. 1 .

499 185 173
                                    

° اَلبَدايِةَ°
......
بَدأتَ قَصتُنا في لندنِ عامَ 1953
فَيِ اللَيلَ حَيثَ يِذهبُ الجمَيعُ للنومِ بَعدَ يِوماً طويلاً شاق فَيعمُ الصمتُ بَيِنَ تَلكَ الشَوارعِ
و البيوتَ، فيِ ذلكَ البيتَ تحديداً دَاخلَ
أحدَ غرفهُ تَجلسُ فتاةٌ على كرسيِ
قَريب من النَافذةِ
تَتأملُ النجومَ و الَصوتُ الوحيدَ
الذيِ كان يملى الغرفةِ هوَ صوت
الساعة الجداريةِ إذَ كانتَ تُشيرُ الى
°(10:30)°
لتَقفُ الفتاةَ بَملل متَجهةََ بخَطى شبهِ بطيَئة إلى السريرِ و تَستلقيِ عليهِ بهدوءٍ
تحدقُ بالسقفِ بعيونٍ لا تَعكسُ اي مَشاعر
تَغمضُ عيناها وَكُل ما يِشغلُ تَفكَيِرها هيِ امنيةٌ واحدةَ
لمَ تكنَ مَنتَبهةً إلى ذَلكَ النَجمُ السَاقطَ
وليِس اي نجمُ انهُ
نَجمُ الأمَنيِاتَ
اَلساَعةَ الَجداريِة تُشيِرُ إلى
°(11:00)°
فُتحتَ النَافذةَ ليِصدرِ صَوتُ صَرير قَويَ
جَاعلاََ من الذيِ يِقفُ خَلفَ النَافذةِ يِرتبكَ
دَخل ذَلكَ المَجهولَ وهَو يِسيرُ على اطَرافِ اصابعهِ كَي لا تَستَيقظُ تَلكَ النَائمةَ
اَلساَعةَ الَجداريِة تُشيِرُ الى
°(11:13)°
يِسَتَشعَرُ جَسدُها اَلنسمات البَاردةَ
اَلقادمةَ منَ النَافذةِ الَمفتوحةِ
تَستيقظَ بَكسلَ و تَنهضُ
منَ الَسَريرِ تَسيرُ بتجاهِ الَنافذةَ
و تَغلقهاَ، تَستدير مَستعدةً للعودةِ إلى السَريرِ
تَقف و تتوسع عَيناهاَ وفيِ داخلِ عَقلها الكثيرُ من الاَسالةَ
__اَلمَ تكنَ النَافذةَ مُغلقةً قَبلَ انَ انامَ؟
ارَدفتَ بَتسألَ لَتستديرَ نحوَ النافذةِ مرةَ أخُرى و تَنظرُ اَليهاَ بَصمتِ
قَاطع صَمتُها سَقوط أحدَ الكَتبِ منَ الرفِ و
يِليها صوتُ احَدهمَ وهوَ يِقولَ
__أَسفَ
__منَ هناكَ؟
يِتَقدمُ الاَخر بَخطواتٍ ثَابتةَ بَينَما الَاخرى
تَكادَ تَتراجعَ من الخَوفِ لَتصرخَ
__قَفَ مَكانكَ! مَن انتَ؟
__لَا داعيِ للخَوف اناَ لاَ اكَل البَشر
__لَكنكَ تَسرقُ اَغراضهم
__ مَهلاً مَاذا؟ لَستُ هُناَ للسرقةِ
__اذاً لَما انتَ هَنا، لَتقتَلني؟
تَردف الأخرى وَعلامات الَتسأل تَملُى وَجههاَ
__اَنا هُنا للمساعدةِ
قَال كلامهُ وَابتسامتهُ تَعلو وَجههُ
__المَساعدةَ فيِ مَاذا؟
__سَوفَ احققُ لكِ امنَيةََ واحدةَ
__اَتمنى انَ اموتَ.
قَالتَ كَلامهاَ لَتجعلَ اَبتَسامتةَ الاَخرَ تَتلاشى
وَ يِنظرُ نَحوهاَ بَنظراتِ حادةَ
__هَذهِ لَيستَ امنيتكِ، دَاخلكِ يِقولِ العكسَ
لاَ احد يَريدُ الموتَ انَماَ البعضَ يَريدُ العيِشَ بَسلامٍ، و البَعضُ الاخرَ يَريدُ حياةً مليئةَ بالمغَامراتِ .. اناَ عَشتُ لَالفِ السَنينِ وَ رايتُ تَناقضَ الَبشر حَيثَ يقولونَ شيئاً
وداخلهمَ العكسُ تَماماً
__كَيف لكَ ان تَعرفَ ما بداخلي؟
__أناَ اعرفُ كَل شيء يا ايَمليَ
عَلاماتَ التَوتر بَدأتَ بالظهورَ على وجهِ اَيَمليَ و خَطواتها اَصبحت تتراجعُ إلى الخَلفِ شيئاََ فَشيئاََ
__مَن انتَ؟ منَ تكونَ؟
_أَنا بَيتر بانَ .. تسَتطيعينَ مَناداتيِ بَيترَ
وَ سَاناديكِ اَيمَ
__مَاذاَ تريدُ؟ وَمنَ اينَ اتيتَ؟ كَيفَ وصلتَ إلى هُنا؟ مَن ارسَلكَ؟
__اَسالتكِ كَثيرةَ لَكَن لابأس، اتيتُ للَمساعدةَ
اتَيتُ منَ السَماءٍ منَ مكانٍ بَعيداََ جَداََ
تَركتُ مُوطنيِ وَكل منَ اَعرفهمَ ضَحيتُ بَنفسيِ لاجَلكِ
اَقتربَ منَ النافذةِ واشارةَ بيدهِ نَحو النَجومَ ليِكملَ كلامهُ
_هؤلاء اَصدقائي و أهلي بَينَ تلكَ النُجومِ يِقعُ موطنيَ لاَ بل مَوطنَ الالفِ منيِ وَ مثليِ، الانَ همَ يِرونيِ و يسمعونَي
__مَهلاََ قلتَ انكَ ضَحيتَ بَنفسكَ لاجليَ ..
لَما فعلتَ هَذاَ؟
__لاجَعلكِ سَعيدةَ
__وماذاَ تريدُ بالمقابلِ؟ .... مال؟
سوفَ تجدهُ فيِ ذلكَ الدَرجَ
قَالتَ كَلامها وَهيِ تُشيِرُ بَيدهاَ نَحو مَكتبَها الَبسيطَ ثَم اَكملتَ كَلامهاَ
__خَذهَ كلهُ و ارحلَ منَ النافذةِ كَما دَخلتَ منها
الَتفتَ اَيمليِ لَتتجهَ نَحو سَريرهاَ
__لاَ تَنسى اَغلاقَ النافذةِ خلفكَ
__مَهلاََ ماذاَ ! لَما لا تُصدقينيِ
__هَل سوفَ تَصدقُ بَاحدهمَ عَندما يَقتحمُ غَرفتكَ فَي مُنتصفِ اَلليِلَ و يَخبركَ انهُ سَيحققُ لكَ امَنيِة؟
__نعمَ ..
__انتَ تَقولُ نعمَ اماَ اناَ مُستحيلَ
__دَعينيِ اريكِ شَيئاََ يِثبتُ صَحتَ كَلاميِ
صَمتت امَيليَ قليلاََ ثمَ اردفتَ
__ماهوَ؟
__قَبلَ قَليلَ كنتِ تَجلسينَ على هَذا الكُرسيِ وتتأملينَ النُجومَ و الانَ لوَ نظرتيِ إلى النُجومَ سَوفَ تَجدينَ شَيئاََ مَفقوداََ
اَقتربِ و تَحققيَ بَنفسكِ انَ كنتِ لاَ تصدقينيَ
اتَجَهتَ اَيمليِ للنافذةِ وَنظرتَ إلى السماءَ
__مَهلاََ، حَقاََ لا تَصدقينَي
__فَقط اصمتَ
قَالتَ كَلامها بَينما نَظراتُها تتجولُ بَينَ النجومِ ، بَعد لَحظاتَ تَوسعتَ حَدقَتهاَ لَتقولَ وهَي تُشيِرُ إلى السَماء
__هَنَاكَ نَجَمٌ مَفقودَ !
__قُلتُ لكِ
__لكنَ كَيفَ منذُ ساعةَ كانَ موجوداََ
لَتقومَ ايملي بَفتحِ النافذةِ و تمسكَ كُرسي الذيَ كانَ بقربهاَ و تُقربهُ منَ النافذةِ وَ تَصعدُ فوقهُ
__هلَ انتِ مَجنونةَ؟ ماذاَ تَفعلين؟
__سَاتحققُ بَنفسي
__سوفَ تَقعينَ
صَمتَ بَيترَ قَليلاََ ثمَ قالَ
__لاَ تصدقينيَ و لاَ تُصدقينَ عينيكِ اذاَ بمنَ تُصدقينَ؟
__لاشيء
اَصحبتَ ايمَليَ على طَرفَ النَافذةِ وَ النَسماتَ الباردةَ تُحركُ شَعرهاَ ذو اللونِ الاسودَ ، تُدقق النظرَ بَينَ تلكَ النُجومَ
__اَينَ اختفتَ هذاَ مُستحيل
وَ تكملَ كَلامهاَ بَنبرةٍ باكيةَ
__انهُ نَجميِ المُفضلَ .. لماَ ..
لماَ يِختفيَ كُل شيءَ اَحبهُ؟
__شكراََ
لتَستديرَ لهُ وَ تُردفَ
__على ماذاَ؟
__لانيِ المُفضلُ لَديكِ
__اناَ اقصدُ النَجمَ ليسَ انتَ
__لاَ بلَ اناَ
__يِا الهي ، هلَ انتَ مريضَ امَ مَجنون
سَاصرخُ منَ هُنا وَ اقولُ انَ سَارقاََ مَجنوناََ اَقتحمَ غُرفتيِ
يَتقدمُ بَيترَ مُتجهٍ لهَا
__هَيا ايِم ماهذاَ الكَلام اَنزليِ منَ النافذةِ
وَ ساشرحُ لكِ كلَ شيء .. دَعينيِ اساعدكِ
تَقدمَ بَيتر و مدَ لها يدهُ كيَ تمسكَ بهاَ
اماَ ايمليَ كانتَ تَبتعدُ عنهُ
__لااريدُ المُساعدةَ منكَ ايُها المَجنونَ ، ابتعدَ
وكَل خَطوةََ كانَ يِتَقدمَ بهاَ بيترَ نحوَ الامامَ كانتَ ايملي تَتراجعُ نَحو الَخلفَ
وعندماَ لمَ يبقى لهاَ شيء لَتتمسكَ بهِ
وقَعتَ
كانتَ تعابيرُ الصدمةِِ مَتلى وَجههاَ
لتَغمضُ عيِناهاَ مُستعدةََ لانَتقالهاَ للعالمِ الاخرَ بينماَ تردفُ بَداخلهاَ
__هلَ هذهَ سَتكونَ نهايتيِ؟ هلَ سأموتُ بهذهِ الطريقةِ المؤلمةَ؟ لكنَ لماَ؟ ..
لاَ .. لا أريدُ انَ اموتَ لَازلتُ لمَ اراه
أريدُ انَ اعيشَ لكيَ اراه
لتفتحَ عَينيهاَ بسرعةَ و تصرخُ بأعلى صوتهاَ
كَانهاَ ابكَمَ استطاعَ استرجاعَ صوتهُ
و فَجأةَ
بدأ رذاذٌ ذوَ لوناً ذاهبيِ و رائحةََ فواحة يحيطُ بهَاَ، تَتوسعَ عَينيهاَ اكثرَ عندماَ راتَ بيترَ يقفزُ خَلفهاَ و عَندما لمَ يبَقى بَينهاَ وبين الارضَ سوى مَسافةَ قليلة اغمضتَ عينَاها وهيَ مُدركةَ انَ هذهَ سَتكونَ نَهايتُها
تُحاولَ تَنظمَ انفاسهاَ التيِ صارتَ سَريعةََ جَداََ، شعرتَ ايمليِ بيد تمسكَ مُعصمهاَ، تَفتحُ عيناهاَ قليلاََ و ترى بيترَ يمسكهاَ، تَعقدُ حاجبيهاَ و تردفُ
__كيفَ؟
كأنَ الوقتَ و الجاذبيةَ تَوقفا
كانَ بيترَ يمسكَ اَيمليِ
وَ يِطفوان بينَ الأرضِ و السماء
بينَ موطنَ كلَ واحدَ منهماَ
يِميلُ بيترَ براسهُ قليلاََ ثمَ يِقولَ
__سحرَ
و ضحكَ بَعدهاَ، تميلُ ايمليَ راسهاَ لليسارِ
و ترى انَ بينهاَ و بينَ الأرضِ مسافةٍ ضَئيلةََ جَداََ .. بينماَ هي تَنظرُ إلى الأرضِ بعدمِ تَصديقَ اَنتبهتَ انهاَ بدأت بالرتَفاعَ لتعاودَ النظرَ نحوَ بيتر و تمسكَ يدهُ بكلتا يَداها وَ تبدأ بالصراخِ مُجدداََ
__اَنزلنيَ .. انزلنيَ ارجوكَ ..اريد النَزول
__حَقاََ تَريدينَ انَ اتركِ تَقعين؟ حَسناََ لكِ ذَلك
__لااا .. لاا
تحاولُ ايمليَ تَنظمَ انفَاسها التيِ اوشَكتَ على الانَعدامَ ليضحكَ الاخرَ و يردفُ
__امزحَ فقطَ .. حسناً اذنَ تمسكي جيداََ
يبدأُ بالارتفاعَ اكثرَ فأكثَر إلى انَ لميستَ قَدميِ اَيمليِ حَافةَ النافذةَ لتفلتَ يدَ بيترَ بسرعةَ و عادتَ إلى الخَلفِ بسرعةََ اكبر وَ نظراتَ التوَترَ تملى وجَهها و عيِناهاَ
على وشكِ ذرفِ الدموعَ
يتقدمُ بيترَ لحافةٍ النافذةَ ويدخلُ منَ خلَالها
لتتراجعُ بخوفَ مُحاولةَ التَمسكَ بايِ شيء لَيساعدهاَ على الوَقوفَ بَشكلَ مُستقيمَ لانَ قدماهاَ لمَ تستطعَ حملَ جَسدهاَ بعدَ تلكَ الصَدمةَ بالنسبةِ لهاَ اماَ لبيترَ فهو ابسطُ شيء يستطيعُ فعلهُ ..
كَانت يَدياَ ايِمليَ تَرتَجفانِ فَعندماَ حاولتَ انَ
تَتكى علىَ مَكتبهاَ مُحاولةََ الوَقوفَ لَتصرخُ
__مَن انتَ بَحقِ الجَحيم؟ ..
__اناَ بيترَ بان
تَقدمَ بتَجاهُا لَتَمسكَ اولَ شيَ امَامهاَ
مُحاولةََ الدَفاعَ عنَ نَفسهاَ لَتمسكَ صورتهاَ عندماَ كانتَ صَغيرةَ
__اَبتعدَ والا ..
تَرفعُ الصورةَ ذاتَ الاطارِ الذَهبيِ فيِ وجههِ ليرفعُ الاخرَ يديهِ لأعَلى راسهُ
تَضعَ ايمليَ يدهاَ على حافةِ المَكتبِ
لَمساندةِ نَفسهاَ كيَ تَقفَ وَ لازَالتَ توجهُ الصورةَ نحوهُ كانهاَ شَرطيَ اَستطاعَ
امساك اكثر المُجرمينَ خَطورةَ
يِشيرُ بيترَ يدهُ نحوَ الصورةَ
__هذهَ ليستَ سلاحاََ انهاَ مجردَ صورةََ لكِ وأنتِ صَغيرةَ اوهَ انظريَ إلى هذا الوجه الجَميل

نَجمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن