هوت يدُهُ بضربةٍ على أذني اليسرى اصطدمَ رأسي على إثرها بالباب الخارجي، أمسكني من ياقة ثوبي الأبيض ورأسي ما زال يدور من الضربة، قال وهو يصك أسنانَه ببعضها:
-اسمع أنت أيها الفاشل، بعد أقل من شهر تبدأ الامتحانات النهائية، إياك ثمّ إياك أن تأخذ أقل من التسعين!
مسكتُ يده لأُبعدها وأنا أتمتم بحاضر، ابتعد عني يسير لداخل المنزل وهو يلقي بعض التهديدات وأنا أمسكُ برأسي أُدَلِّك مكان الضربة مغمضًا عيناي من الألم حتى سمعتُ صوت الحافلة، أنزلتُ يداي عن رأسي وتنهدت، يا رب يا معين.
فتحتُ الباب بسرعة لألا يغادر السائق ظانًا أنني سأتغيب كالأمس، جررت خطواتي بعدما أقفلت الباب وصعدت، أتوجه فورًا إلى المقعد السادس بجوار النافذة، فقط كم بقي لينتهي اليوم؟_______
مستندٌ بذراعي على الطاولة ورأسي بين كفاي أحدق بمعلم الكيمياء الذي يحاول أن يجعلنا نستوعب ترتيب الإلكترونات في مدار الذرة، الاسم فقط صعب الفهم فكيف بباقي هراء الدرس؟ ولكَ أن تتخيل أنه قد تأتي نظرية أخرى بعد أربعين سنة تُحيل كل ما ندرس الآن إلى هُراء! ويصبح ما ندرسه الآن من طُرف التاريخ السخيفة!!!
ورغم ذلك فأنا مجبرٌ على الإنصات ومحاولة الفهم، على الأقل لنتجنب المزيد من المشاكل.لعله يخبرني باسمها.
رنّ الجرس معلنًا خروجنا من الأسر، وهويتُ برأسي على الطاولة من ثقل المعلومات في ذاكرتي، أتسمون هذا العالم متطورًا ولم تُخترع ذاكراتٌ بشرية للبيع بعد؟
سحبتُ نفسي من المقعد أفرك عيناي النصف مفتوحتان، ساقاي تتوعدانني بسقوط قريب، عقلي لن يقبل بأي حصة حاليًا.
خرجت من الفصل مع جموع الطلاب متجهًا إلى المقصف الذي قضيت في طابوره نصف الفسحة لأبتاع شطيرة وكعكة وماء.
ذهبت إلى الدرج خلسةً من المراقب، أريد أن أصعد للأعلى وآكل هناك في الفصل وليس في الساحة الصاخبة، ورغم منعهم لتواجد الطلاب في فصولهم أثناء الفسحة بسبب أمورٍ ما إلا أن التواجد في الفصل وحيدًا بعيدًا عن الضوضاء هنا أمر مريح.
نجحتُ في التسلل للطابق الثاني كما العادة، حمدًا لله، دخلتُ الفصل لأجد طالبًا آخر أيضًا، لست المشاغب الوحيد هنا.
حدّق بي مطولًا وهو يتتبعني بعينيه وأنا أسير لمقعدي الثالث بجوار الجدار، فتحت الماء لأروي عطشي من حر الصيف وما زال ذو الشعر البني يحدّق بي، ألا يعلم أنه تصرفٌ مزعج؟ نظرت له بحدةٍ رافعًا أحد حاجبي:
-ضيّعتَ شيئًا في وجهي؟!
ابتسمَ بخفة جاعلًا حاجبي يرتفع أكثر، تقدم إليّ وجلس في المقعد المجوار لي: