المشهد الخامس :وصلا الى بيت الساحل , فأوقف سيف السيارة أمام البوابة الخارجية و خرج كي يفتحها .... تتبعه وعد التي خرجت تتمتع بالهواء البارد الذي لفح وجهها و شعرها , فضمت سترتها الى صدرها أكثر ....
بينما كان سيف يبحث عن مفتاح البوابة بين مفاتيحه .... فقال عاقدا حاجبيه بحيرة
( عجبا ......... )
نظرت اليه وعد و هي تقول بقلق
( ماذا ؟!! .......... )
قال سيف معددا المفاتيح في سلسلتهم
( لا أجد مفتاح البوابة و حتى مفتاح البيت !!! ....... )
اتسعت عينا وعد فجأة و هي تشهق بصوتٍ عالٍ .... الا أنها غطت فمها بكفيها و هي تنظر اليه بذعر
فاستدار سيف يراقبها بعينين ضيقتين قبل ان يقول بنبرة تنذر بالشر
( وعد !! ...... هل لديكِ فكرة عن الموضوع ؟!! ........ )
تراجعت وعد خطوة للوراء و هي تبعد يديها عن فمها قائلة بخوف
( آآآآه ........ أنااااااا ...... )
رفع سيف حاجبه وهو يقترب منها قائلا بنبرة شريرة
( نعم ..... تابعي ......... )
عضت وعد على شفتها و هي تقول بتلعثم مرتعبة من ردة فعله
( لقد .... لقد تذكرت للتو .... أنني اخرجت مفتاح البوابة و البيت من سلسلة مفاتيحك و .... و .... و قمت بإخفائهما ..... كي لا تذهب الى بيت الساحل بمفردك مجددا , بعد تلك المرة التي تشاجرنا فيها ... فتركت البيت و قضيت ليلتك هنا ...... كانت ليلة موجعة لي جدا .... فتصرفت دون تفكير و أخذت المفتاحين , كي تضطر للعودة إن سولت لك نفسك القدوم الى هنا مجددا بمفردك .... )
كان سيف ينظر اليها بذهول .... و فم فاغر ,..... بينما هي تتراجع و تتراجع .... الى أن صرخ بقوة
( وعد !!!!!!!! ......... )
هتفت وعد متوسلة
( سامحني يا سيف و دعنا نعد أرجوك ......... )
فتح سيف فمه كي يسمعها دررا من الشتائم المنتقاة ..... لكن و قبل أن ينطق , سمع صوتا مألوفا يقول من خلفهما بسعادة
( الا زلتما تتشاجران ؟!! ........ العمر ينقضي و شجراكما لا يفعل ...... )
أغمض سيف عينيه وهو يهمس دون أن يستدير
( لا تقولي لي ......... )
ابتسمت وعد بيأسٍ و توسل مؤكدة له أسوأ ظنونه ....و صدح الصوت مجددا من خلفه
( جاري الغالي ...... اشتقنا والله ............ )
ظل سيف على وقفته دون أن يستدير أو حتى أن يفتح عينيه , ...... فقط كان يحرك شفتيه محتسبا , كي لا يتهور ....
فبادرت وعد تقول بحرج
( سيف ...... السيد جاسر واقف خلفك يلقي عليك التحية ..... سيف )
فتح سيف عينيه ينظر اليها نظرة قاتلة .... ثم حرك شفتيه في كلماتٍ دون صوت , لا يستطيع غيرها قرائتها
" سأقتلك ......... "
تراجعت وعد للخلف خطوة , بينما استدار سيف ينظر الى جاسر وهو يحاول قدر امكانه الإبتسام ....
ثم قال من بين أسنانه
( جاسر !! ....... ياللها من مفاجأة , ......كان علي توقعها , فأنا لا آتي الى هنا الا و اراك .... )
ضربته وعد بمرفقها في خاصرته , قبل أن تتنحنح ضاحكة بحرج
( كفى مزاحا ثقيلا يا سيف ...... اعذره يا سيد جاسر , فهو هكذا دائما .... ظريف لدرجة أننا أصبحنا لا نطيق أنفسنا من شدة ظرفه ... )
ابتسم جاسر بسعادة وهو يتجه الى سيف فاتحا ذراعيه ليضمه بقوةٍ و كأنه يتضارب مع مصارعٍ في حلبةٍ بصدره ... قبل أن يضربه على ظهره , ضربة أصدرت صوتا عاليا .....
فتأوه سيف قليلا وهو يحرك كتفه جراء تلك الضربة بينما قال جاسر بصوتٍ فخور
( والله لا اشعر بالحياة تدب في المكان الا حين آراكما ...... لقد جعلتما للساحل حسا من النكد لم نعتده منذ سنوات ..... )
ابتسم سيف ابتسامة صفراء بينما رمق وعد بطرف عينيه , ثم قال بهدوء محاولا التزام الصبر قدر الإمكان
( لا نكد لا سمح الله ..... و هل يجتمع النكد ووعد ابدا !! .... كل ما في الأمر هو أننا لسببٍ غبي , شديد التخلف معين .... نسينا مفاتيح البيت و البوابة ...... )
ارتفع حاجبي جاسر وهو يقول بدهشة ....
( أحضرت مفاتيحك كلها و نسيت مفتاح هذا البيت تحديدا !! ...... )
نظر سيف الى وعد مجددا , ثم قال وهو يكاد أن يزهق روحها بعينيه
( الم أقل لك أنه سبب غبي .......شديد التخلف أقرب الى العته ... )
زمت وعد شفتيها و هي تحدجه بنظرة تحذيرية .... بينما قال جاسر بنبرته الهمجية و التي تجعل من كل شيء صعب ما هو الا مشكلة تافهة
( بسيطة جدا ....... يمكنني القفز عبر هذه البوابة , ثم ادخل الى البيت عبر تسلق الشرفة الأرضة و فتح أبوابها .... و حينها سأفتح لكما الباب من الداخل ..... )
عقدت وعد حاجبيها قليلا و هي تنظر الى جسده الضخم و ساقه ذات العرج الخفيف ,فقالت مسرعة
( لا طبعا ...... لن تفعل هذا , فجسدك لا يساعد ..... نحن كنا سنغادر على أية حال ....... )
هتف جاسر بنبرة متسلطة
( تغادران بعد أن قطعتما كل تلك المسافة !!! ..... والله لن يحدث هذا , ستأتيان معي الى البيت لحين فتح بيتكما ..... )
اتسعت عينا وعد و هي تهتف بسرعة ...
( لا لا لااااا .... أقصد .... أنه حقا لا يهم , فلقد اكتشفنا أن لدينا مواعيد مهمة ..... )
ارتفع حاجب جاسر وهو يقول بشك
( اكتشفتما مواعيد فجأة !! ,,,, أنتما الاثنين ؟!! ......... أم أنكما متشاجران و لا تريدان التفاهم ؟! .... )
عض سيف على أسنانه وهو ينظر الى السماء ملتزما الصمت ..... بينما قالت وعد و هي تبتسم ابتسامة مزيفة أودعتها كل الحماقة الممكنة ... متعلقة بذراع سيف بكفيها
( بالطبع لا ...... هل يعقل أن أتشاجر من والد طفلتي .... حبيبي الرزين العاقل !!..... صدقني لدينا أشغال هامة , اليس كذلك يا حبيبي ؟؟ ..... )
نظر اليها سيف و ابتسم ابتسامة من بين اسنانه بدت كخطٍ مستفز لا يحمل اثرا للمودة و ظل صامتا دون رد ....
تعالى صوت بكاء حياة في تلك اللحظة من السيارة , فقالت وعد بتعب
( ها قد استيقظت حياة ...... على الأرجح شعرت بالبرد في مثل هذا الطقس ..... )
لكن و قبل أن تتحرك اليها , كان جاسر قد سبقها .... و فتح الباب الخلفي للسيارة , فانحنى الى الطفلة , فأخذها بين ذراعيه وهو يضمها الى صدره مبتسما ليقول بسعادة
( لقد كبرت قليلا ........ ستسعد حنين جدا برؤيتها , ..... )
استدار اليهما و قال آمرا
( لا تقفان عنكما هكذا ...... هيا الى بيتي .....)
قالت وعد بعصبية
( لا ....... لن نستطيع حقا ....... )
الا أن سيف قال مبتسما ابتسامة شريرة
( أعتقد أنها فكرة جيدة .........نشكر لك كرمك يا جاسر , و يسرنا أن نأتي معك )
اتسعت عينا وعد بغضب قبل أن تجذبه من كتفه و تهمس في اذنه من بين أسنانها
( توقف عن هذا يا سيف ..... انت لا تفعل ذلك الا لتستفزني و تثير غضبي ... )
انحنى سيف اليها ليهمس في أذنها بنعومة
( صدقتِ حبيبتي ...... و كم أشعر بالمتعة لهذا , حتى و إن تطلب الأمر مني البقاء لليلة كاملة أستمع فيها الى أحاديث ابن جاويش فسأتحمل .... بل حتى لو طلب أن تكمل حياة تعليمها معهما حتى الجامعة فلن أمانع , في سبيل تلك النظرة الحاقدة من عينيك و التي أراها الآن .... )
زمت وعد شفتيها و هي تضربه بقبضتها في كتفه .... لكن حركةٍ ما جعلتها تنظر الى جاسر الذي كان قد أخذ الطفلة و ابتعد .... ثم استدار اليهما و نادى بصوتٍ عالٍ
( احضرا سيارتكما الى بوابتي ..... فنحن في انتظاركما ...... )
.......................................................................................................................
دخل سيف متنحنحا من الباب المفتوح .... بعد وعد , فشاهدا حنين التي كانت في انتظارهما و قد أخذت حياة من جاسر , تضمها الى صدرها و هي تقبل وجنتها الباردة ....
رفعت وجهها اليهما و قالت مبتسمة بنعومة
( أنرتما البيت ...... علينا أن نشكر السبب الذي جعلكما تنسيان المفتاح و تأتيان الينا .... )
حاولت وعد الكلام فقالت بحرج
( في الحقيقة ...... انا ..... لم نشأ أن نأتي هكذا دون موعد ...... )
قالت حنين ببساطة
( بل كان هذا من حظي ...... تفضلا بالدخول , سأعد غذاءا بسيطا لنا جميعا ..... )
تدخل جاسر وهو يهتف قائلا بقوة و سعادة ... رغم استنكاره
( أي غذاء بسيط هذا يا أم نوارة ...... انسي هذه العبارة المعيبة و ركزي معي .... أريدك أن تعدي لنا صينية رقائق بالمرق .... و ملوخية .... ووعاء فخار من الأرز بالقشدة و الخلطة في الفرن .... بينما أذبح لكِ بطتين على الفور .... )
فغرت وعد شفتيها و هي تضع يدها على عنقها مذهولة مما تسمع ... بينما نظرت حنين الى جاسر نظرة صامتة دون تعبير , كانت أبلغ من أي كلام ....
ثم قالت أخيرا بإبتسامة باردة
( حاضر ..... أمرك يا ابن محسنة ..... )
ضحك جاسر وهو يضربها على رأسها قائلا
( تحب أن تمزح زيتونة .... لو كان غيرها هو من لقبني بهذا اللقب لكنت قطعت عنقه بدلا من البطتين ... )
تحركت حنين و هي تحمل حياة بين ذراعيها قائلة دون رد
( سآخذ حياة الى فوق يا وعد ..... ربما تودين أن ترافقيني لتطعميها أو تغيرين لها ملابسها ... )
أومأت وعد برأسها لكن و قبل أن تتحرك مال اليها سيف و همس في أذنها بحسرة
( هل رأيتِ الزوجات ؟!! ...... حسبي الله و نعم الوكيل ..... والله لو أحضرت لكِ كتكوتا كي تعديه فجأة لما استطعتِ ..... اذهبي ... اذهبي و غيري لطفلتك فهذا ما أنتما فالحتين به .... )
انتظرت وعد اللحظة التي غفلت عنهما عينا جاسر و حنين فضربت سيف بكل قوتها في صدره الى أن سعل بقوة .... فرفع قبضته مهددا , الا أنها سارعت لتلحق بحنين ....
بينما تحرك جاسر وهو يقول منتشيا
( و الآن تعال معي الى المرآب .... رافقني بينما أنا أصلح الشاحنة ..... )
قال سيف بجمود
( هذه الشاحنة تتعطل أكثر من مرات سيرها في الطريق ...... لقد أصلحتها معك حتى الآن أكثر من أربع مرات .... و كانت كلها خلال صدف لقائنا هنا ..... )
قال جاسر بجدية
( تلك الشاحنة أصيلة ..... أحبها و لها عندي معزة خاصة ...... على الرغم من أنني أمتلك سيارة حديثة , الا أن هذه الشاحنة هي المفضلة بين كل ما قدت من سيارات .... )
تنهد سيف وهو يقول باستسلام
( دعني اذن أخلع السترة ..... فهي غالية الثمن , و لا تزال جديدة ..... )
هز جاسر رأسه وهو يهمس مستهجنا اثناء ابتعاده
( أي رجالٍ هؤلاء اللذين يخشون على ملابسهم !! ....... )
قال سيف من خلفه ببساطة
( سمعتك على فكرة ............. )
استدار جاسر اليه و قال متنحنحا بحرج
( حبيبي يا أبا حياة والله .......... )
..........................................................................................................................
وقفت وعد عن بعد تراقب حنين التي أصرت على ارضاع حياة بنفسها من زجاجتها ....
ثم ابتسمت قائلة
( لقد بدأ الحمل في الظهور عليكِ يا حنين ........ )
ابتسمت حنين و هي تتنهد قائلة
( نعم ............ )
عقدت وعد حاجبيها قليلا و هي تقول
( ما سر هذه التنهيدة ؟!! ............... )
فتحت حنين شفتيها قليلا , ثم قالت بخفوت
( أشعر بال ....... بالتعب ....... )
تأوهت وعد و هي تقول بحدة
( يالله يا حنين .... أنا آسفة جدا , نحن السبب في تلك المأدبة التي ستقفين عمرا كي تعدين اليها ....
لكن سأخرج الآن و أصر على أن ...... )
قاطعتها حنين و هي تقول بحزم
( ليس هذا ما قصدته اطلاقا يا وعد .... كفى غباءا .... أتظنيها المرة الأولى !! ..... حسنا دعيني أعطيكِ نبذة عن جاسر رشيد .... الأسبوع الماضي فوجئت به يدخل الى البيت و معه اربعة رجال .... و يطلب مني اعداد فخذ ضأن مع كبسة أرز .... بخلاف المحاشي .... و حين سألته عن السبب , أخبرني أن أحد العاملين لديه طلق زوجته و يعاني من اكتئابا حادا ... لذا قام بعزيمته و الثلاث الآخرين كي يتناقشوا في الأمر بعد الغذاء .....و كي يمعن في النصيحة للأخ المكتئب , طلب خمسة أم علي بالزبيب و المكسرات بعد الغذاء .. )
ارتفع حاجبي وعد .... ثم قالت بعد لحظة
( لاحظت أن زوجك مهتم جدا بالإصلاح بين الأزواج .... هل هي هواية أم عقدة من الطفولة مثلا ؟!! .... هل كانت حياة والديه مستقرة !! ..... )
ضحكت حنين قليلا ثم قالت بنعومة
( والده تزوج من اثنتين ...... محسنة أمه و التي لن أنسى لها مطلقا صفعة ضربتني بها ..... )
أظلمت عيناها قليلا في شرود بعيدٍ ثم انتبهت على نفسها و هي تقول
( ما هذا الذي أقوله .... رحمها الله على كل حال , و الثانية والدة .... أخته .... نوار ..... تلك التى توفت اثر سقوطها ... من .... )
اختنق صوتها قليلا ثم اختفى .... فقالت وعد بخفوت
( نعم ..... سبق و كلمتني عنها ..... لا بد أن لها تأثير عليكِ حتى الآن ..... )
هزت حنين كتفها و قالت بخفوت
( كانت صدمة يصعب نسيانها حتى مع مرور السنوات ...... )
رفعت وجهها الى وعد و قالت بخفوت
( المهم , ما أردت قوله هو ان جاسر يعطي قدسية للزواج بشكلٍ يفوق الجميع ..... قد يكون أكثر الرجال اهمالا و اثارة للإستفزاز ..... لكن اكثر ما يضايقه هو احتمالية انفصال اي ممن يعرفهم ..... أعتقد أنه يريد تعويض الجميع عن سنوات انفاصلنا ...... انه يحاول اصلاح العالم زوجيا ...... منذ أيام سمعته يحاول اثناء عم مدكور عن طلاق زوجته ...... بالمناسبة , عم مدكور رجل يأتي الى هنا كي يراعي الحديقة و ينسقها طوال العام ...... وهو يقارب السبعين من العمر ... و أنا أعرف جيدا أنه لن يطلق فوزية مطلقا .... و إنما يدعي ذلك لأنه يعرف نقطة ضعف جاسر .... و الذي يتبع نصيحته دائما ببعض الأوراق المالية .... )
غضت وعد شفتيها بفمها و هي تحاول جاهدة اخفاء ضحكتها , الا أن حنين قالت بيأس
( اضحكي ..... لا تهتمي , فأنا لطالما ضحكت من قبل و الآن لم يعد الأمر مضحكا ..... بل مثيرا للبؤس .... )
قالت وعد بهدوء
( يبدو كمن يعاني قلقا مستمرا من رحيلك .......... )
رفعت حنين تنظر اليها بصمت , ثم أخفضت وجهها و هي تقول
( كيف استنتجتِ هذا !! ............. )
قالت وعد بخفوت و هي تجلس الى احد الكراسي
( أنتِ تقريبا محتجزة هنا ........ لا تخرجين الا نادرا ... )
ابقت حنين عينيها على وجه حياة الصغير .... دون أن ترد بينما قالت وعد تتابع بهدوء
( أين مشروعك الذي أخبرتني عنه ؟! ..... لماذا أهملتيه ؟! ...... )
لم ترفع حنين وجهها ... و ظلت صامتة قليلا قبل ان تجيب بخفوت
( حور ابنة عمي تديره بكفاءة ..... حتى أنه تطور و أصبح أكبر دار حضانة في البلد .... الناس يأتون اليها بالإسم ..... لأنها تحتوي على تخصصاتٍ سماعية ...و نفسية و ذهنية خاصة بخلاف أنشطة لا يقدمها غيرنا .... )
قالت وعد بقوة
( لكنها فكرتكِ أنتِ منذ البداية !! .......... )
تنهدت حنين بحزن .... ثم قالت بخفوت
( يقول جاسر أن لدي طفلة تحتاج الى رعايتي , بخلاف الحمل ..... الحياة لا تعطي للانسان كل شيء .... )
انعقد حاجبي وعد و هي تقول بحدة
( و ابنة عمك لديها طفل أصم ..... و طفلتين توأم .... و على الرغم من ذلك تدير المشروع بنجاح .... و أنا لدي حياة و أنوي الحصول على الطفل الثاني و أيضا أتابع عملي بنجاح و سيف يدعمني جدا ..... أنت فقط المتخاذلة ...)
بهت وجه حنين قليلا بينما تلبدت ملامحها , فارتبكت وعد و شعرت بالندم يجتاحها قبل أن تقول بخفوت
( حنين .... أنا آسفة , لم أقصد .......... )
ابتسمت حنين و قالت بخفوت
( لا عليكِ ...... أنتِ محقة , لقد تخاذلت كثيرا ..... هذا ما يفعله الحب بنا , اليس كذلك !! ..... )
أرادت وعد أن تقول بحدة
( و أنا أيضا أحب سيف , الا أنني لا أتخاذل تحت مسمى الحب .... )
لكنها امتنعت عن هذا الكلام كي لا تضغط على حنين أكثر ..... لذا حاولت الكلام بمنطقية أكبر
( الخسارة ليست لكِ وحدك يا حنين ..... حتى نوارة خسرت مكانا لها في دار حضانة متطورة مثلها ... كانت ستحضرها جيدا استعدادا لدخول المدرسة ..... ثم تعالي هنا و اخبريني , لقد اقترب موعد تقديمها للمدارس .... هل فكرتِ كيف ستذهب الى المدرسة بينما أنتم تسكنون هذا المكان المهجور شتاءا !! ... )
بهت وجه حنين قليلا و هي تقول بصوتٍ غير مقنع
( يقول جاسر .... أنه سيقلها بنفسه و يعيدها ....... )
هتفت وعد تقول بحدة
( ماذا ؟!! ...... حبيبتي هذا كلام غير منطقي بالمرة , السنوات الأولى تكون فترة الدراسة بها حوالي أربع ساعاتٍ لا أكثر .... هل سيقطع عمله ليحضرها من المدرسة كل هذه المسافة مثلا !! ..... )
صمتت حنين و هي تمعن التفكير بينما بدا الهم على عينيها الزيتية .... فقالت وعد بقوة مشددة على كلماتها
( فكري جيدا يا حنين ...... بقائك هنا سيحد من حياتك و حياة طفلتك و يزيد من خسائركما .... أنا لا أفهم سر اصرار زوجك على السكن هنا بمفردكما .... )
بدت حنين مرتبكة قليلا .... فقالت وعد تسألها بفضول
( هل هناك سببا معين ؟! ...... يمكنك اخباري ......... )
عضت حنين على شفتها , ثم قالت بقنوط
( باختصار ..... أشعر أنه يحاول جاهدا ابعادي عن ..... عن شيء .... لم يستطع تجاوزه حتى الآن ... )
عقدت وعد حاجبيها قليلا و قالت باهتمام
( شيء كماذا مثلا ؟!! ........... )
هزت حنين رأسها و هي تبعد الزجاجة عن فم حياة لتريحها على كتفها و هي تربت على ظهرها كي تتجشأ ....
ثم قالت بسرعة متراجعة
( لا شيء ..... هذا شيء قديم و قد أقسمنا الا نفتحه مجددا .... لا يمكنني الكلام ... )
انتاب وعد فضول نسائي غير معتاد عليها , لكن ربما برودة الجو ساعدت في اكتسابها بعض جينات الثرثرة مع بعض الجوع , فسألتها بتملق
( هيا حنين ..... أخبريني ..... السنا صديقتين ؟! ...... )
نظرت اليها حنين بطرفِ عينيها , و ظلت صامتة لفترة ... ثم قالت أخيرا و هي تزفر
( لا شيء هام حقا ..... أنا فقط ..... كان هناك ....... حدث يوم ما أنني كنت أكن بعض المشاعر لشخص ما ..... لذا .... )
صمتت عن قصد و هي غير قادرة على المتابعة , فقالت وعد ببرود
( تكنين بعض المشاعر لشخص ما قبل أن تتزوجي ؟! ..... هل هذه هي المشكلة العويصة كي يحتجزك هنا ؟!! ..... اعذريني زوجك هذا ...... مختل قليلا ... )
هتفت حنين بحدة
( لا تقولي هذا يا وعد ....... إنه سيد الرجال ...... )
مطت وعد شفتيها و هي تقول من بين أسنانها
( كما ترين ...... أنتِ أدرى به على العموم ..... )
انخفض وجه حنين و بدت صامتة قليلا ... ثم قالت
( في الواقع ...........)
صمتت حنين قليلا , فرفعت وعد حاجبيها و هي تقول باهتمام
( نعم ....... هيا تابعي أشعر أن هناك شيئ هام .... )
أخذت حنين نفسا عميقا ثم قالت
( في الواقع كنت متزوجة من جاسر حينها ......... )
شهقت وعد بارتياع و هي تضع كفيها على فمها .....
فتابعت حنين بصوتٍ أكثر قنوطا
( و كان ذاك أقرب صديق لجاسر .......... )
شهقت وعد مجددا و هي تبعد كفيها هذه المرة عن فمها ثم هتفت بحدة
( و لا يزال متزوجا منكِ على الرغم من جريمتك !!! ....... الآن فقط أيقنت أن زوجك رجلا مختلا , كيف غفر لكِ ؟! ... )
قالت حنين بعذاب
( وعد ..... الأمر معقد و ليس كما تظنين , ....... )
هتفت وعد بحدة
( كيف اذن يا أختي ؟!!! ..... تحبين صديق زوجك المقرب و تتعجبين من احتجازه لكِ هنا ؟!!! ..... والله لو كان سيف مكانه لكان قطعني شرائح و علقني الى أن يصفى دمي ... ثم أخفي جثتي بعدها ...... )
مصمصت شفتيها و هي تضرب كفا فوق آخر ... ثم قالت بنبرة نسائية بحتة
( لو رأيتِ كيف أوشك على قتلك زوج أخته الذي أراد الزواج مني .......... )
شهقت حنين بصوتٍ عالي و هي تهتف بذعر
( زوج أخته عرض عليكِ الزواج ؟!!!! ......... و ما مصيره الآن بعد أن طلق أخت سيف ؟!! .... )
نظرت اليها وعد بدهشة و قالت ببساطة
( الشر بعيد ..... من قال أنه طلقها ؟! ..... أنهما سمن على عسل ..... )
فغرت حنين شفتيها و رفعت حاجبيها .... ثم قالت بخفوت
( نعم ..... نحن المختلان حقا بينما أنتما زينة العقلاء !! ........ أصحاب العقول في راحة !! ... )
أنت تقرأ
مشاهد اضافيه من روايتي بعينيك وعد و بأمر الحب🌺 بقلم تميمة نبيل 🌺
Romance"لا أحد يتغير فجأة ولا أحد ينام ويستيقظ متحولاً من النقيض للنقيض ! كل ما في الأمر ! أننا في لحظة ما ! نغلق عين الحب ونفتح عين الواقع! فنرى بعين الواقع من حقائقهم ما لم نكن نراه بعين الحب! في عين الحب." محمود درويش