5 : رجائي الوحيد

1.5K 119 184
                                    

لَم تَكُن مُجرَّد كلمات كَتَبتهَا بل حديث قَلبِي اَلذِي اِشتَاق لِلقياهَا

_____________________________________________________________________________

جِئتُ لِوحدي هَذِه المرَّة إِلى المشفى ، وَقفَت خَلف نَفس الشَّجَرة اَلتِي اِنسحَبت حُور إِليها لِتستدعي أخاهَا ذَلِك اليوم . . . 

كُنْت أُرَاقِب عن كثب تحرُّكَات تِلك الطفلة الصَّغيرة التِي تَلعَب فِي الحديقة ، الطفلة التِي رَأَيتهَا عِدَّة مَرَّات رفقَة ذات عَينَي العسل، اِقترَبت مِن الطفلة أحتضنهَا بِحنان ، فبراءتهَا كَونها مِن مَرضَى متلازمة دَاون لَا تُقَاوم . .

 ناولتهَا كِيسا جميلا ففتحَته ، أَخذَت اللعبة التِي بِداخِله بَين يديهَا بِسعادة بَالِغة واحتضنتني مُجَددا ، عَدلت لَهَا نظاراتهَا الصغيرة التِي أَفسَد عِناقي ترتيبهَا 

إِنَّ مِن أَجمَل وأسعد اَلأمور التِي يُمكِن أن يَقوم بِهَا أي إِنسَان على وَجه الأرض ، أن يَقوم بِرَسم الضِّحكة وإدخَال السُّرور على قلب أُولئك الأشخاص المميَّزين أَصحَاب مُتلازمة الحُب ، فَهم من يملكون قلبا لَطيفًا رقيقًا لَا يعرفون فِيه مَشاعِر الكُره والبغض والحِقد مُطلقًا . 

إِنَّ نظرتَنَا اتجَاه أَصحَاب مُتلازمة الحُب والفَرح ، عليهَا أن تَكُون مُتواضعة ، فَهم أَفضَل مِنَّا بِصدقِهم وَحبهِم وابتسامتهم ، هُم أَصحَاب البراءة المطلقة والعاطفة الصَّادقة فِي القُلوب ،هُم لَا يستحقون إِلَّا اَلحُب ، فقلوبهم كَبيرَة وَطاهِرة وَنَقيَّة تحِب كلَّ النَّاس ولَا تَعرِف مَعنَى الحقد والكراهية . 

اِستمتعتُ بِرفقة تلك البراءة تَحت مُرَاقبَة أحد الممرضات ، فَحُور لَن تَكُون مَعهَا إِلَّا بَعد نِصف سَاعَة حِين تَنتَهِي مِن عملهَا . . . سَألَت الطفلة بِفضول : 

" مَا اِسمك أَيتُها اللطيفة ؟ "

أجابَتني وَهِي تَعبَث بِشعري الذِي أحبَّته كثيرًا وكانت تردد جميل كُلمَا تَلمسَه ، وقالت :

 " بِيلا . . " 

بِيلا وَيعنِي الجميلة ، اِسم يليق بِتلك الصَّغيرة ، لِذَا أَمسَكت يَدهَا أَقُول بِلطف : 

" إِذن بِيلا الجميلة ، هل تَعرفِين مُمَرضَة لَطِيفَة تضع غِطَاء على رأسهَا هَكذَا "

 مَثلَت ضاحكًا وصف حِجَاب حُور ، وَأنَا أضع الوشَاح الخفِيف اَلذِي كان على رَقبَة الصَّغيرة فَوق رأسهَا . . تَرددَت ضحكاتهَا البريئة على مَسامِعي وَأَومأَت بِتأكِيد تَردد اِسم عَسَليَّة العينينِ بِطريقة مُضحِكة :

 " نَعم . . هُور . . هُور "

 كَانَت تَنطِق الحاء هاء ، فلم يَكُن لِي سِوى أن أَهُز رَأسِي مُوَافقَة وأضيف : 

نحو نور الإسلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن