صِبا

16 0 0
                                    

Boyhood

هذه حكاية صديقين منذ الطفولة

كنتُ انا ومحمد زميلان في الصف السادس ، أجلسُ أنا في المقعد الأول ،وهو يجلس في المقعد الرابع لإنه طويل ، كنت أمقته وأكرهه حقاً ، أولاً لإنه أطول مني ، ثانياً لإن البنات وحتى المعلمات في المدرسة يحببنه ، لا أدري مالذي يجدنه فيه جذاباً ، أذناه بحجم أذنا الفيل ، وفوق هذا ...هو متفوق في الرياضيات ، أنا حقاً أغتاظ منه ، إلى أن أتى ذلك اليوم ، الذي اقترحت فيه المعلمة مسابقة رياضيات ،والفائز له مقلمة هدية ، درست ذلك اليوم مثل المجنون ،ليس أملاً بالمقلمة فقط ، لكن رغبةً مني في اقتلاع النصر من براثن محمد وأثبت تفوقي عليه في الرياضيات كما أتفوق عليه في بقية المواد ...فهو يغيظني ،وأنا لا أحب أن يسبقني أحد في شيئ

لكن بعد المسابقة ،قررت المعلمة أن تقدم الهدية لمحمد رغم أنني نلت ذات الدرجة ، على مايبدو لم ترد إغضاب حيوانها الأليف

فطفح الكيل لدي ،وانتظرت الفسحة ، كي أنتقم لنفسي ، انتظرته حتى كان بمفرده لدقيقة ،وباغته بلكمة على وجهه طرحته أرضاً وجعلت شفته تنزف

نظر لي مستغرباً اللكمة ونحن اللذان نتحدث لبعضنا نادراً ،بدأ الغضب الذي في داخلي يتراجع،وشعور اللذة ينحسر ،ليأتي بعده الوعي ! ....الوعي بأن محمد قويٌ أيضاً ، ولا يخسر عراكاً أبداً

رغم أنني أعرف مصيري البائس بعدها ،ابتسمت بفخر وقلت له : هكذا نتعادل

لم يمسح الدم من على شفته حتى بل انقض علي ،وأوسعني ضرباً ، إلى أن ألتمت المدرسة كلها محاولةً إيقافه

وأنا لم أعد أرى شيئاً من قوة ضرباته ، هو حقاً يضرب بعنف ،  فأتت المعلمة وخلصتني من بين يديه ،وذهبوا بي إلى الممرضة بسبب النزف ،وذهب محمد للمدير ،ووقع الخطأ عليه رغم أنني أنا من بدأت الأمر ،لكن الدم الذي ضرج وجهي جعله في موقف صعب ، فتدخلت في اللحظة الأخيرة ومنعت الأستاذ من أن يقوم بفصله

في اليوم التالي ،رمى المقلمة بوجهي ،وقال لي : مصعب ، لو ضربتني بسبب المقلمة ،خذها ، أنا لا يعنيني الفوز

شعرت بالإهانة ، لكن من البداية الخطأ خطأي لشعوري بالحسد والغيرة تجاهه ، نهضت وأعدتها له وقلت : أعزمني على لفافة شاورما بدل المقلمة ، لا أريد شيئاً ليس لي أصلاً

ولإنه طيب القلب وافق فوراً ومنذ ذلك الحين ،وأنا ومحمد لا نفترق أبداً ، درسنا معاً ،وفي الباحة قاتلنا سويةً ،وهربنا من أيام الدوام معاً ودخنا أول سيجارة معاً ، تخرجنا معاً ، وذهبنا للخدمة العسكرية معاً ،وساندنا بعضنا في كل مأزق ومشكلة

و أخيراً فرقنا ميدان العمل ، فأنا عملت مع أبي في التجارة ، وهو اتجه للمهن الحرة ،ومع ذلك لم نفترق ، كنا نجتمع مرة لدي ومرة لديه كل أسبوع ، نسهر ونضحك ونتحدث عن كل شيئ ،ومع أنني كنت أكسب أفضل منه بسبب عمل والدي ، إلا أنه لم يشعر يوماً بالغيرة مني

قصص قصيرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن