد صرخاته كان العرق يزيد تصببا من على وجهه، زادت تحركاته كثيرا و ارتفعت درجة حرارته بعدما وضعت يدي على جبينة فذهبت فورا لأحضر منشفة مبللة، حتى أضعها على جبينه، لعله يهدأ قليلا. وحالما وضعتها على رأسه، انشرحت نضراته بي فجأة ، كأنها نضرات صقر نحو فريسته، جعلت جسمي يتراجع تلقائياً للخلف خوفاً. ليقول بعدها بأنفاس متسارعة:
أنت تقرأ
اتراتيكا
Fantasiتتحدث الرواية عن ارض من عالم اخر تتمتع بخصائص غريبة مثل ان سكانها يولدون بأرقام على اجسادهم تمثل هذه الأرقم عمرهم تنازليا، حيث ان هذه الأرض من يعمل فيها بجد سوف يعيش للأبد اما من يتكاسل فسيموت اما بالنسبة لبطلنا فسيقوده القدر الى هذه الأرض الملعونة...