الجزء الرابع

617 16 4
                                    

دلفت هي وعمتها المنزل، وقد أحست نرجس إنها حزينة
فقالت:
-مابك ِحبيبتي؟ ألستِ سعيدة ًبالخلاص ؟
-الحمد لله..كان كابوسا وإنتهی !
-كابوسا رغم وجود هيبت معك؟!
--هيبت هو الكابوس ذاته !
-هل ضايقك؟
-لم يضايقني..لكن بعد كل الذي عشناه سوية هذا اليوم..
أدار وجهه وكأن شيء لم يكن بيننا !
-لست افهم تماما مالذي عشتماه بهذا اليوم..اتودين أن تحكي لي؟ أم ترتاحين وبعدها نتحدث؟
- أريد أن أنام..فأنا متعبة .
-حسنا حبيبتي..اذهبي لتنامي..سأجهز لك عشاءا تحبينه.
--شكرا عمتي..هذا إن لم أنم للغد.
--نوماً هنيئاً صغيرتي.
............
اغلقت باب غرفتها وتمددت فوق سريرها وقالت تحدث نفسها: لم أكن أتوقع أن يعاملني بهذا البرود والتجاهل..
بعد أن حصل علی حريته..كنت أظنه لن يقبل مفارقتي.
وغطت وجهها وراحت تبكي بصمت.
.....................................................
في الطريق..
قال هيبت يخاطب المحامي مناف:
-عام بحاله يارجل ولم تفتقدني؟!
-صدقني كنت اتصل بك مرار وهاتفك مغلق..وعندما أسال ميراي كانت تقول انك تتعالج خارج البلد..لا أخفي عليك..إني كنت أشعر بالشك و الإرتياب ناحيتها ..لكن لم يكن بيدي حيلة وصدقت إنك خارج الدلفت هي وعمتها المنزل، وقد أحست نرجس إنها حزينة
فقالت:
-مابك ِحبيبتي؟ ألستِ سعيدة ًبالخلاص ؟
-الحمد لله..كان كابوسا وإنتهی !
-كابوسا رغم وجود هيبت معك؟!
--هيبت هو الكابوس ذاته !
-هل ضايقك؟
-لم يضايقني..لكن بعد كل الذي عشناه سوية هذا اليوم..
أدار وجهه وكأن شيء لم يكن بيننا !
-لست افهم تماما مالذي عشتماه بهذا اليوم..اتودين أن تحكي لي؟ أم ترتاحين وبعدها نتحدث؟
- أريد أن أنام..فأنا متعبة .
-حسنا حبيبتي..اذهبي لتنامي..سأجهز لك عشاءا تحبينه.
--شكرا عمتي..هذا إن لم أنم للغد.
--نوماً هنيئاً صغيرتي.
............
اغلقت باب غرفتها وتمددت فوق سريرها وقالت تحدث نفسها: لم أكن أتوقع أن يعاملني بهذا البرود والتجاهل..
بعد أن حصل علی حريته..كنت أظنه لن يقبل مفارقتي.
وغطت وجهها وراحت تبكي بصمت.
.....................................................
في الطريق..
قال هيبت يخاطب المحامي مناف:
-عام بحاله يارجل ولم تفتقدني؟!
-صدقني كنت اتصل بك مرار وهاتفك مغلق..وعندما أسال ميراي كانت تقول انك تتعالج خارج البلد..لا أخفي عليك..إني كنت أشعر بالشك و الإرتياب ناحيتها ..لكن لم يكن بيدي حيلة وصدقت إنك خارج البلد.
- ألآن وقد إنتهی الأمر..أريدك أن تبدأ بتجهيز أوراق الطلاق ..وتجهيز اوراق سفري لأتعالج خارج البلد.
- إن شاء الله.
.....................................................
تم إلقاء القبض علی ميراي ورفيقها جوجو وتم التحقيق معهما وإعترفت ميراي أخيرا بكل شيء. ومكثت بالسجن تنتظر صدور الحكم النهائي عليها.
......................................................
بعد أيام ،كان هيبت خارج البلد، بعد أن طلق ميراي وتركها تواجه عقوبة السجن لمدة خمسة عشر عاما.
أرخی رأسه للوراء علی مقعد الطائرة ، وأغمض عينيه وقال:
--وأخيرا ستذوقين طعم السجن ياميراي..فلتتعفني هناك.
وراح يضحك عاليا.
...............................................
ومرت الأيام.. وكبرت خيبة بلسم بهيبت. وأدركت إنه رجل لا يؤتمن ولا يعرف الحب لقلبه من طريق.
وكانت عمتها تواسيها وتحاول أن تجعلها تترك التفكير به.
وقالت لها ذات مرة، بعد إنتكاس حالتها :
-حبيبتي بلسم..إنه لايستحق أن تهدري وقتك وعافيتك بالتفكير فيه..أخبرتك قبلا..إن هيبت هذا..يعيش لنفسه فقط..والنساء بالنسبة له مجرد تسلية كباقي هواياته.
أطلقت بلسم تنهيدةً من صدرها وقالت:
-لا تقلقي عمتي..أنا بخير..ولا أفكر بهيبت ..لقد بدأت أتجاوز الأمر..أنا فقط مستغربة كيف له أن ينسی
هكذا ولا يحاول إن يتصل حتی !
- الآن هو منشغل بالعلاج..سنری عندما يعود..إن كان فيه أمل أم خيبة أمل !
.............،.....................................
وأما هيبت فقد دخل مشفی خاص وأجريت له عملية جراحية تمت بالنجاح ومقدرته للعودة علی السير من جديد. إلا إنه كان عليه أخذ علاج فيزيائي ودوائي حتی يقف تماما علی رجليه. وقد إستغرق كل هذا سبعة أشهر.
وقف أخيرا علی رجليه وعادت له عافيته وقوته.
وكان برفقته طوال تلك الفترة صديقه مؤمل الذي يقيم بتلك البلاد منذ سنوات.وهو الذي عثر له علی الطبيب الذي أجری له العملية وأشرف علی علاجه.
.........................................
عاد هيبت لمزاولة هواياته السابقة، من سهر وحفلات ونساء
ومؤمل هو الآخر كان يشاركه بتلك الهوايات.
وإستمر علی هذا الحال لعدة شهور، غير إنه كان يشعر بالضيق بين الحين والآخر.
جلس ذات مرة ، بإحدی البارات، وكان يشعر بضيق شديد.
سأله مؤمل:
--لاتبدو لي بمزاج جيدٍ اليوم..أهناك مايزعجك؟
--لا أدري..منذ مدة وانا ينتابني إحساس بالضيق ..أشعر إن
شيئاً ما ينقصني ! ربما أنا بحاجة للعودة للوطن.
--أجل..أظنك لم تعتد الابتعاد كل هذه المدة..أم إن هناك من تفتقده في الوطن؟!
جاء سؤال مؤمل كالصفعة أنعشت له ذاكرته.
فكر بكل ماجری معه..ومر طيف بلسم كسهم ٍ إخترق قلبه
فقال:
--تبا لي..كيف أنسی هكذا؟ يالي من غبي ولا أبالي !
--مابك؟ لمَ تقول ذلك عن نفسك؟
--لو أحكي لك ..فستقول عني أكبر غبي وأناني.
--إحكي لي إذا لأفهم.
وبدا هيبت بسرد كل ماجری له مع بلسم وكيف التقی بها اول مرة..ثم أمر إحتجازها معه ذلك اليوم .
...........................................................
قضت بلسم الشهور الماضية بصعوبة، وكانت عمتها تلاحظ
إنها كالشمعة التي تذوب حتی الإنطفاء، رغم محاولات بلسم بإخفاء تأثرها بغياب هيبت وتجاهله لها.
كانت قلقلة عليها وحاولت بكل الطرق أن تعيد لها حيويتها وبهجتها السابقة .
وأخيرا قررت الذهاب بها لإحدی القری في شمال البلاد.
حيث يتواجد بعض أقاربهما. ولطالما أحبت بلسم أجواء القری والمزارع . فأخذت رأيها وكانت بلسم هي الأخری
ترغب بالهرب مما تشعر به.
فغادرتا العاصمة وإستقرتا بالقرية المنشودة بين عدد من أقاربهما.
................................................
كان منزلا متواضعا وصغيرا،لكنه يبعث عالراحة والدفء.
وعلی مسافة صغيرة من منزلهما، كان هناك منزل أحد أقاربهما، وهم إبن أخت نرجس وزوجته وإبنه الذي يقارب
بلسم بالعمر.وابنتهما التي تصغرها بعامين. والتي كونت مع بلسم صداقة جميلة وكانتا كثيرا ماتخرجا للمزارع القريبة من منزلهما.وتقضيان اوقاتا طيبة بصحبة بعضهما، حتی بدت حالة بلسم تتحسن وتبدو لعمتها نرجس إنها تجاوزت المحنة ، لكن بداخلها كانت لازالت تشكو ألما لايبارح قلبها!
....................................................................
وقرر هيبت العودة للبلد والبحث عن بلسم.
فهل سيجدها أم ستضيع منه كزهرة في مهب الريح؟
..................................................
بعد أن أتم هيبت إجراءات السفر وحجز تذكرة للعودة للوطن. قال له مؤمل:
--ظننتك لن تفارق كل هذا الجمال والمتعة بعد أن قضينا أوقاتا مجنونة.
إبتسم هيبت وقال:
--ألأوقات المجنونة أقضيها إينما أريد..لكن رفقتك كانت رائعة بحق.
--لا تهتم ..كلها أيام والحق بك.
--لو إنك تجلب معك العائلة..لتبقی أطول فترة ممكنة.
--سأری كيف تسير الامور .
--إن شاء الله.
--ماذا ستفعل إن لم تعثر علی البنت؟
--لا تقلها يا أخي..لن أسامح نفسي إن ضيعتها هكذا !
--يبدو إنك واقع جدا..كيف نستها هكذا إذا؟
--ليست مسألة واقع أم شيء آخر..المسألة إن ضميري يؤنبني لأني تجاهلتها وكأن شيئاً لم يكن..كنت أنانيا ولهفتي للعلاج والوقوف علی قدمي ثانية أنستني شكرها
ووداعها بطريقة تستحقها.
--وماهي الطريقة التي تستحقها برأيك؟
ضحك هيبت وضرب علی فخذ صديقه وقال:
--لاتفكر إني سأشكرها بطريقة جريئةوحميمية..بل قصدت أن أنظر لعينيها وأقول لها من كل قلبي إني ممتن لها وأسألها إن كانت بحاجة لشيء أوعالاقل أخذ رقم عمتها لأبقی علی تواصل معهما.
--برأيي إن كنتما لاتعنيان لبعضكما شيء فألأمر لايستوجبك تفكيرك وإحساسك بالذنب..أما إن كان بينكما شيء..فلا ألومك .
سكت هيبت وراح يفكر بكل التفاصيل التي حدثت بينه وبين بلسم ،ثم قال :
--لا ادري ..أنا لا أعرف ماهية مشاعري تجاهها..لكن أشعر برغبة عارمة لرؤيتها..أما بالنسبة لها..فأظنها كانت معجبة بي..أو عاشقة من يدري !
--حقك لاتدري..لأنك قضيت عمرك تعاشر النساء من دون حب.فلا تعرف ماهو الحب.
--إشرح لي أنت إذا عن الحب ياروميو !
ضحك مؤمل وقال:
--والله ياصديقي أنا مثلك أجهل كيف يكون الحب..حتی زواجي كان تقليديا.
--عالعموم فإن كل ما أشعر به هو رغبة ملحة برؤيتها و...
--وماذا؟!
--و...لاأدري..اتذكر عينيها وخوفها فأشعر برغبة لضمها بين ذراعيي.
--لا أدري إن كان هذا حبا أم رغبة بعيش تجربة رومانسية معها.
-- سأعرف ذلك حين ألتقي بها !
إن شاء الله.
....................................................
كانت بلسم ورفيقتها جنات تتمشيان بين حقول الورد ..
وكانت بلسم تستنشق عطر الزهور التي ملأت الحقل بسعادة وإنتشاء ، حتی وقع سؤال جنات علی قلبها
كالجمرة التي إتقدت فجأة:
-- أخبريني بلسم..ألم تعيشي قصة حب ؟
-- لا..
-- ولماذا تغير حالك ألآن إن كنت لم تفعلي؟!
--إتركينا من هذه المواضيع جنات..فأنت لازلت صغيرة عليها.
--لست صغيرة عليها..أنا ألآن أعيش قصة حب رغم إني أزغرك بأعوام..فلماذا لم تعيشي قصة للآن؟
--ليس بالضرورة أن نعيش قصة حب..ليس الجميع يمكنه أن يطلق العنان لمشاعره.
--أتودين أن تسمعي قصتي؟
--إن كنت راغبة بالحديث فيسعدني أن أسمع.
--حسنا..سأحكي لك قصتي ..قبل بضعة أشهر فعلت برنامجا للتواصل ونشرت صورة للحقل..فعلق أحدهم
ثم تحدث علی الخاص..وإستمرينا حتی إكتشفنا إننا أحببنا
بعضنا جدا.
--وهل جاء لرؤيتك خلال هذه الاشهر؟
--كلا..فهو من محافظات الجنوب..وتعرفين المسافة بعيدة بيننا.
-- من يحب لاتهمه المسافات !
--صحيح..لكن أنا أيضا كنت أرفض مجيئه..خفت أن يكتشفنا أحد..خصوصا أخي معتز..إنه متعصب جدا.
-- وهل قال لك إنه ينوي الزواج بك ؟
--نعم لهذا يرغب أن نتقابل قبل أن يبلغ أهله برغبته.. بالزواج بي.
--تفكيره صحيح..فلابد أن تلتقيا قبل الخطوبة..فالرؤية علی الانترنت تختلف عن الرؤية بالواقع.
--أتقصدين إنه قد لايعجبني أو لا  عجبه بالواقع؟
--شيء من هذا القبيل.
--ياعزيزتي..مادام الحب قد دخل قلبينا..فكل الأشياء الأخری لاتهم..الحب لايعرف ألأسباب ولا الفروقات ولا
الشكل او حتی العيوب..
إختنقت بلسم بعبرتها فإزدرقت ريقها ولمعت عيناها وقالت:
--ماتقوليه صحيح..الحب لايعرف ألأسباب ولا ألعيوب ..
الحب أعمی حقا !
--ياااه..إنظري لنفسك وأنت تقولينها..أنا متأكدة إنك مررت بتجربة حب..هيا تحدثي..إعترفي.
--سأحكي لك..فلنجلس هنا .
جلستا تحت ظل إحدی ألأشجار.وبدأت بلسم بسرد قصة حبها لهيبت .
.........................................................................
جاء موعد سفر هيبت وإستقل الطائرة مودعا صديقه مؤمل
الذي أخبره إنه سيلتحق به عن قريب.
.................................
في الطائرة..أسند هيبت رأسه للخلف  وراح ينظر للسماء عبر نافذة الطایرة وهو يستذكر كل الصدف والاحداث التي جمعته ببلسم.
إبتسم أخيرا وقال محدثا نفسه :
--والله إني لواقع بغرامها..فقلبي يخفق بشدة كلما تذكرتها
وتذكرت ماحدث بيننا..أنا قادم إليك بلسمي .
......................................................
إنتهت بلسم من سرد حكايتها لجنات ،فقالت  :
--ياحبيتي ..لو إنك أعترفت له لكان الوضع مختلفا الآن.
-- أعترف لأحرج نفسي ويخبرني إنني لست صنفه المفضل فأصاب بالخيبة ؟
--أنت بكلا الحالتين مصابة بالخيبة..أقلها كنت جربتِ.
-- كنت أخشی ألأعتراف له خوفا من أن يستغل حبي لنزواته ثم يرميني..فهو لا يؤتمن.
-- مسكينة أنتِ لأنك وقعت بحب رجل هوائي ومنحرف.
--أشعر بالخجل من نفسي وأكره قلبي لأن إختياره غبي !
-- القلب لايملك عقلا..وليس غلطتك إن أحببتِ رجلا كهذا.
نزلت دمعة من طرف عين بلسم فتلقتها بأصابع يدها وقالت
وهي تتظاهر بالقوة :
--المهم إنني بدأت أنسی والحمد لله..فلنفكر بك..يجب أن تلتقي ب..ماإسمه؟
-- إسمه عبدالرحيم.
--يبدو شخصا مهذبا من إسمه.
--وهل يبدو هيبت رجل ذا هيبة؟
وضحكتا عاليا.
وبينما هما مندمجتان بالضحك. تقدم منهما معتز وقال :
-- هلا شاركتماني النكتة ..لعلي أضحك مثلكما؟!
إرتبكت الفتاتان وقالت جنات :
--كنا نتحدث عن ذكريات مضحكة من طفولتنا.
--وكأن لكما ذكريات معا..لقد تقابلتما لأول مرة هذا الشهر.
--لم نقل ذكريات مشتركة..بل كل منا تحكي للأخری ذكرياتها.
كان يتحدث لأخته وهو يرمق بلسم بنظراته المتفرسة
فيما كانت هي مطرقة بتوتر.
وأضاف :
--هيا إذهبي ..إمي تناديك مذ وقت وحضرتك لاتسمعي !فسارت و معها بلسم ،بإتجاه المنزل.
ولاحق بلسم بنظراته الفاحصة وهو يبتسم بمكر.
................................................................
وصل هيبت للبلد مساء. وقرر الذهاب مباشرة لمنزل نرجس
وبلسم في العاصمة.لكنه صدم حين أبلغه المالك الجديد للمنزل إن المرأتين قد تركتا المكان ولا يدري أين ذهبتا.
أحس هيبت بغصة وألم بصدره.وعاد لمنزله خائباً .
وأصر أن يبدأ في اليوم التالي بالبحث عنها.
......................................................،...
كانت بلسم تساعد عمتها بإعداد العشاء. وكانت تقطع الخضار بتوتر واضح. فسألتها نرجس :
-- مابك عزيزتي؟ تبدين منزعجة .
--كلا عمتي..لست منزعجة.
-- لاتحاولي إخفاء شيء عني..أنتِ واضحةٌ كالشمس لي
كما تعرفين.
تنهدت بلسم وقالت :
--أعلم !
--إذا ..فلتخبري عمتك عن الأمر الذي يزعجك أو يشغلك.
--ليس بالشيء الكبير..لقد تحدث لجنات عن هيبت.
--من الطبيعي هذا كونها تقاربك بالعمر..ألهذا أنت منزعجة؟
-- كلا بالطبع..لابأس أن احكي لها..لكن الحديث عن هيبت...
--أوقد بداخلك ناراً كانت خامدةً !
--لم تكن ناراً خامدةً..بل كنت أخفيها بداخلي فحسب !
--ظننت جلبك للقرية سيحسن من نفسيتك ويجعلك تنسين
هذا الرجل.
--ليس بيدي ياعمتي..رغم إدراكي إنه لايستحق الحب..لكن
ليس ببدي.
إقتربت نرجس وأحاطت رأس بلسم بذراعها وقالت بحنان :
--أعلم حبيبتي..ولهذا تركت مدينتي ومنزلي وعملي لأجل أن تعودي سعيدة ولاتربطي مصيركِ برجل قضی حياته بين أحضان النساء.
--أنا آسفة عمتي..جعلتك تتركين كل شيء لأجلي.
--لابأس ياعزيزتي..فأنا أساسا تعبت ولاطاقة لي بالعمل.
--سأكمل دراستي الحامعية وأتخرج وأعمل .
ضحكت نرجس وقالت :
--بإذن الله حبيبتي.
وقبلتها علی رأسها، فتركت بلسم مابيدها وإحتظنت عمتها.
.........،.....................................................
بعد أن إنتهت بلسم وعمتها من تناول عشاؤهما. جلستا
تتفرجان علی التلفاز وهما تتناولان بعض الكرز .
وكان بخاطر بلسم سؤال لعمتها، لكنها كانت مترددة.
لكن عمتها أدركت ذلك فقالت :
--هل هناك سؤال بخاطرك؟
--أ...وددت أن أسالك..إن كان رقم هيبت معك.
--أهاا..للأسف لا ياعزيزتي..فكما تعرفين خط هاتفي القديم
ليس فعالا هنا كثيرا..فغيرته..وللأسف رميت القديم.
--هذا أفضل.
--أفضل ..هاا؟
--نعم أفضل..لابد أنها مشيئة الله أن ينقطع كل ما قد يصلني به.
--ونعم بالله.
ساد صمت بينهما ،بعدها قالت نرجس وهي تنهض واقفة :
--سأذهب للنوم حبيبتي..أتنامين ألآن أم بعد؟
-- سأنام بعد إنتهاء الفيلم.
--حسنا..تصبحين علی خير .
--وأنت من أهل الخير عمتي.
سارت نرجس بإتجاه غرفتها في الأعلی، وبقيت بلسم تشاهد الفيلم بعينيها وقلبها رحل بعيدا عنها.
بعد مايقارب الساعة، كان الفيلم قد إنتهی وأكتفت بلسم
من السهر والتفكير بهيبت.
وهمت بالذهاب لغرفتها، وتذكرت إنها لم تخرج القمامة بعد.
فتوجهت لامطبخ واخرج كيس القمامة وخرجت لتضعه في
صندوق القمامة الكبير خارج المنزل.
وضعته هناك وعادت ادراجها للمنزل، لكنها فوجئت بوقوف معتز وهو يسد عليها المدخل.
تجمدت مكانها وإضطربت خوفا وقالت :
--معتز؟! ماذا تريد؟
--أردت أن أمسي عليك..وأعتذر عن طريقة مقابلتنا في الحقل..لقد كنت متعصبا ولم القِ التحية عليك ِوقتها.
--لابأس..لم يحدث شيء..هل تسمح لي؟
أفسح لها المجال وقال :
--تفضلي..وأعتذر لمجيئي بهذا الوقت.
لم تقل بلسم شيئاً وهمت بالدخول للمنزل. فأعترض طريقها قليلا وقال وهو يقرب وجهه منها وينظر إليها بجرأةٍ :
--أتمنی أن نتحدث لبعضنا غدا.
-- إن شاءلله.
قالتها بإضطراب وخوف وأسرعت لتدخل وتقل الباب خلفها.
فإبتسم هو إبتسامة جانبية وقال يحدث نفسه :
--أظنك ستكونين زوجة المستقبل ايتها الجميلة.
............................................................
في اليوم التالي.
ذهب هيبت لمقابلة المحامي الخاص به، وحاول معرفة رقم نرجس او عنوانها الجديد..أملا في أن تكون قد أعطته معلومات عنها وعن بلسم. فخاب أمله وأحس أنه يختنق.
وعاد ليسأل  هالي منطقتهما التي كانتا تسكنانها عن أي معلومات قد توصلهم إليهما. أخبرته إحدی الجارات إن
نرجس ذكرت لها ذات مرة إنها ستذهب للعيش قرب أقاربهما..وهم بمحافظة السليمانية ،لكنها لاتعرف المكان بالتحديد..وقالت إنها تظن إنها قرية.
لاحه بصيص من الأمل لمعرفة المحافظة التي ذهبتا إليها
وقرر العزم للذهاب والبحث هناك.
رغم إنه يدرك إن البحث عنهما هناك كالبحث عن إبرة في كومة قش.بلد.
--ألآن وقد إنتهی الأمر..أريدك غدا تبدأ بتجهيز أوراق الطلاق ..وتجهيز اوراق سفري لأتعالج خارج البلد.
--بإذن الله .
.....................................................
تم إلقاء القبض علی ميراي ورفيقها جوجو وتم التحقيق معهما وإعترفت ميراي أخيرا بكل شيء. ومكثت بالسجن تنتظر صدور الحكم النهائي عليها.
......................................................
بعد أيام ،كان هيبت خارج البلد، بعد أن طلق ميراي وتركها تواجه عقوبة السجن لمدة خمسة عشر عاما.
أرخی رأسه للوراء علی مقعد الطائرة ، وأغمض عينيه وقال:
--وأخيرا ستذوقين طعم السجن ياميراي..فلتتعفني هناك.
وراح يضحك عاليا.
...............................................
ومرت الأيام.. وكبرت خيبة بلسم بهيبت. وأدركت إنه رجل
لا يؤتمن ولا يعرف الحب لقلبه من طريق.
وكانت عمتها تواسيها وتحاول أن تجعلها تترك التفكير به.
وقالت لها ذات مرة، بعد إنتكاس حالتها :
--حبيبتي بلسم..إنه لايستحق أن تهدري وقتك وعافيتك بالتفكير فيه..أخبرتك قبلا..إن هيبت هذا..يعيش لنفسه فقط..والنساء بالنسبة له مجرد تسلية كباقي هواياته.
أطلقت بلسم تنهيدةً من صدرها وقالت:
--لا تقلقي عمتي..أنا بخير..ولا أفكر بهيبت ..لقد بدأت أتجاوز الأمر..أنا فقط مستغربة كيف لإنسان أن ينسی
هكذا ولا يحاول إن يتصل حتی !
--الآن هو منشغل بالعلاج..سنری عندما يعود..إن كان فيه
أمل أم خيبة أمل !
.............،.....................................
وأما هيبت فقد دخل مشفی خاص وأجريت له عملية جراحية تمت بالنجاح ومقدرته للعودة علی السير من جديد. إلا إنه كان عليه أخذ علاج فيزيائي ودوائي حتی يقف تماما علی رجليه. وقد إستغرق كل هذا سبعة أشهر.
وقف أخيرا علی رجليه وعادت له عافيته وقوته.
وكان برفقته طوال تلك الفترة صديقه مؤمل الذي يقيم بتلك البلاد منذ سنوات.وهو الذي عثر له علی الطبيب الذي أجری له العملية وأشرف علی علاجه.
.........................................
عاد هيبت لمزاولة هواياته السابقة، من سهر وحفلات ونساء
ومؤمل هو الآخر كان يشاركه بتلك الهوايات.
وإستمر علی هذا الحال لعدة شهور، غير إنه كان يشعر بالضيق بين الحين والآخر.
جلس ذات مرة ، بإحدی البارات، وكان يشعر بضيق شديد.
سأله مؤمل:
--لاتبدو لي بمزاج جيدٍ اليوم..أهناك مايزعجك؟
--لا أدري..منذ مدة وانا ينتابني إحساس بالضيق ..أشعر إن
شيئاً ما ينقصني ! ربما أنا بحاجة للعودة للوطن.
--أجل..أظنك لم تعتد الابتعاد كل هذه المدة..أم إن هناك من تفتقده في الوطن؟!
جاء سؤال مؤمل كالصفعة أنعشت له ذاكرته.
فكر بكل ماجری معه..ومر طيف بلسم كسهم ٍ إخترق قلبه
فقال:
--تبا لي..كيف أنسی هكذا؟ يالي من غبي ولا أبالي !
--مابك؟ لمَ تقول ذلك عن نفسك؟
--لو أحكي لك ..فستقول عني أكبر غبي وأناني.
--إحكي لي إذا لأفهم.
وبدا هيبت بسرد كل ماجری له مع بلسم وكيف التقی بها اول مرة..ثم أمر إحتجازها معه ذلك اليوم .
...........................................................
قضت بلسم الشهور الماضية بصعوبة، وكانت عمتها تلاحظ
إنها كالشمعة التي تذوب حتی الإنطفاء، رغم محاولات بلسم بإخفاء تأثرها بغياب هيبت وتجاهله لها.
كانت قلقلة عليها وحاولت بكل الطرق أن تعيد لها حيويتها وبهجتها السابقة .
وأخيرا قررت الذهاب بها لإحدی القری في شمال البلاد.
حيث يتواجد بعض أقاربهما. ولطالما أحبت بلسم أجواء القری والمزارع . فأخذت رأيها وكانت بلسم هي الأخری
ترغب بالهرب مما تشعر به.
فغادرتا العاصمة وإستقرتا بالقرية المنشودة بين عدد من أقاربهما.
................................................
كان منزلا متواضعا وصغيرا،لكنه يبعث عالراحة والدفء.
وعلی مسافة صغيرة من منزلهما، كان هناك منزل أحد أقاربهما، وهم إبن أخت نرجس وزوجته وإبنه الذي يقارب
بلسم بالعمر.وابنتهما التي تصغرها بعامين. والتي كونت مع بلسم صداقة جميلة وكانتا كثيرا ماتخرجا للمزارع القريبة من منزلهما.وتقضيان اوقاتا طيبة بصحبة بعضهما، حتی بدت حالة بلسم تتحسن وتبدو لعمتها نرجس إنها تجاوزت المحنة ، لكن بداخلها كانت لازالت تشكو ألما لايبارح قلبها!
....................................................................
وقرر هيبت العودة للبلد والبحث عن بلسم.
فهل سيجدها أم ستضيع منه كزهرة في مهب الريح؟
..................................................
بعد أن أتم هيبت إجراءات السفر وحجز تذكرة للعودة للوطن. قال له مؤمل:
--ظننتك لن تفارق كل هذا الجمال والمتعة بعد أن قضينا أوقاتا مجنونة.
إبتسم هيبت وقال:
--ألأوقات المجنونة أقضيها إينما أريد..لكن رفقتك كانت رائعة بحق.
--لا تهتم ..كلها أيام والحق بك.
--لو إنك تجلب معك العائلة..لتبقی أطول فترة ممكنة.
--سأری كيف تسير الامور .
--إن شاء الله.
--ماذا ستفعل إن لم تعثر علی البنت؟
--لا تقلها يا أخي..لن أسامح نفسي إن ضيعتها هكذا !
--يبدو إنك واقع جدا..كيف نستها هكذا إذا؟
--ليست مسألة واقع أم شيء آخر..المسألة إن ضميري يؤنبني لأني تجاهلتها وكأن شيئاً لم يكن..كنت أنانيا ولهفتي للعلاج والوقوف علی قدمي ثانية أنستني شكرها
ووداعها بطريقة تستحقها.
--وماهي الطريقة التي تستحقها برأيك؟
ضحك هيبت وضرب علی فخذ صديقه وقال:
--لاتفكر إني سأشكرها بطريقة جريئةوحميمية..بل قصدت أن أنظر لعينيها وأقول لها من كل قلبي إني ممتن لها وأسألها إن كانت بحاجة لشيء أوعالاقل أخذ رقم عمتها
لأبقی علی تواصل معهما.
--برأيي إن كنتما لاتعنيان لبعضكما شيء فألأمر لايستوجبك
تفكيرك وإحساسك بالذنب..أما إن كان بينكما شيء..فلا ألومك .
سكت هيبت وراح يفكر بكل التفاصيل التي حدثت بينه وبين بلسم ،ثم قال :
--لا ادري ..أنا لا أعرف ماهية مشاعري تجاهها..لكن أشعر برغبة عارمة لرؤيتها..أما بالنسبة لها..فأظنها كانت معجبة بي..أو عاشقة من يدري !
--حقك لاتدري..لأنك قضيت عمرك تعاشر النساء من دون حب.فلا تعرف ماهو الحب.
--إشرح لي أنت إذا عن الحب ياروميو !
ضحك مؤمل وقال:
--والله ياصديقي أنا مثلك أجهل كيف يكون الحب..حتی زواجي كان تقليديا.
--عالعموم فإن كل ما أشعر به هو رغبة ملحة برؤيتها و...
--وماذا؟!
--و...لاأدري..اتذكر عينيها وخوفها فأشعر برغبة لضمها بين ذراعيي.
--لا أدري إن كان هذا حبا أم رغبة بعيش تجربة رومانسية معها.
-- سأعرف ذلك حين ألتقي بها !
إن شاء الله.
....................................................
كانت بلسم ورفيقتها جنات تتمشيان بين حقول الورد ..
وكانت بلسم تستنشق عطر الزهور التي ملأت الحقل بسعادة وإنتشاء ، حتی وقع سؤال جنات علی قلبها
كالجمرة التي إتقدت فجأة:
-- أخبريني بلسم..ألم تعيشي قصة حب ؟
-- لا..
-- ولماذا تغير حالك ألآن إن كنت لم تفعلي؟!
--إتركينا من هذه المواضيع جنات..فأنت لازلت صغيرة عليها.
--لست صغيرة عليها..أنا ألآن أعيش قصة حب رغم إني أزغرك بأعوام..فلماذا لم تعيشي قصة للآن؟
--ليس بالضرورة أن نعيش قصة حب..ليس الجميع يمكنه أن يطلق العنان لمشاعره.
--أتودين أن تسمعي قصتي؟
--إن كنت راغبة بالحديث فيسعدني أن أسمع.
--حسنا..سأحكي لك قصتي ..قبل بضعة أشهر فعلت برنامجا للتواصل ونشرت صورة للحقل..فعلق أحدهم
ثم تحدث علی الخاص..وإستمرينا حتی إكتشفنا إننا أحببنا
بعضنا جدا.
--وهل جاء لرؤيتك خلال هذه الاشهر؟
--كلا..فهو من محافظات الجنوب..وتعرفين المسافة بعيدة بيننا.
-- من يحب لاتهمه المسافات !
--صحيح..لكن أنا أيضا كنت أرفض مجيئه..خفت أن يكتشفنا أحد..خصوصا أخي معتز..إنه متعصب جدا.
-- وهل قال لك إنه ينوي الزواج بك ؟
--نعم لهذا يرغب أن نتقابل قبل أن يبلغ أهله برغبته.. بالزواج بي.
--تفكيره صحيح..فلابد أن تلتقيا قبل الخطوبة..فالرؤية علی الانترنت تختلف عن الرؤية بالواقع.
--أتقصدين إنه قد لايعجبني أو لا  عجبه بالواقع؟
--شيء من هذا القبيل.
--ياعزيزتي..مادام الحب قد دخل قلبينا..فكل الأشياء الأخری لاتهم..الحب لايعرف ألأسباب ولا الفروقات ولا
الشكل او حتی العيوب..
إختنقت بلسم بعبرتها فإزدرقت ريقها ولمعت عيناها وقالت:
--ماتقوليه صحيح..الحب لايعرف ألأسباب ولا ألعيوب ..
الحب أعمی حقا !
--ياااه..إنظري لنفسك وأنت تقولينها..أنا متأكدة إنك مررت بتجربة حب..هيا تحدثي..إعترفي.
--سأحكي لك..فلنجلس هنا .
جلستا تحت ظل إحدی ألأشجار.وبدأت بلسم بسرد قصة حبها لهيبت .
.........................................................................
جاء موعد سفر هيبت وإستقل الطائرة مودعا صديقه مؤمل
الذي أخبره إنه سيلتحق به عن قريب.
.................................
في الطائرة..أسند هيبت رأسه للخلف  وراح ينظر للسماء عبر نافذة الطایرة وهو يستذكر كل الصدف والاحداث التي جمعته ببلسم.
إبتسم أخيرا وقال محدثا نفسه :
--والله إني لواقع بغرامها..فقلبي يخفق بشدة كلما تذكرتها
وتذكرت ماحدث بيننا..أنا قادم إليك بلسمي .
......................................................
إنتهت بلسم من سرد حكايتها لجنات ،فقالت  :
--ياحبيتي ..لو إنك أعترفت له لكان الوضع مختلفا الآن.
-- أعترف لأحرج نفسي ويخبرني إنني لست صنفه المفضل فأصاب بالخيبة ؟
--أنت بكلا الحالتين مصابة بالخيبة..أقلها كنت جربتِ.
-- كنت أخشی ألأعتراف له خوفا من أن يستغل حبي لنزواته ثم يرميني..فهو لا يؤتمن.
-- مسكينة أنتِ لأنك وقعت بحب رجل هوائي ومنحرف.
--أشعر بالخجل من نفسي وأكره قلبي لأن إختياره غبي !
-- القلب لايملك عقلا..وليس غلطتك إن أحببتِ رجلا كهذا.
نزلت دمعة من طرف عين بلسم فتلقتها بأصابع يدها وقالت
وهي تتظاهر بالقوة :
--المهم إنني بدأت أنسی والحمد لله..فلنفكر بك..يجب أن تلتقي ب..ماإسمه؟
-- إسمه عبدالرحيم.
--يبدو شخصا مهذبا من إسمه.
--وهل يبدو هيبت رجل ذا هيبة؟
وضحكتا عاليا.
وبينما هما مندمجتان بالضحك. تقدم منهما معتز وقال :
-- هلا شاركتماني النكتة ..لعلي أضحك مثلكما؟!
إرتبكت الفتاتان وقالت جنات :
--كنا نتحدث عن ذكريات مضحكة من طفولتنا.
--وكأن لكما ذكريات معا..لقد تقابلتما لأول مرة هذا الشهر.
--لم نقل ذكريات مشتركة..بل كل منا تحكي للأخری ذكرياتها.
كان يتحدث لأخته وهو يرمق بلسم بنظراته المتفرسة
فيما كانت هي مطرقة بتوتر.
وأضاف :
--هيا إذهبي ..إمي تناديك مذ وقت وحضرتك لاتسمعي !فسارت و معها بلسم ،بإتجاه المنزل.
ولاحق بلسم بنظراته الفاحصة وهو يبتسم بمكر.
................................................................
وصل هيبت للبلد مساء. وقرر الذهاب مباشرة لمنزل نرجس
وبلسم في العاصمة.لكنه صدم حين أبلغه المالك الجديد للمنزل إن المرأتين قد تركتا المكان ولا يدري أين ذهبتا.
أحس هيبت بغصة وألم بصدره.وعاد لمنزله خائباً .
وأصر أن يبدأ في اليوم التالي بالبحث عنها.
......................................................،...
كانت بلسم تساعد عمتها بإعداد العشاء. وكانت تقطع الخضار بتوتر واضح. فسألتها نرجس :
-- مابك عزيزتي؟ تبدين منزعجة .
--كلا عمتي..لست منزعجة.
-- لاتحاولي إخفاء شيء عني..أنتِ واضحةٌ كالشمس لي
كما تعرفين.
تنهدت بلسم وقالت :
--أعلم !
--إذا ..فلتخبري عمتك عن الأمر الذي يزعجك أو يشغلك.
--ليس بالشيء الكبير..لقد تحدث لجنات عن هيبت.
--من الطبيعي هذا كونها تقاربك بالعمر..ألهذا أنت منزعجة؟
-- كلا بالطبع..لابأس أن احكي لها..لكن الحديث عن هيبت...
--أوقد بداخلك ناراً كانت خامدةً !
--لم تكن ناراً خامدةً..بل كنت أخفيها بداخلي فحسب !
--ظننت جلبك للقرية سيحسن من نفسيتك ويجعلك تنسين
هذا الرجل.
--ليس بيدي ياعمتي..رغم إدراكي إنه لايستحق الحب..لكن
ليس ببدي.
إقتربت نرجس وأحاطت رأس بلسم بذراعها وقالت بحنان :
--أعلم حبيبتي..ولهذا تركت مدينتي ومنزلي وعملي لأجل أن تعودي سعيدة ولاتربطي مصيركِ برجل قضی حياته بين أحضان النساء.
--أنا آسفة عمتي..جعلتك تتركين كل شيء لأجلي.
--لابأس ياعزيزتي..فأنا أساسا تعبت ولاطاقة لي بالعمل.
--سأكمل دراستي الحامعية وأتخرج وأعمل .
ضحكت نرجس وقالت :
--بإذن الله حبيبتي.
وقبلتها علی رأسها، فتركت بلسم مابيدها وإحتظنت عمتها.
.........،.....................................................
بعد أن إنتهت بلسم وعمتها من تناول عشاؤهما. جلستا
تتفرجان علی التلفاز وهما تتناولان بعض الكرز .
وكان بخاطر بلسم سؤال لعمتها، لكنها كانت مترددة.
لكن عمتها أدركت ذلك فقالت :
--هل هناك سؤال بخاطرك؟
--أ...وددت أن أسالك..إن كان رقم هيبت معك.
--أهاا..للأسف لا ياعزيزتي..فكما تعرفين خط هاتفي القديم
ليس فعالا هنا كثيرا..فغيرته..وللأسف رميت القديم.
--هذا أفضل.
--أفضل ..هاا؟
--نعم أفضل..لابد أنها مشيئة الله أن ينقطع كل ما قد يصلني به.
--ونعم بالله.
ساد صمت بينهما ،بعدها قالت نرجس وهي تنهض واقفة :
--سأذهب للنوم حبيبتي..أتنامين ألآن أم بعد؟
-- سأنام بعد إنتهاء الفيلم.
--حسنا..تصبحين علی خير .
--وأنت من أهل الخير عمتي.
سارت نرجس بإتجاه غرفتها في الأعلی، وبقيت بلسم تشاهد الفيلم بعينيها وقلبها رحل بعيدا عنها.
بعد مايقارب الساعة، كان الفيلم قد إنتهی وأكتفت بلسم
من السهر والتفكير بهيبت.
وهمت بالذهاب لغرفتها، وتذكرت إنها لم تخرج القمامة بعد.
فتوجهت لامطبخ واخرج كيس القمامة وخرجت لتضعه في
صندوق القمامة الكبير خارج المنزل.
وضعته هناك وعادت ادراجها للمنزل، لكنها فوجئت بوقوف معتز وهو يسد عليها المدخل.
تجمدت مكانها وإضطربت خوفا وقالت :
--معتز؟! ماذا تريد؟
--أردت أن أمسي عليك..وأعتذر عن طريقة مقابلتنا في الحقل..لقد كنت متعصبا ولم القِ التحية عليك ِوقتها.
--لابأس..لم يحدث شيء..هل تسمح لي؟
أفسح لها المجال وقال :
--تفضلي..وأعتذر لمجيئي بهذا الوقت.
لم تقل بلسم شيئاً وهمت بالدخول للمنزل. فأعترض طريقها قليلا وقال وهو يقرب وجهه منها وينظر إليها بجرأةٍ :
--أتمنی أن نتحدث لبعضنا غدا.
-- إن شاءلله.
قالتها بإضطراب وخوف وأسرعت لتدخل وتقل الباب خلفها.
فإبتسم هو إبتسامة جانبية وقال يحدث نفسه :
--أظنك ستكونين زوجة المستقبل ايتها الجميلة.
............................................................
في اليوم التالي.
ذهب هيبت لمقابلة المحامي الخاص به، وحاول معرفة رقم نرجس او عنوانها الجديد..أملا في أن تكون قد أعطته معلومات عنها وعن بلسم. فخاب أمله وأحس أنه يختنق.
وعاد ليسأل  هالي منطقتهما التي كانتا تسكنانها عن أي معلومات قد توصلهم إليهما. أخبرته إحدی الجارات إن
نرجس ذكرت لها ذات مرة إنها ستذهب للعيش قرب أقاربهما..وهم بمحافظة السليمانية ،لكنها لاتعرف المكان بالتحديد..وقالت إنها تظن إنها قرية.
لاحه بصيص من الأمل لمعرفة المحافظة التي ذهبتا إليها
وقرر العزم للذهاب والبحث هناك.
رغم إنه يدرك إن البحث عنهما هناك كالبحث عن إبرة في كومة قش.

إنكسار مؤقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن