الأكل من قمامة عقلي

55 0 0
                                    

اسمي جاين ، وأنا كاتبة مغمورة ومفلسة ، سمّاني والداي جاين ،تيمناً بجاين أوستن ولا أعتقد أن ذلك يستحق الشرح ، منذ أربعة أشهر ونصف أعاني من ( حاجز كتابي ) لعين لا يفارقني ، الكلمات لم تعد تتدفق في رأسي والأفكار تبخرت تماماً ،وكأي عمل إبداعي ، دون أفكارك أنت لا تساوي شيئاً ،وكذلك لا تستطيع كسب قوت يومك ، وتبدأ الديون بالتراكم ،وتبدأ بالتساؤل عن السبب الذي دفعك لامتهان مهنة غير مستقرة كالكتابة ...اه إنه الندم القديم الذي يتجدد مع كل وعكة اقتصادية أمر بها

لذلك ،أمارس المشي مساء وأنا أدخن لعل وعسى أجد ضالتي وأهتدي إلى أفكار جديدة

كنت قد مررت من قرب مطعم بيتزا فاشتريت لنفسي قطعة ، وبعد أن انتهيت من الأكل ،رميت العلبة الورقية في أول حاوية قمامة مررت من جانبها ، لكن هناك ما استرعى اهتمامي

ولكوني كاتبة ، عيناي تلتقطان الجُمل والكلمات بسرعة ، عدت أدراجي وألتقطت بقايا ذلك النص الممزق ، بدأت اقرأ منه ما استطيع فهمه

اقتربت نحو نور الشارع ،لألاحظ أنه مكتوب بحرفية و بتعبيرات كتابية أكادمية ومعبرة ، لم استطع منع نفسي عدم الانبهار بقدرة من كتبه

وبدأ الفضول يتآكلني لمعرفة بقية النص الذي أحمله ، تلفّت حولي كي أتأكد أنه لايوجد أحد، وعدت لأنبش في القمامة عن بقية النص أو الأوراق

لكنها كانت مهمة شبه مستحيلة ، مهمة لها رائحة عفنة تركت أكمام معطفي بالية متسخة

ومع ذلك ،طوال الطريق وأنا أفكر بما قرأت ،إلى أن وجد عقلي أنه من الأفضل ملأ الفراغ بأفكار شخصية،فالدماغ البشري يكره الفراغات  ، أفكار كدت أحرق نفسي وأنا أحاول إشعال فتيلها، وها هي ذا ، بقبس  بسيط من أفكار أحدهم تشتعل وتنير داخل عقلي وتدفعني للركض في الشارع ، مسرعةً لغرفتي كي أكتب

أنهيت ثلاثة مقالات دفعة واحدة لأول مرة منذ أربعة أشهر ونصف ،وهذا أشبه أن تمشي بينما كنت تنتظر أن تحبو

توجهت لدار النشر التي أتعاقد معها في الصباح التالي،و لحسن حظي ،أعجبت النصوص المحررون

إلتفت أحدهم نحوي وهو يقرأ ثم تسائل بإعجاب : هذا مبتكر وفريد يا جاين ، من أين لك هذه الأفكار؟

فرددت ببساطة : صدقني لقد وجدتها في القمامة

لكنه لم يصدقني وربت على كتفي قائلاً : لكل حصان كبوة ،وعلى الأغلب أنتهت كبوتك وها أنت تصحين من جديد

كنت آمل ذلك شخصياً ، كنت بحاجة لمدد من هذه الأفكار التي تحرك عقلي وترغمه على الخلق والتعبير ، فعدت في المساء التالي ،للشارع ذاته ،والقمامة ذاتها  ،وحمداً للرب ،المزيد من النصوص الممزقة

والتي رتقت شتاتها بأفكاري ،وعقدتها وأصلحتها ونسجت بها مقالات جديدة ، وعادت كتاباتي الأعلى مبيعاً مجدداً

قصص قصيرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن