حرك عجلات كرسيه بإتجاه السلم ، محاولا التمرد
على وضعه الجديد. إقترب ليمسك بالدربازين
الخشبي للسلم.
وضغط بكلتا يديه وراح يعتصر كل قوته وغضبه
ليحث ساقيه على الوقوف والتحرر من حالة الشلل التي اصابتهما وظل تحت رحمة من لا ترحم.
تصبب عرقاً وبرزت عروقه بشدة ، وهو يحاول ،
لكن المحاولة باءت بالفشل وسقط ليرتطم بدرجات السلم وهو يصرخ بغضب كبير.
مد يده ليسحب كرسيه المتحرك نحوه. وإلتقطه بصعوبة فجره ناحيته وحاول تسلقه ليعود ويرتمي بأحضانه.
وفُتِحَ باب المنزل الكبير، لتدلف تلك الجميلة المتانقة جداً.وإلى جانبها رفيقها الذي بدا انيقاً هو الآخر.
خطت بخطوات متكبرة نحوه، ونظرت إليه وهو يحاول العودة لكرسيه. فهزت رأسها وإبتسمت بسخرية وقالت:
ــ كم أنتَ عنيد ! قلت لكَ لا تتعب نفسك بالمحاولة فأنتَ عاجز !
نظر إليها بغل وغضب وقال:
ــ لن يطول مابي..سأقف على قدمي من جديد وستندمين !
ضحكت مستهزأة وقالت محدثة رفيقها:
ــ عزيزي جوجو ساعده على العودة لكرسيه.
إقترب المدعو جوجو من هيبت وحاول مساعدته. لكن الاخير ضرب يده ودفعها وهو يقول بنفس الغضب:
ــ أبعد يدكَ القذرة عني !
هز جوجو رأسه وقال:
ــ كما قالت ميراي ..فأنتَ حقا عنيد ولا تستحق الشفقة .
_لستُ انا من يحتاج لشفقةٍ..بل انتما ايها القذرين !
ضحكت ميراي وقالت :
_لماذا؟ أنحن مقعدان ولانعلم؟!
وشاركها الضحك جوجو.
فأحس هيبت بالقهر و إستطاع أخيرا العودة للجلوس
على كرسيه والابتعاد عنهما بإتجاه غرفته.
فيما جلست هي ورفيقها ببهو المنزل وقالت بتململ :
_ كيف سأخلص من هذا الكابوس !
_ ضعي له القليل من الزرنيخ في الطعام وينتهي !
_يالك من ذكي..وماذا عن الورث؟ لقد كتب وصية لا يطولني منها شيء..اللعين !
_ إجبريه على التنازل لك بكل شيء فهو الآن لاحول ولاقوة !
_ وكيف برأيك سأجبره إن كانت الوصية لدى المحامي الخاص به وقد اكد ان لا يتم اي عقد إلا أمامه ؟!
_ زوجك هذا رجل ماكر وذكي !
_ لاتقل زوجي...فانا اكره كونه زوجي..هذا العاجز !
_ لا عليك..سنجد طريقة للتخلص منه ومن وصيته.. وسنعيش انا وانت بسعادة يا حبيبتي.
_ كم اتلهف لهذا اليوم الذي اخلص من كابوس هيبت
واعيش معك لتعوضني عن كل ما ينقصني مع هذا العاجز المتعجرف .
................................................
ظل هيبت يحملق بساقيه ويعصرهما بغضب، وشرد ذهنه
وعادت به ذاكرته بعيدا لسنوات مضت.حين التقى بميراي
وتزوجها ،ثم الحادث الذي تعرض له فأصابه بشلل
في ساقيه ثم تحول ميراي لعدوة له حيث كرهته واستحقرته
وبدأت بتعذيبه وسجنه بمنزله، حتى يذعن لها ويتنازل لها بكل املاكه ، لكنه ظل رافضا فاستمرت هي بتعذيبه.
وبعد إنتهاء الذكرى ،صرخ عاليا بكل غضب وقهر.
........................................................
عودة إلى الماضي:
#قبل سنتين:
......................
بدا هيبت بكامل وسامته واناقته وهو يرتدي بزته السوداء المصممة من قبل ارقى الماركات العالمية. وشعره المهذب بترتيب شديد وذقنه الاملس الذي يجعله يبدو كعارضي الازياء .
كان محط اعجاب جميع النساء بذلك الحفل الذي
اقامه دون مناسبة. فقد أعتاد على إقامة الحفلات بمنزله الكبير لمجرد اللهو والأستمتاع بالوقت وبالنساء !
زير نساء..هكذا كان والنساء كانت تتسابق لنيل رفقته طمعا بماله وجماله ورجولته.
بدأ بمراقصة أغلب النساء المتواجدات..حتى وصل دور
ميراي فراحت تدور معه وتتغزل فيه وتحدثه بغنج ودلال.
حتى أصبح حديثهما أكثر عمقا وجرأة.فأثارته بشدة ولم يعد يحتمل.
وخلف الكواليس كانت هناك تلك المسحورة بوسامته كبقية النساء. لكنها لم تكن كبقيتهن بالاناقة والثراء.
فقد كانت مجرد فتاة عادية جاءت لمساعدة عمتها نرجس التي تعمل كطاهية .
راحت تنظر إليه مليا وقلبها يكاد يتقطع من فرط الحب والغيرة التي تشعر بهما وهو يراقص تلك الجميلة المغرورة ميراي. ولاحظت إنهما بدءا بسلك طريق
نحو مكان منعزل بعيدا عن الحاضرين.
فانقبض قلبها وتلألأت عيناها حزنا.
جاءها صوت عمتها من خلفها:
_ بلسم.. مالك تقفين هكذا؟ خذي هذا الشراب للسيد هيبت لقد طلبه قبل قليل.
_ هه.. قصدك قبل ان تغريه إحداهن ويبتعد !
_ أين يبتعد؟!
_ إنظري بنفسك كيف تغويه وكيف ابتعد بها عن الانظار.
_ أكنت تراقبينه ؟!
_ ولماذا اراقبه؟ رجل مبتذل وزير نساء !
_ إذا لاتنظري إليه واطرديه من تفكيرك .
_ انا لا افكر به عمتي !
مسحت نرجس على وجهها وقالت:
_ أنت صغيرتي التي ربيتها واعرف أنك معجبة بهيبت..
لكنه ياابنتي رجل يعيش لنفسه فقط..فتجاهلي مشاعرك تجاهه لترتاحي .
كانت بلسم مقتنعة بكلام عمتها وتؤيده، لكن ياليت قلبها يدرك ذلك ويرحمها من حبه.
كان هيبت وميراي قد أختفيا كليا عن الانظار.
واطلقا العنان لشهواتهما هناك .
......................
بعد أنتهاء الحفل ومغادرة جميع المدعوين وأخرهم كانت ميراي. بدأ بأنتزاع ربطة عنقه وخلع سترته
ورمى بها إلى
جنبه فوق الأريكة التي جلس عليها بأرهاق.
مد ذراعيه جانبا وإتكأ براسه للخلف وهو يصيح:
_ هل لي بشاي او قهوة او اي شيء..الصداع سيقتلني !
قالت نرجس: حاضر ياولدي..ثواني وسيكون عندك.
كان الشراب الساخن جاهزا بحافظة الحرارة(الترمز)
فنرجس تعرف جيدا أن هيبت سيطلبه فهذا عادة مايفعله
بعد كل حفلة يقيمها بسبب الصداع الذي يلازمه بعدها.
جهزته فقالت بلسم بحياء:
_ أأخذه إليه أنا؟!
_ لابأس خذيه..لكن لا تسمحي له بأخذ قلبك !
سارت بماتحمل من شراب ساخن إليه.
وضعته أمامه وكان لازال يستند للخلف بذراعيه
ورأسه وهو مغمض العينين. فراحت تمعن النظر اليه وتمنت لو
انها تلمسه او تدلك له رأسه وتخلصه من صداعه. ثم انتبهت وقالت: تفضل شراب الزنجبيل الساخن سيد هيبت.
أستعدل بجلسته ورآها فقال:
_ أأنت جديدة هنا؟!
_ أنا هنا لمساعدة عمتي نرجس فقط.
_أهاا..شكرا .
غادرت مبتعدة وقد اثارت نظراته لها التوتر والارتباك وزادت ضربات قلبها سرعة وقوة. رغم برودة تلك النظرات
فهي رغم جمالها الطاغي ورقتها ،إلا إنها لم تكن من
نوع النساء الذي إعتاد العبث معه.
......................................
قضت بلسم ليلتها تفكر بهيبت وتتخيل وجودها بين يديه.
وتحسد النساء اللاتي يعشن قريبات منه.
...............................................
توطدت علاقة هيبت بميراي خلال بضعة اشهر حتى قرر
إعلان خطوبتهما .
وكان الخبر كالسكين تقطع قلب بلسم إلى أشلاء.
وكان قد سنحت لها الفرصة للالتقاء به مرة اخرى.
حيث ارسلت عمتها أليها لجلب بعض الاشياء التي تحتاجها من السوق.وطلبت ان تجلبهم بنفسها لمنزل هيبت لكونها مشغولة وغير قادرة على مغادرة المطبخ.
...................
حملت بلسم الاشياء التي تسوقتها لعمتها، وكانت اكياس من الخضروات وبعض المعلبات وغيرها.
وكانت تحاول حملها كلها دفعة واحدة، فلم تكفي ذراعاها لتحتوي الجميع ،فسقط بعض الاكياس وحاولت جمعها فتبعثرت الاكياس الاخرى.
وحدث ذلك تزامنا مع ظهور هيبت امامها، أنحنى لمساعدتها ولملم الاشياء معها، تحت صدمتها باناقته
و انجذابها لعطره الآخاذ الذي جعلها تسرح دون حراك .
وضع الاشياء بحضنها ولاحظ شرودها به، فأبتسم بغرور وقال:
_أأنت بخير أنستي؟! أأنت مصدومة بوسامتي ؟
_ هاا؟ أنا؟ أنا اسفة ..أعتذر.
ضحك وقال:
_ ولما الأسف؟ احب ان اسحر النساء وأغويهن..اتودين عيش تجربة معي؟
_ سيد هيبت ..انا لست هنا لأبيع نفسي كنسائك اللاتي تعرفهن..شكرا لمساعدتك!
وابتعدت عنه بما تحمل ، فقال لها:
_ أنتي جميلة ومغرية ..مع إنك لست صنفي المعتاد.
_ أنا لست صنفك الرديء ولا صنف خطيبتك حتى !
_ أحذري من لسانك يافتاة ! قد اغضب ولن يعجبك غضبي.
التزمت الصمت وغادر هو بسيارته بعد ان رمقها بنظرة وعيد.
.................................................................
كان كثيرا ما يخرج للسهر مع ميراي ، وكانت تحدثه على الاسراع بالزواج ،قبل ان يغير رايه، فهي تعلم جيدا كم إنه متقلب ولا يعرف الحب لقلبه من طريق.
ورغم كونه قد خطبها إلا إن ذلك لم يمنعه من الأستمرار بمواعدة النساء وجلبهن لمنزله أغلب الليالي، على مرآى من بلسم وعمتها ،التي أحست بألمها وذبولها بسبب حبها لهذا الرجل العابث.
قالت لها:
_ ليتني لم احضرك لمساعدتي هنا !
_ لما تقولين ذلك ياعمتي؟
_ لأني اراك تعانين بسبب هيبت.
_ لست اعاني بسببه..انا فقط ..اكره مايفعله ..إنه مقزز .
_ مقزز ..قوليها لقلبك عله يكف عن حبه.
_ عمتي ! من قال إني احبه؟
_ كل شيء فيك يقول ذلك !
تنهدت بلسم وأحست بالانهيار ،لكنها تماسكت وقالت:
_ ألم ينتهي وقت عملك ؟ ألا نغادر ؟
_ سنغادر حالا..سأنتهي من ترتيب الاشياء.
_ ساخرج لأنتظرك في الحديقة عمتي.
_ حسنا حبيبتي.
وخرجت لتجلس بالارجوحة المتواجدة بالحديقة الخارجية للمنزل، منتظرة خروج عمتها.
عاد هيبت من سهرته خارج المنزل. وشاهد بلسم تتأرجح بهدوء. فإبتسم بمكر وقال: انظروا من هنا..بأنتظاري !
فزعت ونزلت لتقف وتقول بارتباك:
_ من هذه التي بإنتظارك؟! لست انا أكيد !
_لابد أنك قررتي خوض التجربة معي؟
واقترب منها وامسك بيدها وجرها نحوه، فشهقت وقالت:
_أتركني ايها العابث..لست رخيصة لأكون مومس لك !
_لابأس من التجربة حتى لو لم تكوني مومس..ستعجبك صدقيني ولن تندمي.
ضلت تتلوى لتخلص نفسها من قبضته وهي تقذفه بكلمات السباب.
حتى جاءت عمتها وشاهدت المنظر. فقالت: سيد هيبت !
فتوقف هيبت حين رآها وادرك إنه تسرع بتصرفه.
فافلتها وقال: كنت امزح معها..فهي اصلا ليست..
نوعي المفضل.
فصاحت به بلسم : ولا انت ايضا نوعي المفضل !
ضحك وابتعد ليدخل منزله .فسألته نرجس إن كان يحتاج لشيء قبل ذهابهما . فشكرها قائلا:
_ شكرا ..لا اريد تعطيلكما .
_ لقد جهزت لك الشاي ..ستجده بالحافظة وهناك
بعض الكعك بالثلاجة.
_ انت رائعة يانرجس !
_ ليحفظك الله ياولدي..تصبح على خير .
_ وانت من اهل الخير.
..................................
#عودة إلى الحاضر:
...........................
جلست بلسم تفكر بشرود. فلاحظت عمتها شرودها الطويل.
وسألته:
_إلى أين وصلت ياترى؟!
إنتبهت بلسم من شرودها وأحست بالأرتباك وقالت :
_ أ..لم اصل لشيء !
_ كل هذا الوقت ولم تصل؟ ألم تمري بأحدهم؟
_وإن مررت ! فلا يفيدني التوقف ..وسأعود خائبة !
_ هيبت ! ألن تستسلمي بعد وتتركي طيفه يغادر خيالك؟!
_ ليت الأمر بهذه السهولة !
_ لقد تزوج..وسافر بعيدا .
_ ولم ميراي موجودة وليست مسافرة معه؟
_ ميراي امسكت بزمام امور الشركة..لان هيبت سافر ليتعالج.
_ وهل سيشفى ويقف على قدميه من جديد؟
_ لم لا ..فإرادة الله فوق كل شيء.
_ ونعم بالله..لكن ميراي هذه متكبرة ومغرورة..وحتى انت تخلت عن خدماتك.
_ الحمد لله على كل حال يا ابنتي..فانا ازاول عملا جديدا وراضية بما اجنيه منه.
_ لكن لن يكون بأمكاننا الإطمئنان على هيبت بعد الآن !
_ حتى رقم هاتفه مغلق..لكن بإذن الله سنجد طريقة لنسأل بها عن احواله.
أومأت بلسم بالأيجاب وهي تشعر بالضيق.
................................................................
في يوم آخر..
كعادته منذ سنة خلت..يجلس بكرسيه المتحرك
أمام النافذة التي تطل على حديقة المنزل الخارجية ، والتي كانت محكمة الإغلاق ،بل إنها مغلقة ولا تفتح اساسا .وهذه إحدى وسائل ميراي للإبقاء على هيبت محتجزا داخل المنزل.
لقد أعلنت للجميع إن زوجها هيبت قد سافر خارج
البلد ليتعالج بعد الحادث الذي حصل معه واقعده.
فيما كانت هي تريه كل انواع العذاب والاستفزاز
حتى يستسلم ويذعن لها ويتنازل عن ثروته. لكنه
ظل مقاوما ومعاندا بإنتظار لحظة الفرج.
نزلت من الطابق الأعلى ، وكعب حذائها يصدر طقطقة ، لطالما كره سماعها لأنها تنذره بوجود
اسوأ شيء حدث له بحياته، حين ارتبط بها
وخانت الارتباط وظلمته بقسوة.
توقفت امامه ونظرت إليه بإزدراء وقالت:
_ علي الذهاب لحضور إجتماع العملاء في دبي..سأتغيب ليومين..تعرف كيف تخدم نفسك.
_ وطبعا عشيقك جوجو سيكون برفقتك !
ضحكت بسخرية اقتربت منه قائلة:
أوتغار علي؟!
_ بل اذكرك بقذارتك !
امسكت بكوب الماء القريب منها ورشقته بوجهه ،فجدحها بنظرة إحتقار وقال:
_ كل شيء يسجل عليك...وأعدك إني سأرد لك الصاع صاعين !
_ إسمع هيبت..لقد اتعبتني واتعبتك..إن اردت الخلاص..فكر جيدا وقرر..سأمنحك وقتا حتى
عودتي من دبي..سأعيد لك حريتك..ماذا تريد
اكثر من هذا؟!
تصاعد إنفعاله وضم قبضته بقوة وزم شفتيه
بغضب لكنه تماسك وقال:
_ سأفكر بالامر !
لم تصدق ماسمعت، فقالت:
_ عليك ان تفكر حقا..قبل أن تضيع سني عمرك
وانت
لا تدري !
_ سافكر بالامر وقد نصل لإتفاق..لكن لي طلب.
_ تكلم.
_ أنا بحاجة لمن يهتم بي..ولو ليوم واحد..بحاجة
لمن يجهز لي لقمة نظيفة لأكلها.
_ الاكل يملأ الثلاجة ولديك المايكروويف ولديك تكاية تعينك لدخول الحمام ..فماذا تريد بعد؟!
فصرخ بغضب:
_ اريد بشري يهتم بي بحق الحجيم !
واضاف بعد ان هدأ :
_ نفذي لي هذا لطلب وسنتوصل لإتفاق عند عودتك..
أعدك بذلك .
نظرت إليه جليا، ثم قالت:
_حسنا..موافقة..لكن من اين اجد شخصا مطيعا وكيف
اضمن انك لن تستخدمه ضدي؟
_ أختاري شخصا بنفسك وعلى معرفتك..إرشيه بالمال او هدديه..او حتى اسجنيه معي لحين عودتك ! عليك اللعنة !
_أظن إن الأقتراح الاخير مناسب.
_ يالك من مريضة!
_ أتريد شخصا حتى لو سجنته معك؟ أم اغادر
الآن وتبقى بمفردك؟
_ حسنا..أي شيء ..اي شخص..وليكن شخص يعرف التنظيف وطبخ الطعام.
_ ألديك شخص معين؟
_لا..لحظة..دعيني استذكر قليلا...نرجس الطاهية..
أتذكرينها؟ رقم هاتفها موجود بهاتفي وبدليل الارقام.
_ ولم هي بالذات؟
_ ليس هناك من سبب..كانت تعد الطعام المفضل لي..
كانت كوالدة لي.
_ اممم..حسنا..سأبحث عن رقمها وارى ..رغم كرهي لها.
واسرعت لتصعد..وتعود بدليل الهاتف الصغير..وتبحث
عن اسم نرجس ورقمها ،حتى وجدته ، وأتصلت بها.
.....................................................................
كانت تستعد للذهاب لعملها الجديد بأحد معامل الخياطة.
عندما رن هاتفها وأجابت :
_ نعم.
_ كيف حالك نرجس؟
_ بخير الحمد لله..من معي ؟
_ أنا ميراي..زوجة هيبت.
_ يا اهلا وسهلا..تفضلي أأخدمك بشيء؟
_ بصراحة انا فعلا بحاجة لخدماتك..ليوم واحد
على الاقل
_ أنا تحت امرك ..لكن..
_ من دون لكن رجاءا..انا بحاجة ماسة لك ..اليوم فقط صدقيني..ولك ماتأمرين به.
_ ليست مسألة مال صدقيني..لكن انا مر.....
_ نرجس..هيبت يريد ان تطبخي له الأكل الذي يحبه .
_ هيبت؟ هل عاد من سفره؟ هل تعالج؟
_ تعالي لرؤيته واسأليه بنفسك.
_ حسنا ..سارى مايمكنني فعله.
_ لاتتأخري..نحن بأنتظارك الآن.
_ الآن؟! سارى واعاود الاتصال بك.
_تمام.
أغلقت الخط والتفتت لهيبت قائلة:
_ هااا؟ لقد نفذت طلبك..وعليك بتنفيذ طلبي
حين أعود.
_ لك ذلك .
................................
حدثت نرجس بلسم بما دار بينها وميراي، فخفق قلب بلسم وهي تسمع اسم هيبت وتعلم بعودته.
ومع حيرة نرجس، إقترحت عليها بلسم الذهاب
بدلا عنها.
كانت تتحدث بدون وعي ، ارادت فقط أن تراه وتطفي نار قلبها برؤياه.
فكرت نرجس قليلا، ثم وافقت على اقتراحها، فلا داعي لتخاف عليها من هيبت ،فهو متزوج الآن وعاجز ايضا.
اتصلت بميراي وابلغتها أنها سترسل أبنة اخيها بدلها..وهي الاخرى طاهية ماهرة وعاملة نظافة جيدة.
إمتعضت ميراي لذلك لكنها قبلت لتنهي الامر وتسرع بالسفر.
إنتظرت حتى وصلت بلسم وفتحت لها الباب لتدلف ويتفاجأ هيبت بها، وتتررق عيناها بدموع حبيسة لرؤيته.
قال:
_ هذه ليست نرجس ؟!
_ هذه ابنة اخيها..نرجس قالت انها طاهية ماهرة وعاملة جيدة..لافرق بينهما على ما اظن..مع إن هذه شابة وقد تغويك...اووو...نسيت ..أنت عاجز وغير قادر على تلبية رغبات أحداهن .
والتفتت لبلسم وقالت:
_ سأغادر الآن..وانت ستبقين لتلبي طلباته .
واضافت :
_ الديك هاتف؟
أومأت بلسم بالنفي.
فاحس هيبت بالياس،وادركت ميراي ذلك.فإقتربت
منه وقالت:
_ أراك انزعجت..أكنت ترغب بالحصول على هاتف ما؟
_ عليك اللعنة ! دعي البنت تعود من حيث أتت..
ولا اتفاق بيننا !
_ أتتراجع ايها الجبان؟
_ إنها مجرد فتاة صغيرة ولن تقوى على العناية بي !
كانت بلسم مصدومة من رفضه لها. فأطرقت بحزن.
وراح هو ينظر اليها مليا، ثم قال:
_حسنا..اريدها.
_ وستنتوصل لإتفاق ؟ اليس كذلك؟
_ نعم..أعدك.
_حسنا..أنا ذاهبة..يمكنك ان تشرح لها ما قد يقلها.
وخرجت واقفلت الباب عليهما.
نظرت إليه بلسم وتسآلت:
_أ..ماذا..قصدت زوجتك؟
_لاتقولي زوجتي !
_لكن...
_ قصدت إنها ستحبسك معي..فأنا حبيس هنا
منذ سنة.
_ماذا؟! أنت هنا منذ سنة؟ ألم تخرج ولم تسافر للعلاج؟
_ هذه العاهرة ملت مني بعد اصابتي وطمعت باملاكي...حبستني وعذبتني وقطعت عني كل
وسائل التواصل مع البشر..أنت اول بشر التقي به منذ سنة...هي طبعا ليست بشرية..هي وعشيقها القذر.
_ هل حقا عانيت كل هذا؟!
وسقطت دمعاتها..فقال:
_وانت الآن حبيسة معي.
_ لايهم !
_ لايهم؟
_ نعم..اقصد..أنا يسعدني ان اساعدك وأنفذ لك رغباتك.
إبتسم بمكر وقال:
_ مهما كانت رغباتي؟
_ لازلت كما أنت ..ظننتك تغيرت !
_وماذا يفيد ان اظل كما انا؟ لم اعد قادرا على فعل شيء..أي بمعني لم اعد اخيفك كالسابق !
_ لم اكن أخافك سابقا.
_ أحقا؟ ماذا عن تلك المرة التي وجدتك تتأرجحين بحديقة منزلي..وامسكت بك فصرت تتلوين كالفراشة بقبضتي؟
_ أتذكر؟!
_ واذكر ايضا إنك كنت تقولين إني لست نوعك المفضل.
_ انت قلت عني ذلك اولا !
إبتسم وادار كرسيه ليقترب منها، وخفق قلبها من جديد، وقال هو:
_ حسنا أأنت مستعدة لتلبية طلباتي؟
_ اطلب ماتشاء.
_ لا ادري ما اريد...احقا لاتملكين هاتفا؟
_ لقد تعطل منذ فترة .
_لابأس..سنجد طريقة لتوصليني بها للمحامي الخاص بي..
اما الآن..فلنستغل الوقت بفعل أشياء افتقدها منذ زمن.
_ أترغب بأكلة معينة؟ ام تود ان احلق لك ذقنك؟
_ أتجيدين الحلاقة؟
_ لا..لكن مجرد اقتراح.
_ سأحلقه بنفسي..لكن ميراي افرغت الحمام الارضي من كل مواد التنظيف والحلاقة..اصعدي للطابق الاول وابحثي في الحمام عن ادوات حلاقة وغسول الشعر .
_ حاضر.
واسرعت للأعلى وعادت بعد دقائق وهي تحمل بعض ادوات الحلاقة وغسول الشعر واشياء اخرى.
وقالت:
_ لقد جلبت ايضا غسولا للجسم و كريم ترطيب وعطر.
_ احسنت..ضعيهم في الحمام.
ذهبت لتضعهم في الحمام خاصته. وعادت اليه بلهفة.
فقال:
_ سأدخل لاستحم واحلق..وانت جهزي لي طعاما منزليا
تجيدينه.
_ حاضر.
وحرك كرسيه ودلف إلى الحمام، وتوجهت هي للمطبخ وبدات بالبحث عما تطهوه له..بكل حب ولهفة ،رغم انكسار قلبها لرؤيته بهذا الحال.
أنت تقرأ
إنكسار مؤقت
Romansaثري وسيم ، زير نساء ، يملك الدنيا بين يديه ، لكن...الزمن يدور فيقع تحت رحمة من لاترحم بعد إصابته بحادث يقعده ، فكيف سيكون حاله وهل سيقف من جديد ويعود لحياة الصخب والمغامرة؟ وما حال تلك التي تعشقه من بعيد ؟