حياة كمال قبل لقاء لينا كانت مختلفة بدرجة معينة. كان يعيش حياة مكرسة بالكامل لعمله وطموحاته المهنية. ذهنه كان دائماً مشغولاً بالمشاريع والأهداف القادمة، وكان حريصًا على السعي للتفوق والنجاح في مجال عمله.
كمال كان رجلاً منظماً ومنضبطاً، حيث أنجز مهامه بكفاءة عالية وحقق أداءً متميزاً دائماً. لم يكن لديه شكوك حول ما يجب أن يفعله لتقديم الأفضل في عمله، ولكن خارج العمل كانت مساحة حياته تفتقر للون الشخصي والتواصل العميق مع الآخرين.
كانت رحلاته إلى الخارج بغرض العمل تُقدم له بعض التغيير والتسلية، لكنها كانت تمثل في الأساس استمراراً لروتين العمل. الاجتماعات، التفاوض مع العملاء، وحضور المؤتمرات كانت تشكل جزءًا كبيرًا من وقته.
حتى أموره الشخصية كانت تدار بنفس الكفاءة والتحكم كمهامه العملية، فكان يجد وقتًا للتمرين في النادي الرياضي بانتظام والقراءة لتوسيع معارفه وثقافته. لا مجال للفوضى أو الانحراف عن الجدول الزمني المحكم.
ومع ذلك، كان هناك جزءٌ داخله يعلم أن شيئاً ما ينقص حياته، لحظات التواصل الحقيقي مع الناس والتجارب التي تغني الروح.
وفي أحد الأيام، حين لم يكن يتوقع، التقى بلينا في معرض فني تصادف حضوره إليه بدعوة من زبون يُقدر إبداعه. لينا، بروحها الحرة وإبداعها الفني، أضافت بُعداً جديداً لحياته الذي لم يعهده من قبل.
كمال تأثر بشغفها وتفانيها في فنها، وراحة بالها وسط عالم يبدو مُحتدماً دائمًا. تلك اللقاءات بدأت تذوب الجدران التي بُنيت حول حياته، وراح يكتشف الجوانب الأخرى التي كان يغفل عنها. فمع لينا، بدأ يستمتع بتفاصيل الحياة الصغيرة والتي تحمل أكبر الأثر.
كمال (في تأمل): "من الغريب كيف يمكن للقاء واحد أن يغير رؤيتك للعالم، وكيف أصبحت الآن أقدر أبسط الأشياء التي تجلب السعادة."
مع مرور الوقت، قادته هذه التغييرات ليعيش حياة أكثر توازنًا وسعادة، مع لينا إلى جانبه، وجد كمال معنى جديداً وعمقاً في تجاربه، داخل وخارج نطاق العمل.
في إحدى المساءات، قرر كمال أن يقضي بعض الوقت خارج نطاق عمله ومسؤولياته اليومية، فاتصل بصديقه المقرب أمير، للخروج لتناول العشاء وتجديد العلاقات في أحد المطاعم المفضلة لديهما.
كمال: "مرحباً، أمير! ما رأيك أن نخرج الليلة؟ أشعر أننا لم نلتق منذ زمن."
أمير: "هذا صحيح، يا كمال. سأكون سعيداً بلقائك. أين تفكر في الذهاب؟"
انطلقا للمطعم، وقد اختارا مكانًا هادئًا في الزاوية حيث يمكنهما الحديث بحرية. بين الأطباق اللذيذة وأجواء المطعم الودودة، بدأ الحوار يتدفق بسلاسة، يتبادلان التجارب والقصص عن التحديات والنجاحات الأخيرة في حياتهما.
كمال: "العمل يأخذ الكثير من وقتي، لكنني أحاول دائماً إيجاد التوازن. وأنت؟ كيف تسير الأمور في مجالك؟"
أمير: " تمام "
عاد كمال إلى منزله وهو يحمل معه ذلك الشعور الدافئ الذي يأتي بعد لقاء ممتع مع صديق عزيز. المناقشات، الذكريات المشتركة، وأوقات الضحك كلها ساهمت في تركه بمزاج مرتفع. الصداقة بالنسبة له تمثل مرساة تعيده إلى جذوره وتعيد شحن طاقته الروحية.
في الصباح التالي، استيقظ كمال بتجدد الهمة. ومع نسمات الصباح الباردة تسلل إلى ذهنه إلهام جديد لمشاريع العمل. أدرك أهمية خلق توازن بين العمل الجاد والعلاقات الشخصية التي تقوي الروح وتنعش العقل.
كمال (يفكر مع نفسه): "عليّ أن أتذكر دائمًا أن أخصص وقتًا لهذه اللحظات. تزيد من قدرتي على العطاء في كل جوانب حياتي."
وصل كمال إلى مكتبه وبدأ يومه مُجهزًا بطاقة إيجابية، يعلم أن تلك الطاقة ستنعكس على تعامله مع زملاء العمل وعلى كفاءته في إدارة المهام الموكلة إليه. كان يعلم أن الوقت الذي يقضيه مع عائلته وأصدقائه يمنحه الدافع ليكون نسخة أفضل من نفسه.
كان يومًا جديدًا، لكن بالنسبة لكمال، كان أكثر من مجرد سلسلة مهام وواجبات، كان فرصة لترجمة السعادة التي عاشها في ليلة مع صديق إلى إنتاجية وإلهام في حياته العملية والشخصية.
أنت تقرأ
" زمردة الزمان "
Romanceيحتضن عنوان الرواية، "زمردة الزمان"، قصة كمال ولينا بتكثيف، حيث يرمز إلى الجوهرة الثمينة التي تتخذ مكانًا فريدًا في جبين الوقت، كنايه عن قصة حب هي الأثمن والأرقى في حياة كل منهما. النسق العام للرواية يتدرج بين طيات الأقدار ومواقف الحياة التي لا تخلو...