الأول.

68 22 8
                                    

شقت قطرة ماء طائشة طريقها من غيمة سوداء متكتلة محملة بالدموع وكأنها انعكاس الشرور لكون موازٍ لا يعلمه الا من ارسلها، قطرة كبيرة كبركة ماء متطفلة في حجر الأرض، تصارعت مع الرياح العاتية الى الأسفل اسرع من الصقر في هبوطه لترتطم بقسوة الصخر فتناثرت فلم تحدث ضررًا واذ كانت ضخمة في نظر الحشرة كلما اقتربنا وصغرت كلما ابتعدنا وضخم الهيكل والعظم، تبعتها مجموعة هائلة من رفيقاتها من نفس المصدر؛ الغيمة السوداء الفائضة من ذلك الكون، الوحيدة بين اقرانها من الغيوم العادية الموزعة في سطح السماء، كالجيش اخترقوا الرياح وتغلبوا عليها حتى ارتطموا في الأرض تباعًا، غزاة المطر من السماء للأرض فلو كانت واحدة لم تكن لتبلل احد لكن كلما ازداد العدد استطاعت اغراقك ..هكذا الاعداد تحدث فارقًا ..

مجموعة من الاقدام البشرية ضربت الأرض فأحدثت زلزالًا لمن هو اصغر، ثلاثة ..لا بل اربعة من الرجال، يحاوطون انسيًا ويأخذوه لمكان ما على عجل بل ..لا، يبدو كإنس من الخارج لكن قلبه ينبض الى الداخل عكسهم، هيئته هندامه ..يبدو كسيدهم، اعلى شأنًا منهم ..

الليل يخفي ملامحهم كستارة والغيم يحجب ضوء الحجر المدور في الأعالي، والرعد والبرق يتصارعان مع بعضهما في لوحة ملحمية تديرها سمائهم، يحمل احدهم مظلة ويجري خلف ذلك الشاب الغير انسي يحاول حمايته جاهدًا من المطر لكنه لم يستطيع التغلب على حبات المطر المراوغة فتبلل سيده كجرة طين فعاد لأصله ..لو كان بشرًا، لكنه مخلوق متطفل ..

توقف الزلزال، يحملقون بهيكل عملاق مريب كأنه اعجوبة القرن الآتية، شجرتين متلاصقتين عاريات من الورق متحدتين الى بعضهما يصنعان نفق عند اتحادهما بألاسفل ويؤديان الى الهاوية الى اللاشيء وتمتد جذورهما العملاقة حولهما، على الخشب نحتت اعين متفرقة ومن جهة اخرى كأن فتحة النفق كونت شكل محور العين فكلما شرقت شمسًا ظهرت عبره كحدقة عين وكلما جاء الليل صار القمر حدقة في منتصف النفق كاليوم ..

بلع من يمسك المظلة ريقه وفرق شفتيه المتيبسة ليقتل صوت المطر الغزير بثانية:
-ها هي سموك!

لم يكن سيده اقل اندهاشًا منه فكان كما لهفة الذي وجد ملاذه وانتمائه، فسطعت السماء ببرق لاذع اضاء ملامحه الباردة وعيناه الميتة اثر عطشه لهويته، خصيلات شعره المبلله المرتعشة حول وجهه وانفه المحمر كما لو انه سيصاب بنزلة برد على اثر هذه الليلة، شحوب وجهه يدل على ضعفه الذي استمده من هواء غير دياره لكن العزيمة والقوة التي لمعت في عينيه بسبب لمحة ضوء كانت لا مثيل لها اطلاقًا لا بهذا الكون ولا بغيره!

ليكن ..ليكن هذا الظلام سجنك وسلامك ..فالظلام المحيط للقمر ما هو سوى سور يضاعف قوته اعلى السطور.

سارع بدخول النفق الممتد للهاوية ليتبعه رجاله، صوت حسيس بدأ ينبعث من الصخر عندما اشعل احدهم النار فيه لترتفع فصنعت دائرة مضيئة انارت حولهم، برق الضوء في عينان الشاب كاللهب وامتدت انامله الطويلة البيضاء لتلامس الجذع الذي امتلأ برسومات غريبة ..غريبة بما يكفي لسكان هذا العالم ..

سولماجني؛ انتفاضة قزححيث تعيش القصص. اكتشف الآن