الثاني عشر.

4.1K 138 189
                                    

"وتلك الأيمان التي قطعتها ما هي إلا أعمدة إسناد واهنة في مواجهتك. فأنا لا أسمع ولا أطيع شيئًا سوى الإملاءات السرّية للعاطفة اليائسة التي أحملها تجاهك."

‏— أبلار إلى إلواز






عبدالعزيز


كنت في غرفة. غرفة مجهولة ومريبة بعض الشيء. الأرفف البنية العالية اللي ماخذه حيّز كبير ومصفوفة على كل من الجدار الأيمن والأيسر أشعرتني وكأني واقف في مكان آخر، مكان ينتمي لأحد.

أمامي عالأخير كان فيه مكتب مصنوع من الزجاج وعمدانه خشبية رفيعة. شاشة مسطحة متوسطة الحجم موجودة على الجانب الأيمن، خلف المكتب كانت فيه نافذة كبيرة وعريضة تطل على مسبح فاخر ومباني شاهقة الطول. 

عيوني مسحت المكان، تتربص بفضول ينبش عقلي. خطواتي تميل للأرفف المحطوطة على الجدار اليسار—كان فيه كتب، تماثيل، ملفات، أشياء عشوائية محطوطة مثل ميدالية مفاتيح و زرعة إصطناعية وقفازات يد جلدية وغيرهم.

الأرفف المحطوطة على الجدار الأيمن شدّت إنتباهي أكثر. كل الأرفف كانت مليانة، ولا ذرة فراغ موجودة مابين الشريط والثاني. كانت الأرفف مليئة بالأشرطة القديمة اللي تجي على شكل مستطيل أسود وبالطرف المعروض مكتوب على بعضهم كلمات وحروف وأرقام.

كنت أناظر بتشتت للأشرطة، عددهم كان كثير ولكن قلّه منهم كان عليهم كتابة. قربت لواحد منهم وعلى وشك أسحبه لكن حسيت بشعور يدغدغني في أنفي وجمعت يديني عند أنفي بسرعه وعطسه مكتومة طلعت مني.

"آخ وش ذا." تمتمت وأنا محتاس بإنفي اللي ماوقف شعوو الدغدغة يجري فيه. لفيت راسي أدور منديل لو فيه ولقيت واحد على طرف المكتب عند جهة الرفوف الثانية. تحركت لعنده وسحبت حبة منديل وغطيت فيها أنفي وحاولت أنظفه.

وبينما كنت أحاول أهدي شعور الدغدغة لفيت جسمي للرف اللي كان وراي، عيوني تدور عليهم بشكل عشوائي. لكن في وحده من الرفوف القريبة من جهة المكتب وبعيدة من الباب شفت وجهي هناك، ملامحي الصغيره اللي أعتنقها غبار الوقت تناظرني بالمقابل.

رعشة مرت على كل جسدي وأنا أقرب، نفسي بدأ يثقل، يترمد داخلي وأنا أشوف صورة كنت متعود أنام في صغري وهي محطوطة على كومدينتي.

نزلت المنديل عن أنفي وشعور الدغدغة رحل تمامًا.

مسكت الصوره، حجمها الصغير المربع تقلص أكثر في كفي اللي ما عاد صغير مثل أول لما كنت أمسكها.

غريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن