عزيزي نِيلي،
كيف عساي أمضي مارةً بألباب البشر دون منع نفسي عن اختلاس النظر إليها ومقارنتها بخاصتي؟ فكيف لا يفكرون كما أفعل؟ ويتحركون بايقاعٍ مختلفٍ عن أقدامي؟ ما العوامل التي أدت إلى اعتناقهم نمطًا آخر من الحياة؟ ما هي التفاصيل التي تتخلل أيامهم لتجعلها بهذه الصورة؟ وهل إن علمتها -كلها كلها- سأتحكم بتشكيل لُبّي أنا؟ عاجنةً إياه مرارًا وتكرارًا، حتى أتمكن من تقمص شخصياتهم جميعا؟ والمشي على خطاهم لأرى طبيعة الطرق التي يسلكونها؟ حتى أعيش -في نهاية المطاف- هذه الحياة بجميع نسخها؟ مُجربةً جميع نكهاتها دون أن يفوتني شيء؟
هذا هو جل أرقي في حقيق الأمر أيها النيلي، "أن يفوتني شيء". فحياةٌ واحدة لا تكفيني.