تشابكت الأيدى بلهفة كأنها تشكو ألم الفراق ووحشة الاشتياق، وتحدثت الأنامل بوحى الحب، وشردت العيون فى دنيا من الصمت تلقى على الأثير قصائدًا من شعر يقرأ بالإحساس .. انطلقت الذكريات تعدو فوق صحراء الحنين حتى تصل الى واحة الألفة .. ذكريات تحكى فرحة أول لقاء .. فى نفس المكان التقيا منذ عامين .. فى نفس الموضع ولد حبهما وتنفست لحظات السكون صخبًا انفجر فى فراغ حياتهما من وجيب قلبين ينادى كل منهما الآخر .. أشرق فجره فى ليلائها فملأ سماءها نورا .. وأمطرت سحائبها فى بيدائه فماجت حدائقًا وزهورا، وعلى مائدة صغيرة مستديرة وأمامهما علبتان من (الكولا) جلس عصام ورحاب التى تنهدت وأرجعت رأسها للخلف وهى تسأله :
- هل تعلم متى كانت آخر مرة خرجنا سويًا ؟
كانت نبرة العتاب فى صوتها واضحة المعنى, غير أنه تعمد تجاهل ذلك متحاشيًا النظر فى عينيها وهو يقول:
- أعتقد منذ شهور.
ثم وجد الفرصة مواتية للتبرير فأردف:
-أنت تعلمين كم أنا مشغول وعملى يلتهم وقتى بشراهة, ولولا الإجازة الاستثنائية التى حصلت عليها بالأمس ما أمكننا أن نلتقى
ضغطت كفها الرقيقة بين يديه وهو تكمل بلهجة ذات معنى:
- قريبا سنصبح سويًا على الدوام أليس كذلك؟
انتظرت منه ردًا ألا أنه كان شاردًا كالعادة.. سحبت يدها ببطء ولكنه لم ينتبه فقالت فى ضيق :
- عصام هل عدت للشرود مجددًا ؟ فيم تفكر؟
رد بلاوعى:
- فيزورا
سألته بحدة:
- ماذا تقول؟..أهو ذلك الحلم مرة أخرى؟
أجاب بنفس الشرود:
- نعم .. ولكنه ليس حلمًا
احتقن وجهها وهى تسأله:
- ماذا تعنى؟
انتبه لخطئه فقال بسرعة:
- لا..لا شىء..لا أعنى شيئًا
كان عصام قد تحدث معها عن حلمه المتكرر ولقاءه بفيزورا - دون أن يذكر لها موضوع طلبها الزواج منه طبعًا - فاستمعت له فى البدايات باستخفاف ولكنها ومع تكرار الأمر بدأت تشعر بالقلق ..ما معنى كل هذا؟ .. إنه حلم يتكرر باستمرار+عصام شارد على الدوام +علاقته بها ساءت مؤخرا = طبيب نفسي!
هكذا قطعت شروده بكلمتين انعقد لهما حاجباه غضبًا :
- ماذا تقولين؟
قالت فى تحد محاولة التماسك :
- أقول أنك يجب أن تزور طبيبًا نفسيًا ليفسر لك تلك الهلاوس التى تراها
بغضب قال وقد ارتفع صوته:
- أنا لا أرى أية هلاوس
ردت فى حدة :
أنت تقرأ
مملكة الأحلام
Fantasiرواية مملكة الأحلام رواية فتنتازيا فازت بجائزة كاتب الشهر لدار ببلومانيا للنشر والتوزيع وأصدرت من خلالها