٠١|وَوُجوم النّرجس.

102 12 2
                                    



لَطالما أحببتُ، أحببتُ بكُل حواسّي وجوَارحي، أحببتُ لأنّ الحُبّ جَميل ونقيّ ويليقُ بالنّاس من حَولي، أحببتُ بيئتي القاسِية وأحببتُ أسرَتي الرّاقية، أحببتُ السّماء السّاطعة بشمسها وأحببتُ سكّان قريتنا الدافئة وأحببتُ حَقل النرجس المُجاور لمنزِلنا، أحببتُ الحُبّ.
لكنّ الحُبّ يأبى أن يحبّني، فأموتُ من جزعِي على بغضهِ اللَاذع، أيا حُبّ، لماذا حُبّي لك ينفّركَ؟

_

توشّحتُ بوشَاحي الخُبّازي الزّاهي برِفقة مِعطفي الليلكيّ الدّاكن، أحب الأرجُوانيّ جدًّا لهذا ألتحفُ به أينما كُنت.
خطوتُ خارج المنزل برفقٍ، جدّي وجدّتي يزوران جَارتنا العجوز صاحِبة حقل النّرجس البديع لذلك لا ضير من التمشّي قليلًا في الشّوارع القريبة، لن تشتاق لي جَارتنا على كل حال.

جَميع أطفال الحيّ منثورون فيهِ يتبادَلون الكُرة بأقدامِهم في حُبور، تنهّدت، يتصرّفون وكأن كلّ يومٍ عِيد، خاصةً في العُطلة الأسبوعيّة كاليَوم، تُنهكني طَاقتهم الوَفيرة وقلّتها معي، لكن لا بأس، الطّقس جيّد اليوم، نُقطة إيجابيّة.

وبالحديثِ عن الإيجابيّة، فها هوَ يجلس في تلكَ الحدِيقة المكتظّة بأقراننا مُحاط بأصدقائه الوَفيرين، على محياهِ ارتسمت ابتِسامة دقيقة وَاسعة مُبتهجة بينما يتبادَل الثّرثرة مع بقية الذّكور طيّبو الطّلة، عُنقه يلتحِف بوشاحِه الأصفَر الّذي أحفظ كل خيطٍ فيهِ ويُؤمن كفّيه من البردِ بقفّازينِ يُشبهان الكهرُمان على عَكسي، فأنا.. أحبّ كشف أصابعي الّتي لا تقي قفّازاتي برودتها.

اقتربتُ بتردّد مُفرط أشدّ بأصابعي على وِشاحي الخَانق، وفورَما أبصرتني مقلتيه استحَالت حالتهُ من البَهجة الدّافئة إلى الوُجوم المقيت الّذي يزيدني خنقًا على وِشاحي، فأعدُو للبعيدِ مُختنقًا.
أيّها النّرجس الأصفر، حُبًّا في اللّٰه، ألا تعي تأثير وُجومك على نفسِي المُلتاعة؟
ووُجوم النّرجس!.. هوَ أكبر أسباب لَوعتي.

لَيْلك ونرجسٌ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن