رحمه متأخره

8 1 0
                                    

"
عندما يشق الشفق الارض والسماء ويتبين خيطه الابيض من خيط الليل الاسود؛ يضيء مايكفي من المكان لروبي والباقي يعتمد على ذاكرته ليجد دلو الماء البارد ويقوم بغسل وجهه؛ غمس يديه الخشنه بالماء ورشقه اكثر من مره ليتورد من برودته كانه يبتلع فحمتين في خديه، لم يعتد على مسح وجهه بيديه خشية ان يخدش نفسه لكنه مسح شعره الناري القصير للخلف يمشطه باصابعه المليئة بالندوب البنيه الصغيره والدقيقه نتيجة اعمالة الشاقه والجافه؛ بعد ان اصبح مستيقظا تماما حمل نفسه على بدأ يومه الروتيني بالاعتناء بالحانه وتنظيفها واصلاحها لكسب لقمة العيش،
راح يتجول يتفقد الاثاث ويعيده لاماكنه الصحيحه ليتاكد انه لم يسرق او يختفي او يتحطم منه شيء ويتفقد الاعمده الخشبيه ويتاكد من متانتها وقوتها وينفض الغبار عنها؛
بعد ان اصبح المكان مضاء اكثر بنور الشمس مما يسمح له بالقيام بالاعمال الاكثر صعوبه ودقه، توجه نحو زاوية بها سلسله حديديه متينه مثبته على وتد بارز من الجدار راح يحررها ويتركها تنطلق كالثعبان المجنون نحو الاعلى مصدره جلجله مزعجه لتنزل حلقه كبيره من السقف وتوقفت قبل ان تضرب الى الارض بثواني، كان روبي قد احكم الامساك بالسلسله قبل ان تنفذ وتصل الحلقه الى الارض وثبتها مجددا بكل مهاره وخبره ولم يحتج حتى للنظر الى مستوى الحلقه العملاقه التي يفترض بها ان تكون شمعدان كبير وظيفته اضائة المكان، وبدأ يتفقد شموعها ويصلحها، وينفض الغبار عن الثقوب والمنحنيات والزخارف الانيقة التي تجعل منها تحفه فنية ثقيله وقاتله، ثم يضيف مجموعه جديده من الشموع؛

استمر روو بالعمل حتى طلوع الشمس بالكامل ليستيقظ المالك الذي يعيش في طابق فوق الحانه ونزل مع السلالم الخشبيه التي تصر من حجمه وطوله ليجد روبي كعصفور الدُريّ الصغير يحوم بسرعه حول المكان ويعمل مستعجلا كعادته! بالرغم من شكله القاسي والصلب ووجهه الجاف من المشاعر نظر المالك نحوه بتعاطف وقال:"صباح الخير روو، ارى انك استيقظت مبكرا اليوم ايضا! وانتهيت من كل العمل"
اجاب روو بحيويه:"صباح الخير ريقاتي، رأيت ان انتهي من العمل مبكرا فعلي الذهاب للسوق وشراء مكونات للتخمير قبل ان تنفذ من المخزن" كان ريقاتي رجل طويل ومتين الجسد بالاضافه الى معده مدلله مكوره، لديه شعر اشقر فاتح جدا اكثر من شعر ابنته ومختلط بالكثير من البياض تماما كلحيته القصيره، لديه جحرين صغيرين في وجهه يطل منهما مقلتي عينينه الزرقاوين فاتحه اللون ويعتليها حاجبين مرتفعين وقصيرين يجعلانه يبدو كشخص غاضب طوال الوقت باعين شيطانيه وهذا ماهو عليه فعلا؛ وزياده على هذا فهو يتسم بشخصيه متسلطه ومتحكمه يحب اقاء الاوامر وخاصةً على ابنته الوحيده أوركيد؛ و بالرغم من كل مقومات الصلابه الجسديه و النفسيه والجفاف الأخلاقي أجاب على رووبي بلين وود:"جيد، اذا ستذهب انت وديجور معا لشراء الاغراض"، لم يبدو على روبي انه قد اعجب بالكلام فقد توقف عن ما كان يفعله ونظر نحو ريجاتي لثواني يحاول ايجاد جمله مناسبه للاعتراض ليقاطعه ريجاتي يحاول التبرير حتى لايبدو انه يلقي عليه الاوامر:"اظن انه سيكون خير عون لك، خاصه انه يعرف أكثر في هذا العمل وسيستطيع حمل الكثير من الاغراض...".
اعترض روبي اخيرا:"لكن لقد خططنا ان نذهب انا و اوركيد!!".
-"انا اعلم، لا اريدها ان تخرج اليوم وديجور يستطيع ان يكون ذا نفع اكثر لك! واوركيد قد تقوم بالتجول في كل مكان وتبذير المال على اشياء لانفع لها".
شد ريجاتي على اخر جمله من كلامه حتى يتحدى رووبي ان يعارضه فقد فقد صبره بمحاوله تصنع اللطف بسرعه خارقه، لكن روبي الصرصور الصغير الذي لايعرف مكانته الحقيقيه هو ملك المواجهه والتحدي رد عليه:" لابد ان هناك خطب ما بك!!، انا انزل للسوق كل يوم مع اوركيد فهي تستطيع مجابهة أولائك التجار وتوفير الكثير من التبضع بسعر قليل، مالمشكله مع اليوم بالذات؟ لابد من انكم تشاجرتم مجددا انت لاتتعلم ابدا!"

كرسيداحيث تعيش القصص. اكتشف الآن