رغم أني لا أحتمل الانتظار، الا أنه كان عليّ الاستعداد لسماع كل شيءٍ تركته ناومي على هذه البطاقة. و من النظرة الأولى لكمية الملفات فهناك الكثير حقاً.
لذا أحضرت علبة سجائر و بعض الماء و أطفأت هاتفي كلياً لكي لا يزعجني أحد و لم أنردد في إطفائه لأنه من المستحيل الآن أن تتصل بي ناومي، فهي رحلت عن عمدٍ أمامي بعد ان خدرتني و ابتسمت ابتسامة الوداع، بل و أيضاً أعطتني أجوبة كل أسئلتي حسب ما قالته و جواب أول سؤالٍ كان أنها تودعني..
آخر خطوةٍ كانت إغلاق الستائر، فأنا لا اريد ضوءاً. في الحقيقة لا أريد سوى ناومي، و كل ما أملكه لها الآن هو ما قد حُفِظ على هذه البطاقة.
كانت ناومي حقاً مرتبة، فرغم أنها المرة الأولى التي أتصفح فيها المحتويات، إلا أني أعرف تماماً من أين عليّ البدء.
الملف الأول، كان يحتوي على الكثير من المقاطع التي ملأت الصفحة، لا أدري ان كانت هناك اشياءٌ أخرى غير المقاطع فأنا لم يكن لدي القدرة على الأنتظار أكثر من هذا.
المقطع الأول كان له تاريخ. هذا التاريخ كان منذ ما يزيد خمس سنواتٍ ببضعة أشهر.
بدأت أشاهده على الفور. و بالطبع أول ما رأيته كان ناومي مجدداً تحاول ضبط وضعية الكاميرا. كانت تبدو صغيرةً بالفعل، و حتى جودة التصوير و تصرفاتها من الوهلة الأولى و حجم جسدها و حتى ثيابها، هذه حقاً ناومي منذ خمس سنوات.
كانت متوترة رغم هدوئها، أعرفها جيداً... أو هذا ما أظنه.
"أنا..."
يا الهي صوتها ايضاً كان صغيراً، كانت حقاً لطيفة لدرجة اني أريدها كدميةٍ محشوة او ما شابه.
"انا....."
"يا الهي كيف عليّ البدء؟" انها حقاً متوترة
"اياً كان من سيسمع هذا، على الأغلب لا احد. و لكني في حديثي هذا سأوجه كل الكلام لشخصٍ واحد، فأنا أظن أني معجبة بشخص، أظن ان هذه هي مشاعر الاعجاب... في الحقيقة لست واثقة. و لكن كل ما أعرفه هو أني أفكر فيه طوال الوقت و كلما حاولت تخيل نفسي أحدثه تذكرت من أنا و أيقنت أنه من المستحيل أن نكون بهذا القرب، فهو شخصٌ رائع و انا الأسوأ.
لا أعرف اسمه حتى الآن و لكن كل ما أعرفه أنه دافع عن شخصٍ آخر و تحمل ألماً شديداً من أجله و لاحقاً فوجئت بكونه في نفس مدرسة أالتي سأنتقل الها قريباً، يكبرني بعامين لذا سأقابله كثيراً... أظن...
و الهدف من هذا المقطع هو أني أريد أن أحكي كل شيءٍ في حياتي و كأني أحكيه له، فلربما أتحلى ببعض الشجاعة و أستطيع التحدث إليه وجهاً لوجه. على كل حالٍ التحدث للكاميرا ليس جديداً عليّ لذا سأتخيل أني أحدثه هو. مر أسبوعان منذ رأيته أول مرة و لكني لا أستطيع التوقف عن التفكير فيه و قلبي كأنه يريد ان يقفز خارج صدري و يذهب للبحث عنه. أشعر أني حمقاء، فكيف أعجب بشخصٍ من نظرةٍ عن بُعد و اسجل مقطعاً لأحكي له عن حياتي المليئة بالمشاكل و أخطائي التي لا أستطيع التوقف عنها الى الآن. لا بد أن الأمر شعورٌ عابر لذا سأستجيب لرغبتي الآن حتى لا يكون هناك عذر لتلك المشاعر لتزداد فأنا لا أستطيع أن أضيع المزيد من العلامات.
أنت تقرأ
ظلال الماضي
Mystery / Thrillerالجزء الثاني من ظلال الضباب "انا لم اكن سوى ظلٍ خافت، حتى انا جهلت وجودي"