ها أنت الآن تعيش فى مملكة الأحلام التى تمنيتها طوال حياتك ولكنك حبيسٌ بلا أى أمل فى العودة، تتضارب مشاعرك بين الفرحة والألم.. الفرحة لأنك سيعيش فى المكان الذى تعشقه منذ الطفولة والذى ما كنت لترتاده إلا فى ساعات النوم فقط .. اليوم تملك إقامة مجانية دائمة .. مع فيزورا .. الطيف الخيالى الرقيق الحالم الذى لن تحمل همًا بعد الآن فى لقاءهها بعدما أصبحت زوجتك.. كل هذا الجمال الوردى أصبح زوجتك.. جسدك المادى سيفارقك ..ستحلق وتسمو وتحلم ..أية روعة تعادل هذا الإحساس الأسطورى.. ولكن..ما بال الحزن يأبى أن يفارق روحك يذكرك بما تريد أن تنساه ..لقد فارقت أمك وأختك وحيدتين ينهش القلق والخوف قلوبهن .. فارقت حبيبتك.. رحاب .. ولكن أهى حبيبتك حقًا أم هو مجرد الاعتياد؟ ..
إن كانت رحاب حب حياتك فماذا تعنى لك فيزورا؟ ..إنها حلم حياتك.. نعم رحاب هى الحب وفيزورا هى الحلم.. وعليك أن تختار مابين حبك وحلمك ..لكن وياللأسف .. إنك حتى لا تملك ترف الاختيار.. الحقيقة ياعصام أنك الآن لم تعد حقيقيا !
الواقع أنك أصبحت حلمًا ..طيفًا غير مرئي فى عالمك لكنك متجسد بالكامل فى مملكة الأحلام ..
- هل تشعر بالندم؟
قاطعت فيزورا سيل خواطره ثم أحاطت وجهه بأناملها الرقيقة وحدقت فى عينيه بعينيها الشفافتين التى ارتسم الحزن فيهما فزادهما شفافية ..
"كيف عرفت أننى نادم"؟! ..
دائما ما أنسي أنها تقرأ فكرى بسهولة "
سألها بفضول:
- لماذا لا أستطيع أن أقرأ أفكارك كما تفعلين رغم أنى أصبحت مثلك ؟
هزت رأسها نفيًا وهى تقول:
- لم تصبح مثلى بل ولن تصبح مثلى أبدًا .. إنك بشرى.. مادى ..جسدك مازال نائمًا حيث تركته، الذى يتحدث إلىَّ الآن هو جسدك الأثيرى الذى يملك كل صفاتك وقدراتك المادية المحدودة
عاد يسأل بحيرة:
- ولماذا لا أستطيع العودة لجسدى المادى؟
قالت ببساطة صدمته:
- لأن جسدك الأثيرى انفصل عنه
****
أيام طوال مضت لم يشعر بها ..تنقل فى أرجاء مملكة الأحلام التى تتسع لتحتوى الكون كله ..ما بين وادى الحكايات حيث يعيش مع أبطال قصصه فى مغامراتهم الرائعة كل يوم حكاية، ويعود فى نهاية اليوم مع فيزورا لبيتها فوق قمة جبل السحاب .. ثم يتجول فى أطلال النسيان ليدخل كهوف الخيال.. يشرب من بئر الآمال ويسير ليلًا فى صحراء الوحدة.. عاش الحلم حقيقة أروع من كل أمانيه مع فيزورا، لم يكن ينغص سعادته إلا كائنات الشانجاس التى تقتحم المشهد فجأة لتثيرالرعب فى القلوب .. زادت تحركاتهم كثيرًا فى الأيام الماضية فاكتنفته الحيرة وخنقه الخوف حتى سمع همسات الأطياف من حوله تروى حكاية عجيبة توحى بحدوث أمرما.. أمر غامض مخيف.. شيء ما سيحدث .. سأل فيزورا عن كنه هذا الشيء فأخبرته أن كائنات الأحلام المرعبة تعقد النية على احتلال كل بقاع مملكة الأحلام وهم - إذا ما نجحوا فى ذلك - فى سبيلهم لإغراق العوالم الأخرى بالظلام والرعب والسيطرة عليها كلها .. انتفض عصام من كل هذا الرعب الذى سمعه ولكنها طمأنته أن أطياف جنكورام لن تقف مكتوفة الأيدى إزاء ما سيحدث، هم بدورهم يعدون للأمرعدته عن طريق استدعاء بعض أبطال الحروب وفرسانها وتجسيدهم هنا لمواجهة الشر .. اليوم أخبرته أن المواجهة حانت ولابد أن يراقبوا ماسيحدث عن كثب، واقترحت عليه الاختباء بين صخور الأطلال الفضية ليشاهدوا المعركة القادمة ..المعركة التى لن تحدد مصير مملكة الأحلام فقط ولكنها قد تحدد مصير كل العوالم ..كلها بلا استثناء
أنت تقرأ
مملكة الأحلام
Fantasiرواية مملكة الأحلام رواية فتنتازيا فازت بجائزة كاتب الشهر لدار ببلومانيا للنشر والتوزيع وأصدرت من خلالها