طوال تسعة وعشرين سنة من حياتي في الدير ، لم يتجرأ الشيطان على أن يدخل قلبي لدقيقة واحدة !
طوال تسعة وعشرين سنة ،كنت ابنة الرب المطيعة ، وكنت أمسك بحبل عفتي ونقائي بكل قوة وعزيمة ،وأن أبقى هكذا طوال حياتي
والجميع في هذه القرية الصغيرة يسمونني بحسناء الكنيسة ، رغم أنني لا أرى نفسي بهذا الجمال
لكن بكل الأحوال ...الجميع حاول معي ، الجميع حاول التودد إلي ، وكسر نطاق قدسيتي وقدسية جسدي وروحي
لأن الرب أعطاني من الحسن ما يغري شهوات الرجال ، حتى القساوسة والكهنة من حولي ، جميعهم حاول معي بشتى الطرق
وما يعرفونه عني أيضاً هو القوة ، القوة التي أمدني بها الرب كي أصون نفسي ومن معي فيها
إلى أن وقعت الحرب وبدأت الأوضاع تصبح أسوأ ، وتمتلأ الكنيسة بالجرحى المنكوبين من المدنيين والعساكر
الكثير من الأطفال لإطعامهم،والكثير من النساء الأرامل ، والشيئ الجيد الوحيد في الأمر هو أنه جميع الراهبات مثلي يتقن التمريض وخياطة الجروح
كنت أنام لساعات قصيرة ،وأحياناً أنام واقفة ، وأحياناً أنام بين الأطفال والنساء على الأرض ، تحت تمثال السيد المسيح ،فأشعر بالأمان ، رغم كل البشاعة التي تحصل
إلى أن زارنا الشيطان نفسه ...الشيطان الذي كان مقصده الأساسي تجريدي من خدمتي للرب وتعريتي من عفافي
كان شيطاناً بعيون خضراء واسعة ،وشعر وذقن عسليتين وقوام ممشوق ،أصابني بالإعجاب
هُزم جنودنا على الجبهة من قبله ،فجاء ليستولي على القرية مع رجاله
أول مرة رأيته فيها ، حينما كان الكل في الكنيسة ،مذعورين من مجيئه ،وسمعته السيئة بالبطش والقتل تسبقه ، خفت على النساء والأطفال ، فخرجت وأغلقت الباب عليهم ووقفت انتظره
عندما رأيته سقط قلبي من فوره ....ليس ذعراً ، فأنا بين يدي الرب دائماً ، لكن سقط قلبي من شعور آخر ، شعور لم آلفه من قبل !
( من في الداخل ؟)
سأل هو بإبتسامة خبيثة بصوته الذي بدا لا خشناً ولا ناعماً ، لكنه كان صوتاً يلائم صاحبه تماماً
قلت بصدق : النساء الأرامل والأطفال الجرحى فقط
( و إن كنتي تكذبين ؟)
أجبت بثقة : الراهبات لا يكذبن ، نحن في حضرة الرب ، هل تعرف ما يعنيه أن تكون في بيت الإله ؟
ليضحك لثانية ويقول ( لا ،لا أعلم )
لأرد عليه : هذا يعني ألا تقتل أو تقوم بأي خطيئة ، حينها لن يعفو عنك أبداً
ليرد ( لا أحتاج عفوه أو مغفرته ، لكن قولي لمن في الداخل ، أن يجمعوا كل مالديهم من الممتلكات ويسلموها لي ، قبل أن أهد هذه الكنيسة فوق رؤوسهم )