اثنان

767 69 33
                                    

أدنى حركة أحاول القيام بها تفجر براكين الألم في جسدي بعد أمسية الضرب البارحة، استيقظتُ في الثانية مساءً وسمعتُ صوته في الخارج ففضلتُ العودة للنوم على الأرض الصلبة على حالي البائسة على أن يعلم أني استيقظت ويكمل علي ما بدأه.

الآن أسمع آذانًا ما والشمس لم تشرق بعد فلابد أن يكون الفجر، هو غادر على الأغلب.

أحاول رفع ظهري عن الأرض وأنا أشعر أن عمودي الفقري قد تفكك لتسعٍ وتسعين جزءًا!

أغمضتُ عيني بشدة من موجة الألم الخاطفة بعد أن اعتدلتُ جالسًا، أكتم أنفاسي لأستطيع الوقوف وقلبي يقطع الصمت بنبضه.

مما يدل على أنني ما زلتُ حيًا، للأسف.

أسندتُ ذراعي للجدار داعمًا لجسدي على الوقوف وما إن فعلتُ حتى هويت مجددًا على الأرض مع صرخة مكتومة.

حتى الصرخة تحتاج طاقةً ليست لدي الآن.

أحس بروحي تختنق ولا تموت، فقط يا رب أرحني من حياتي، من يعبأ بعيشي من عدمه أصلًا؟

تحاملت على نفسي بالزحف حتى باب الحمام، يجب أن أستحم وأضمد جروحي وأصلي ولن أذهب للمدرسة على الأغلب اليوم، اليوم الخميس فالغياب طبيعي في آخر يوم في الأسبوع.

فتحتُ الماء البارد عليّ بعد أن استندتُ للحائط جالسًا على الأرضية، لا طاقة لي لأقف الآن، الماء البارد يلسعني ويهدئ الألم في نفس الوقت، بدأتُ بفك أزرار قميصي بذراعين مرتجفة من الألم، تصبحُ مهمة فك أزرار القميص مساويةً في الألم عندما تكون ذراعك مكسورة وتحاول رفع كأس ما.

انتهيتُ من نزع قميصي وأنا أتأمل الجروح الجديدة مع آثار الندبات القديمة المشوة لجسدي، لا يكاد شبرٌ في جسدي أن يكون خاليًا من لونٍ بني من آثار الندبات أو أحمر من الجروح الحديثة.

تنهدتُ بألم راجيًا أن يشملني ربي برحمته،
بدأت بمحاولة تنظيف الجروح وتضميدها، ساقيّ على الأغلب لن أستطيع المشي بهما ليومين، معدتي تنفجر من أدنى انثناء لجسدي، ظهري كذلك، ذراعي لم تبقى فيهما طاقة لفعل أي شيء، وجهي ورقبتي ورأسي ويداي فقط، هم فقط من لا يصابون بشيء أبدًا طوال ست سنين مضت لسببٍ ما، سمعته ربما؟ لا يود أن يقول عنه أحدٌ أنه يضرب ابنه بوحشية، صحيح؟

هو لا تهمه حياتي حقًا إذًا لمَ يبقيني حيًا؟ بل ويرسل مبلغًا صغيرًا كل شهر ليضمن بقائي على قيد الحياة، أيستمتع بتعذيبي وهو يراني أغرق في الظلمات ألمًا وعجزًا وفراغًا؟

إن كانت حياتي لا تهمه حقًا فلمَ يأتي يومًا كل شهر؟ لمَ يحرص على درجاتي في المدرسة؟ وإن كان فعلًا مهتمًا بي لمَ يضربني وكأنني..وكأنني لستُ ابنه؟!

أبي الغائبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن