🍀"ليت القلوب تغدو صفائح لتقرأ ، و سهاما لترمى "🍀
مرت الليلتان الموحشتان وكانت أشباح صدى الموت تحوم حول جسد " بسمة " شبه المقتول ، الأغلال الباردة التي تلتف حول أطرافها قد صارت أقوى لسعا بسم الصقيع الذي ينصب من مهوى النافذة المشقوقة بالجدار ، كان الوضع الحالك المعتم الذي زجت فيه أشد إيلاما من الحياة التي كانت تعيشها ، حتى إذا اشتد بها البرد وسكنت رعشة الريح الباردة عروقها المرتعدة لم تجد إلا أن تقضي حاجتها على ساقيها فيطعنها البرد بعد أن يتحول ذلك البلل لقطع من الثلج الجامد !
لم يبق في جسدها قطمير دفء ، وأضحى الموت يراودها من كل صوب حتى اذا ازرقت أطرافها وتخدر الدم في أوصالها دخل وعيها جب الخفاء فأغشي عليها !
خيوط شعاع الشمس تتسلل من بين الشقوق المهترئة وتزاحم النسائم الباردة ، حتى إذا طالت متسدحة على جفونها أحست بالنور ففتحت عينيها في تعب فإذا بالصبح قد تنفس ، كان المكان ما يزال باردا وتتوغل فيه الظلمة الموحشة المترددة من الزوايا ، فأصابتها قشعريرة شديدة اهتز لها جسدها وكأنما ربطت به أسلاك عالية التوتر ، جعلت من أنفاسها تنقبض وتلهث وكأنما حديثة عهدها بركض طويل مرهق ..عقدت رقبتها بآلام مبرحة من طول الإنحناء و صارت قدماها أكثر ثقلا بعد أن مر عليها يومان كاملان وكأن مقدارهما ألفي سنة وهي واقفة قسرا عليهما موثوقة بالسلاسل الثقيلة الغليظة فتلتفت بصعوبة لجنبيها فتلفى الجروح طغت في كتفيها من قوة لف رباطها السلاسل الحديدية !
دعت وألحت على الله أن يأتي شخص للمكان ويخلصها من ذلك العذاب ، فالريح العفنة قد بدأت تلتصق بها بعد أن ظلت ليومين كاملين تصب حاجتها على لباسها مما زادها برودة ومرضا ، ظلت تصيح وتنتظر ولكن ما من مجيب !
فجأة ...يقترب منها صوت خطوات متواترة من أشخاص قادمين نحو زنزانتها ففرحت ولم تدخر جهدا في الصراخ والصياح بأعلى صوتها ومنتهى جهدها :
- أنجدوني ..أنا مظلومة ..فلتخرجوني فأنا مظلومة !
وما إن هي لحظات حتى دخل عليها خمسة رجال مجندين وتوجهوا إليها ثم جبذوا خمارها بقوة من رأسها حتى التف حول عنقها وكادت تختنق ثم فكوا السلاسل وهي تدوي بصراخها بعد أن كشفوا رأسها وعروا شعرها المبلل بعرق المرض وتلح عليهم في عدائية وجنون بسترها واحترام إنسانيتها لكنهم كانوا كالدمى المجندة لا يسمعون ولا يلقون بالا للألم الطاعن الذي ينهش عروقها !
أنت تقرأ
🌸 الملاذ الملكيRoyal Haven🌸
Fantasíaلما غادرت روح الوالد الحياة تحولت الأرض لبحيرة ملكية يغوص في عمقها روح الفراغ و تنساب على مراياها سكينة ملكية بين ريش البجع الهادئ ... حكاية لقاء عجيب يفتح أبواب قصور منقوشة بأوجاع الأرواح ومضمخة بدماء البراءة الملكية .