لَيلَةٌ دَلماء

383 16 25
                                    

"سَئِمت...

كانت تلك هي الاحرف التي خرجت مني في هذه الليلة الحالكة ، ليلة ليست شبيهة بأي من ليالي حياتي الحقيرة.

ليلة....لا نجوم ولا بدر منير فيها. وجَوُّها بارد كئيبٌ على غير العادةِ. وهذا ما زاد وطئةَ الحزنِ في صَدري.

بل في كل كياني.

منذ تلك الحادثة، والندم والتيهُ يعتصر فؤادي.
منذ ذلك اليوم البعيد. وقيود الحزن تزداد كل يوم، مانعةً اياي من التمتع بالحياة ولو لساعةٍ...

لكن هذه الليلة بالذات. اجتمعت قيود الكمَدِ والكربِ للحد الذي احس فيه بإختناق عظيم.

ولا يمكنني الهرب من هذا الالم بالنوم كما العادة.
لا يمكنني...

كيف سأُمضي هذه الليلة ؟
كيف سأتحمل هذا...الاختناق ؟

بعد كل تلك السنين التي صبرت فيها على هذا المصاب.

احس ان قلبي هذه الليلة سينفجر.

تنهدت بتعب واحتضنت ساقاي،

لو... كان هنالك شخصاً ما بقربي. لأشكو له ما يخالجني من ألم في صدري.
هذه الوحدة ستقتلني حتماً بلا ريب.

احتاج ان اشكو لأي احد،
لأي مخلوقٍ مهما كان !!

كنت اريد الخروج من غرفتي المُعتمة، لكن الباب مقفل .

ذلك ابي الذي اقفله. كلما قمت بخطأٍ ولو صغير . يأتي ويحبسني. بدون ان يكلف نفسه عناء شرح لما فعلي كان خطئاً في الاساس.

رغم مُضي سنوات على تلكَ الحادثة، إلا انه لم يتجاوزها. لا يزال يلقي باللوم علي، ولربما كرهه لي يزداد يوماً بعد يوم.

هذا الحبسُ،_ بالذات هذه الليلة_قد زاد وطئة الكمد والكرب علي.

سوف أُجَن!
احتاج ان اتنفس الهواء خارجاً. لعل هذا الإختناق يذهب عني.

" تَعبت...تعبت.
قلتها اخيراً، واخذت الدموعُ بعد قولها تتسارع على وَجنتاي .

اكره حالي، اكره كوني مثيراً للشفقة . اكره هذه الوحدة.

اكره كوني حياً في الاساس...!

هنا نفذت آخر ذرة صبرٍ عندي ،
توجهت بإنهاكٍ نحو نافذة الغرفة. وكنت انوي الهروب منها .

وحالما نويت فتحتها.

لاحظت شيئاً غريباً عليها...

حسبت انها متسخة ، لكنها ليست كذلك.
هنالك كتابةٌ عليها.!

الخط فيها ،عريض وغريب. وأسودٌ شديد السوادِ .

لا تحسب انك وحدك، فأنا معك دائماً.

بقيت احدق في هذه الكتابة مندهشاً، من بالله قد كتب هذا؟

ابي؟ لا مستحيل !

مِن أعماقِ الدُجىٰ | From the depths of darkness حيث تعيش القصص. اكتشف الآن