رساله

6 2 0
                                    

"
دخان اسود!؟
ارى انه بدأ يتصاعد بين ظلال الاشجار وبدأ يحجب الغروب الدامي الذي كنت اتأمله بسكون مشجون بوحدتي...
قاطعتني ظلاله العشوائية تلعب بها الرياح كانها شياطين متلهفه هربت من جحيم تحت الأرض
تشوه منظر شفق المغيب وتطفئ النجوم وتحجب الهلال! جالبه للظلام اسرع مما يفعل الليل
هذا مقلق، لا يبدو ان هذه الشياطين تنوي على خير!
لذا شعرت انه من واجبي ان انطلق نحوها بكل مالدي من قوة لأتبين ماهيتها ومن اين أتت؛ وفي قفزة واحده جعلت  قلبي الصغير يقرع اسرع من البرق واصخب من الرعد لينتفض جسدي كاملا كالسهم وبضربه واحده وصلت وقفزت لاعلى شجره تقبع في سور القرية التي بدأت تدخن وتحترق واحكمت توازني على أعلى جذع فيها بعيدا  عن مرئى ابصارهم؛ لاجدني كنت محقا كانت شياطين تلتهم  الارض بلهيبها وتقتحم السكان البشر بحوافرها لتدكهم على الارض وتخرس صراخهم ثم تصهل منتصره بغضب كما لم أسمع من قبل بحياتي!
رأيت رعب لم اظن ابدا انه موجود في هذه الدنيا!
و مخلوق مثلي لن يقدر على شيء تجاهه، بل ان لم ابتعد الآن سأعرض نفسي لما يتعرض اليه الآن هؤلاء المساكين من البشر،
اختطفت شعلة تحمل رمادا يحمل قطعه بالية من القماش المتطاير مع الشرر والضرر.
اطفأتها الريح الساكنه عندما شققتها بقوة سرعتي لا اتحمل أبقى هنا ثانية أخرى،
على عكس ماتظن، انا لم اهرب، بل هرعت الى شريكي وصديقي؛ سأخبره بما حصل لهذه القرية التعيسه المنحوسة، على احدهم في هذا العالم ان يحزن على اهل هذه القرية المنكوبة ويدفنهم، ان لم اخبره لن ياتي احد لهذا المكان النائي المتوحد المحوط والمحفوف الا بعد اسابيع!
ومن قوة فزعي وارتعابي من هول ما رأيت وصلت لهدفي بعد يومين كاملين واكثر من نصف يوم بدون ان ارتاح لحظه واحده!

واليوم اخيرا عندما وصلت.... بالبداية كانت مدينه مليئة بنقاط صغيرة مكتضه كانه مجموعه من النمل يتخافت فوق وليمه، يحاولون انهاء اعمالهم تحت دفئ النور قبل برد الظلام
ومع اقترابي اصبحت النقاط تكبر اكثر واكثر وانا اغطس نحو الأرض تاركا اشعة الشمس تنعكس على ظهري اللامع النحيل الجاف، لم يتسنى لي الصيد والشرب طوال هذا الوقت انا منزعج! ولم افتح فمي خوفا من ان افقد الرسالة.
وقعت على قدماي بشموخ وانفخ صدري بالهواء استعداد لانطالقه اخرى فوق احد اعمدة المباني، استطيع رؤية كل مايحيطني وسماع كل مايهمس حولي بيقضه تامه، لم يطرف لي جفن او اغفل عن همس حتى اخيرا استطعت سماع صوت مألوف، يهمهم بلحن سيء ومزعج وغير منتضم يتغير في كل مره، انطلقت كسهم لا استطيع التفكير في شيء اخر سوى غرس مخالبي في ذراعه او كتفه لاحكم عليه واخبره بكل ماحصل!
انخفضت نحو مستوى قريب جدا للأرض لأستطيع تمييز وجهه من بين وجوه البشر الآخرين حتى وقعت عيناي على تلك العملتين الذهبيتين التي تعكس ضوء الشمس لتبدو كعيني ثعلب، استطيع تمييز عينا وصوت وشكل هذا المخلوق البشري من بين الملايين لايمكنه ان يفلت مني، اعرفة جيدا كما اعرف نفسي

ولا اصدق انه في اخر لحظه شعر بقدومي ورفع رأسه وتعرف علي من تلك المسافه فانا ابدوا كذبابة منطلقه باتجاهه، فقام شريكي الجاهل يرمي مستعجلا قطعة قماش على يده يظن أنني سأحط عليها كعصفور مدرب اليف، ياله من شاب سخيف؛
 فانا حتى لم استطع السيطره على قوتي و لم اقدر على التهديء من روعي وتعبي وسرعة انطلاقي فارتطمت به قدماي اولا وحاولت ان لا اغرس مخالبي فيه حتى لايتأذى وحتى اخفف من ضرر الهبوط السيئ ثم اصطدمت بباقي جسدي على صدره بقوه جاعلا منه يتراجع للخلف ويقع على الارض فعندما افتح جناحاي انا اصبح بحجم بشري كبير وبالغ

حملني بيدين يجمع اجنحتي التي لاتزال تعصف وتصفِعُه وتضربه على وجهه وتحرث الارض بين قدميه  فمازال الدم يضرب نهايات اعصابي لا استطيع التوقف عن ضربه والرفرفه بقوة، نجح في اخذي نحو الظل وهو ينادي بأسم أطلقه علي حتى يصبح التواصل معي اسهل:"غايا!! غااياا ماخطبك!" وينظر اليّ بعينية الذهبيتين التي انقبض السواد فيها من المفاجئة، انا منبهر انه لم يهرب ويظن اني كنت قادم للهجوم عليه، يالها من ثقه يحملها لي اظن اني اشعر بالقليل من الفخر فيه فقد دربته جيدا،

واخيرا نجح في جمع اجزاء جسدي الذي لايزال ينتفض كانه سيقلع مجددا ولا استطيع احكام السيطره عليه تماما، انزلني ثم أسرع واتى بالقليل من الماء لي، رفضت شرب الماء، انا لم اسلم رسالتي بعد! لازلت احكم عليها في فمي الذي يجابه مخلب دب ضخم، امتدت يده اخيرا بعد ان لاحظ عقله البدائي ما احمله...

لكن على عكس ماظننته!!  قدراته العقليه البشرية كانت اكثر تطورا فقد فهم الرسالة بسرعه! رأيت وجهه يتقلب أربع مرات في ثانية واحده!
كان متسائلا، ثم مصدوما، ثم قلقا، ثم نظر الي بشك!
فتح منقاري وبدأ يقطر فيه ماء الخيول الذي احضره من الاسطبل، ثم بدأ يرتجف صوته ويديه وهو يحاول البقاء هادئا، لم استطع السماع جيدا لكني واثق من انه يشكرني ويحاول التحدث الي يظن أني افهمه، لكني افهم لغة واحده فقط وهو صوت قلبه الذي بدأ يقرع وحركات جسده المضطربه واطرافه التي بدأت تهتز.
كم هو غريب هذا البشري لقد احضرت له دليل على موت اهله وجماعته وهو يقوم بشكري ويسقيني الماء؟ الن يبكي او يلطم او يصرخ كاي مخلوق حي طبيعي سيفعل! الن يصعد للسماء بحزن او يغطس هاربا بألم؟
وضع صحن الماء بجانبي وبعض من قطع اللحم المجفف التي يخزنونها البشر في اعشاشهم ثم تركني
رأيته يتجه للاسطبل؛ لم يأخذ وقتا طويلا حتى انطلق ممتطيا احد الاحصنه...
انا لست المخلوق الأذكى، لكني اراهن اني اذكى من هذا البشري الذي هرع نحو حتفه، لا احد عاقل يخرج عندما يخيم الظلام في هذه السهول الغامضه واخشى ان تلك الشياطين لاتزال تحوم في ذالك المكان خلف الجبل الذي اعيش فيه؛
آهه لما لايبقى في مكانه ويعيش بتواضع وراحه ويريحني معه؟
لكن... يحق القول!!..  لأننا شركاء صيد وبيننا منفعه متبادله.....
علي اللحاق به ورؤية ماسيحصل ربما اجد طريقه اعدله عن رأيه او مساعدته او الدعاء له ان يبقى بخير
"

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 6 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كرسيداحيث تعيش القصص. اكتشف الآن