" لم يطل الوقت حتى تعبت والدتي بشدة و إتصلَت بطبيبٍ ليأتي لأنها لم تستطع تركي وحدي و لم أدرك الأمر آنذاك إلا أن حالتها كانت خطيرة, لم أعرف ما هو مرضها و كل ما فهمته أنها تحتاج دواءً و تطلب الأمر أن يرى عاملوا الصيدلية تقرير الطبيب ليسمحوا بشراء الدواء، لا أدري لما لم يحضره الطبيب بنفسه رغم معرفته بسوء الوضع، و لا أعرف لما لم تتصل بخدمة توصيل الدواء و تريهم التقرير عند وصولهم. لكن لم يكن هناك غيري ليحضره و مع ذلك رفضت أمي إلا أني ذهبت خلسةً في وقتٍ متأخرٍ من الليل و إشتريته لها و أذكر أن في هذا الوقت كان ما تبقى من المال بالكاد يكفي شهراً واحداً لكني لم أدرك آنذاك. و صدقني ليس لدي فكرة كيف ذهبت و عدت وحدي, ربما بسبب الكتب فأنا كنت أرى رمز الصيدلية و أحياناً تكون هناك خريطة لمنطقتنا و لكن لطفلة في عمري آنذاك لم يكن طبيعياً أن أستطيع فعل هذا. أظن أنه يمكن اعتباره الأدرينالين.
تمنيت رؤية إبتسامة والدتي عندما علمت أني خرجت و عدت دون أن يعلم الوحوش و أيضاً أحضرت الدواء لها لكن كان سؤالها هو كيف عرفتُ أنهم يحتاجون تقرير الطبيب و كانت إجابتي هي 'أبي' فأنا كنت أسمعه دائماً يتحدث عن أشياء كهذه"
بدأ صوت ناومي يرتجف قليلاً... لابد انها تحاول التماسك و عدم البكاء مذ بدأت تحكي قصتها
تغيرت جودة المقطع من جديد لتظهر صورة السيدة و هي ترقد الفراش و مقارنةً بآخر مرةٍ رأيها فحالتها بالفعل صعبةٌ للغاية
"أمي... " أصدرت ناومي الصغيرة صوتاً فهمت منه أنها تحاول إخبار والدتها أن تبتسم
"يووكي... تمنيت لو أسميتك ناومي, ناومي تعني الإصلاح و الشفاء الجميل و أنتِ كنتي كل ما أصلح حياتي أنا ووالدك مهما كان بها من أذى، كنتي أنتي من يعالجها، وعدت والدك أن أحميكي و هو وفى بوعده بأن يحمينا و لكن يبدو أني لن أستطيع، سامحيني و أعلمي أني لم أكن لأحلم يوماً بإبنةٍ غيرك, جعلتي السنوات الفائتة الأفضل في حياتي, كل عامٍ و أنتي بخير فقد أتممتي الرابعة اليوم." كان التعب واضحاً على صوتها و لكن فجأة بدى و كأن كل شيءٍ توقف.
مسحت ناومي دموعها بعد ان عادت لتكمل قصّ حكايتها.
حاولت ان تستجمع قواها و ان تتحدث بصوتٍ يخلو من الحزن و لكن بلا فائدة"و هكذا بعد أن توقفت أمي عن الكلام ظننتها نامت من التعب لذا تركتها و عدت إليها ليلاً لكنها لم تستيقظ مهما ناديتها و حتى أن صوتي صار أعلى مما أدى إلى أن يطرق الوحوش بابنا من جديد و هنا أصبت بالذعر و أخذت الكاميرا و شاحن بطاريتها لكي لا يأخذوها فانا اعرف انها مهمة و يكفي ان بها صورة و صوت ابي.
إختبأت لكن سرعان ما سمعت الباب يُكسر و دخلوا مجدداً، نفس الأشخاص الذين أخذوا مني أبي.إنتهزت فرصة إنشغالهم و ركضت بعيداً خارج البيت ليس لدي أدنى فكرة إلى أين عليّ الذهاب و هنا صادفت شرطياً يسألني إن كنت تائهة و لم يفهم مني أي شيءٍ بسبب عدم قدرتي على التحدث بشكلٍ مفهوم و مع هذا تبعني إلى شقتي و لكن تأخرنا فقد إستولوا على الشقة و بالطبع لم يكن ليصدق الشرطي الطفلة خاصةً و أني كنت خائفةً منهم لذا ركضت بعيداً لأرى جسد والدتي على الأرض أمامي فور خروجي من المبنى و كان في وضعيةٍ مخيفة بسبب أنه ألقي من الدور العلوي للمبنى و لسببٍ ما لم أصدق أن هذا جسد أمي بل شيءٌ من صنع الوحوش و هكذا بقيت أركض و كأنهم يطاردونني حتى وصلت لمحطة القطار، كان الوقت متأخراً لذا لم يكن هناك الكثير من الناس فلم أخف بل و بطريقةٍ ما ركبت القطار دون أن يراني أحد
أنت تقرأ
ظلال الماضي
Mistério / Suspenseالجزء الثاني من ظلال الضباب "انا لم اكن سوى ظلٍ خافت، حتى انا جهلت وجودي"