- البارت الـ١٤ .. الجزء الثاني :

112 7 0
                                    


- رمقه رهيّب بنظرة مُقتظبة ينوي أرجاع كأسته فارغه كعقاب لكلامه وأستفزازه ليتدارك شهاب الوضع عندما قال في اللحظة الأخيره من بين ضحكاته التي تراكمت فوق ثغره : افا يا أبو تاجّ البُخل مو من عوايدك العُذر والسموحه أن كان كلامي أستفزك وتراني كنت أمزح معاك ولأجل خاطر عيونك حتى رمضان القادم عهدٍ عليَّ ما يصب لكم عصير التانج إلاّ أنا .

- ضحك الجميع على شهاب الذي خاف من رهيّب بسبب نظرة واحده مما جعلهُ يضع نفسه بورطة الجلوس بجانب عصير التانج في رمضان القادم ، باللحظة ذاتها التي نظر بِها الجميع ناحية أوس وهو يقوم بتبديل كأسته المليانه بكأسة والدته الفارغه كحركه غير متوقعه أستطاعت أن تجعلهم يتجمدون مذهولين ! بل مُتسائلين هل هذا الأبن البار بوالدته إلى هذه الدرجه هو ذات الشخص التي يهاجمهم على أبسط موقف ؟
بل هل هذا الرجل الحنونّ هو قوس هزاع كما أعتادوا أن ينادوه بسبب قسوته ونفوره منهم !
حركه بسيطه أستطاعت أن تُزعزع ثبات صدورهم بل جعلت عين جيلان تدمع من فخرها بولدها ، فهي تعرف عز المعرفة أن أوس لا يُريدها أن تضطر لطلب اي شيء من أحدًا غيره ولو كان هذا الشيء هو كأسة شاهي بحد ذاتها !
بالأصح لا يريدها أن تحتاج وهو بجانبها .. عُمق تفكيره بتفاصيل التفاصيل التي تخص والدته جعلت الجميع يضرب لهُ تحية وقّار في أعماقهم
يالله لو كان الأبناء جميعهم يمتلكون نُصف هذا البّر التي بقلبّ أوس كان الحظ حليف كُل أُمهات العالم !
ولم يكُن هذا أول موقف يصدر منه فـ لباقته بالتعامل مع والدته لها سوابق عديدة فهو حقًا يقدم طاعتها على سائر البشر ويحسن إليها بالقول والعمل وكأنهُ يُجسد المعنى الحقيقي لقول الله تعالى ﴿ وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ ﴾

لمعت عيون ترف وريتاجّ بتلك اللمعه التي تحكي دواوين من الحُب والفخر في آنٍ واحد ، لتمد ريتاجّ كفها لكأسة أوس الفارغه تأخذها وتطلب من رهيّب التي كان يجلس بجانبها تعبئتها ، فهي بحركه سريعه وذكيه أنقذت أخوها الصامت التي أستمر بتناول الأكل كأن شيئًا لم يكُن ، فـ لقد كان يبلع اللقمه على الناشف كي لا يضطر للتخاطب مع رهيّب ولو كان عن طريق كأسة شاهي !
- أومأ رهيّب رأسه بتفهم يصب الشاهي بالكأسه الفارغه ثم وضعتها ريتاجّ أمام أخوها .. ليبتسمون جميعًا أبتسامة رضا وليجزم سُهيل وجودّ في أعماقهم أن مجيّد أستطاع أن يترك خلفه عائلةٍ بجذور مترابطه يبثون الدفئ لبعضهم البعض بطريقه تجعل كُل من يراهم يتمنى لو حالفة الحظ ليُصبح فردًا فيها فأبناء مجيّد لديهم لُغة عجيبه يفهمون بِها على بعضهم دون أن يحتاج الطرف الآخر للكلام والشرح .. أب عظيم وضع بصمة تربيته في مبادئهم جعل منهم أبناء يناطحون السحاب بالقوه وعندما يتطلب الأمر تصبح أفئدتهم أرقّ من ريشه عصفور - يتسلحون بالجسّارة والحنيّة في آنٍ واحد ! - لله دُر هذه التربيه الأصيله بكُل ماتعنيها كلمة أصالة من معنى .

" أُمطري على الهجر ليّن ينبُت وصّال "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن