هبت نسائم الربيع على وجهه مرة أخرى ووجد نفسه فى نفس المنطقة التى توقف عندها فى الحلم السابق ..بيده ترقد أنامل رحاب فى سكينة، ومن خلفه الجبل الوردى العملاق والسحب تسكن قمته فى شموخ كأنها نسور بيضاء محلقة فى الفضاء الرحيب ..
سحب بنفسجية تمطر الخيال على أرض لم تعرف المستحيل .. بساط أخضر ممتد حول النهر يحتضنه .. وفوق الماء تجرى مراكب شراعية تحمل على متنها آلاف الأطياف الوردية, وتسبح فى النهر كائناتٌ عجيبة لم يتخيل وجودها من قبل .. كائنات مشعرة قزمة متنوعة الألوان والأشكال يغلب عليها اللون الأخضر، وأخرى ضخمة مقرنة لها خوار الثيران تمرح فى البرية بانطلاق مرح ..الإناث منها بيضاوات يخطرن بدلالٍ تجر كل منهن جدائلها خلفها شلالًا يجرى على العشب الأخضر .. على امتداد البصر فى الضفة الأخرى جيش من الخدم يعملون فى دأب ليبنون قلعة حجرية ضخمة ذات ثلاث قباب.. يقودهم رجل عملاق بيده عصا ضخمة يضرب بها المتقاعسين عن العمل .. وفى لحظات يعلو البنيان حتى يناطح السماء ..ثم فجأة يتهدم وتتناثر صخوره فى كل مكان.. تتدحرج بسرعة حتى تسد مجرى النهر ..تحلق فوقهم طيور بيضاء يحمل كل منها فى منقاره حجرًا ومخالبه حجرين.. تنقض أمطار الحجارة السوداء فوق معسكر للفيلة يقوده رجل أسمر ممزق الوجه فتسحقهم وتبتلعهم الأرض ..
أما الأمام فغابة من الأشجار التى تحييه وتلوح له بأغصانها من بعيد كحوريات البحر اللاتى يدعونه لدخول عالمهن السحرى الغامض.. أشجار الصفصاف التى تقف بشموخ عن يمينه كأنها تصطف لتحيته ، أشجار السرو التى تعالت قاماتها ومن إحداها طار (طرزان) بحبله الطويل مطلقًا صيحته الشهيرة .. قرود البابون تتقافز فوق أفرع شجرة جوز هند طويلة تنتحى جانبًا فى خجل .. يلقون عليه ثمار الجوز ويمرحون تتعالى ضحكاتهم.. سألته رحاب بشغف:
- أين نحن؟
أجابها وهو يضغط على كفها برفق:
- لا أعلم ولكن يبدو أننا فى الغابة !
سمعت رحاب صوت حفيف بجوارها فالتفتت إليه لتجد ..(ماوكلي) فتى الغابة المدلل ربيب الحيوانات يقبض بساقيه على فرع شجرة ضخمة ويتدلى جزعه منها يتأملهما بسعادة ويبتسم، وبعده بخطوات وقف (باجيرا) ينظر إليهم بحذر ..سار عصام متجاهلًا جنيات الغابة التى تقف كل واحدة منهن فوق ورقة زهرة ضخمة, ويشربن بأكواب نحاسية سائلًا من رحيقها .. نادته إحدى الجنيات بصوت هامس
- "عصام "
لكنه لم يلتفت إليها .. شئ غامض فى نفسه أنبأه أن الرد عليها خطأ ..أكبر خطأ.. زاد الصوت ارتفاعًا وزاد عصام من سرعته جارًا خلفه رحاب إلى أن سمعا من ينادى عليهما من خلف شجرة بيضاء .. كاد عصام يتجاهل الصوت مثلما تجاهل جنيات الغابة, لولا أن أوقفته صيحة رحاب وهى تتعلق به قائلة فى دهشة:
- عصام ..إنها ( سنووايت)
التفت عصام نحو سنووايت وقد أحاط بها سبعة من الأقزام يتأملونه باستغراب شديد طال الصمت بينهما حتى سألته سنو وايت :
أنت تقرأ
مملكة الأحلام
Fantasyرواية مملكة الأحلام رواية فتنتازيا فازت بجائزة كاتب الشهر لدار ببلومانيا للنشر والتوزيع وأصدرت من خلالها