نسمات لطيفة منعشة تعطر الأثير بهمسها الناعم .. تحكى له قصة الحياة نفسها قبل أن يوجد الوجود، وهدوء تام يسكن الهواء فكأنما نامت الدنيا وغفا معها الأحياء.. كل الكائنات وقفت فى اشتياق تقبل الصبح الجديد ..الجبل الكبير الوردى يضع فوق رأسه قبعة من الغيوم البيضاء ويشير للشمس أن تهدأ قليلا وتتمهل ..أن تلتقط أنفاسها, فيتسلل ضوؤها بخجل .. مبهم كأنما يأتى للعالم من وراء زجاج بللته قطرات الندى، تتناثرالوعول البيضاء فى الوديان الخضراء المترامية المتاخمة لسفحه المنبسط الفسيح, والمروج الخضر الممتدة تحتضن أزهارها بحنان فى مشهد كل ما فيه ينطق بالروعة، وفجأة .. يخترق السكون ظلان يتقافزان بين الزهور لشاب وفتاة انطلقا يعدوان خلف الفراشات الملونة بألوان زاهية يعانق الأحمر فيها الأصفر، يمسكها بيديه فيقدمها لها، ثم تمسك هى بفراشة تنثرحولها نجومًا لامعةً وتقدمها له وهكذا .. يقفان ليلتقطا أنفاسهما المتسارعة من أثر الجرى .. كان الفتى شابًا أبيض اللون أسود العينين فاحم الشعر، متوسط الطول رياضى القوام .. أما الفتاة فقصيرة ضئيلة الجسم تمشي فى رقةٍ رسمت سماتها على ملامحها فيكاد كل شئ فيها أن يكون صغيرًا رقيقا .. كفاها ورأسها ذو الشعر الأسود القصير .. وجهها الأميل للاستدارة وعيناها السوداون اللتان ارتفعتا للأفق تراقب سرب طيور ضخمة تحلق نحو الغرب.. أمعنت النظر فرأت الطائر الضخم (تنين) يطير بخفة محلقًا يحمل فوق ظهره عملاقا أصفر..جذبت يد الفتى لكى يرى ما تراه فوجدته مشغولًا بالتحديق فى بئر نبع تحت قدميه فجأة .. يناديه من قاع البئر طفل صغير نبت قرنان فى رأسه، يدعوه لكى يساعده على الخروج ..انبطح الفتى على بطنه أرضًا يمد يده للطفل حتى إذا ما أخرجه من البئر جرى الطفل مبتعدًا ثم نبت له جناحان أخذا يتمددان بسرعة وطار محلقا فى الجو, وبينما يراقبان الطفل الذى طار مبتعدًا فى السماء سمعا صوتًا فالتفتا نحوه ليجدا الوعول البيضاء التى كانت ترعى فى السهل أحاطت بهما فى حذر.. تنادى الفتاة أحدها فيتقدم الوعل إليها ويحييها بصوته الهادئ:
- صباح الخير
ترد الفتاة بصوتها الموسيقى :
- صباح الخير.. هل لك أن تدلنى على مكان كوخ قريب فنحن متعبان؟
ينظر الوعل للشاب الواقف خلفها بتمعن وكأنه يفحصه ويقول:
- هناك فى آخر الغابة ستجدين كوخ الأمنيات
سألته بحيرة :
- وما هو كوخ الأمنيات؟
أجاب الوعل بهدوء حكيم:
- كوخ سحرى ..ما أن يدخله أحد ويتمنى شيئًا إلا تحققت أمنيته فى الحال
استمع الفتى لما يقوله الوعل مذهولًا ولكنه لم يعقب
وقالت الفتاة فى امتنان:
- شكرا لك أيها الوعل الطيب وبأناملها الرقيقة تداعب هامته فيطرق برأسه فى حياء قائلا:
أنت تقرأ
مملكة الأحلام
Fantasiaرواية مملكة الأحلام رواية فتنتازيا فازت بجائزة كاتب الشهر لدار ببلومانيا للنشر والتوزيع وأصدرت من خلالها