ثلاثة

607 60 21
                                    

رن هاتفي بينما كنتُ مستجمعًا كل ذرة تركيز لدي لحل أوراق الكيمياء الذي أعطاني إياها ذاك اليامن، انتفضت بقوة من صوت رنينه المفاجئ، أخذته بسرعة أغلقه أيًا كان.

أخذت أسترجع أنفاسي بعدما انقطعت من الفزع! لم أركز هكذا منذ زمن بعيد، بعيد جدًا.

وتبًا للألم الذي عاد من حركتي السريعة، أخف قليلًا لكنه ما زال موجعًا.

فتحت درج مكتبي الثاني لأخرج المرهم منه لكنني توقفت ما إن تذكرت صلاة العشاء، رائحته غير مستحسنة البتة وستؤذي المصلين هناك، ربما سأؤجله بعد الصلاة.

عاد رنين الهاتف مجددًا بدون أن أفزع هذه المرة، رفعته بهدوء كما أصبحت حركتي مؤخرًا بطيئة كما الكهول، فقط بضعت أيام ويزول الألم بإذن الله.

رأيت رقم غريب، مندوب ما ربما؟
أجبت على الاتصال:

-من معي؟

-أهلًا، مرحبًا، السلام عليكم، وليس من معي مباشرةً بهذه الفظاظة يا رجل!

تنهدت بصوت مسموع، هذا اليامن، أردف مجددًا:

-على أي حال كيف الحل معك؟

-جيد، بقي لي معادلة لم أستطع التوصل لنتيجة فيها.

-أرسل لي صورتها.

-حسنًا.

أغلقت المكالمة وصوّرتُ المعضلة السابعة وأرسلتها له، ثوانٍ وأرسل لي حلها.

استغرقت ربع ساعة إضافية حتى أفهم الحل بمساعدته، هو جيد رغم غرابته.

تركتُ القلم ووقفت متمططًا بحذر، الحركة متعبة والجلوس لوقتٍ طويل متعبٌ أيضًا، خرجت من غرفتي متجهًا للخارج، للتو فقط أذّن ولكن يجب أن أذهب مبكرًا لأصل في الوقت المناسب مع هذه الساقان السقيمتان.

دخلت لمسجد حينا الصغير، هادئ وبارد وجميل بلا أي زخرفة زائدة، ضوء خافت مريح للعين، وصلت مع تكبيرة الإحرام وأديت الصلاة مع الجماعة، جلست قليلًا بعد الانتهاء استجمع طاقتي للوقوف مجددًا والسير.

ربّت أحدهم على شعري وقال:

-كيف حالك بُني؟ لمَ تغيبت لثلاثة أيام؟ أحصل مكروه لك؟

التفت أرى العم رامز، جاري الثالث، يمتلك روحًا فريدة تجبرك على الراحة أثناء معامتك لها:

-كلا يا عم، كنت مريضًا فقط.

أنزل يده من رأسي وأمسك بيدي وهو يقول:

أبي الغائبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن