الفصل السادس والثلاثون

401 14 4
                                    

(( أشلاء القلوب ))

_ الفصل السادس والثلاثون _

ولكن لم يجد منها جواب فعاد يهزها مجددًا وكانت نفس النتيجة فارتعد من القلق والخوف كالعادة ، هرول إلى خارج الغرفة ليجلب شيء يستطيع من خلاله ايفاقتها به وعندما عاد وجدها تجلس على الفراش تتطلع إليه مبتسمة برقة ، فتسمر بأرضه للحظات يستوعب الأمر ثم بدأت قسمات وجهه تأخذ شكلًا آخر مخيفًا بعد أن أدرك أن الأمر كله خدعة ، ورأته وهو يلوي فمه ويعض على شفاه بنظرة مميتة فتأكدت حينها أنها أخطأت خطأ كبير بفعلتها تلك ، فقررت إصلاح الأمر ووقفت وقالت شبه ضاحكة :
_ خلاص متتعصبش أنا آسفة كنت بهزر بس والله

كان يطالعها صامتًا بتفس نظرته فتلاشت ابتسامتها تدريجيًا وقالت بتوتر حقيقي :
_ طيب ليه مبتردش عليا

خرج صوته الجهوري صارخًا بها :
_ عشان لو رديت هخليكي تنامي وإنتي بتبكي النهردا ، هزار إيه المستفز ده هااا هو في هزار كدا ، لا وبتقوليها بكل برود

انتفضت في أرضها على أثر صراخه ولم تتمكن من التفوه بكلمة واحدة فقط تستمع لتوبيخه وعصبيته عليها :
_ شغل الأطفال ده ميتكررش تاني فاهمة ولا لا ، واعقلي في حجات ينفع الهزار فيها وفي حجات لا ، وبذات معايا أنا .. جاية تهزري في حاجة زي كدا أنا فيا اللي مكفيني ياملاك ومش ناقص ، ويارب أشوفك بتكرريه تاني

شعرت بغصة مريرة في حلقها تنبأها بسقوط دموعها الحارقة من قسوته وصوته المرعب ، فهي لم تكن تتوقع ردة فعله القوية هذه ، وكانت فقط تريد رؤية خوفه وقلقه عليها ولكن انعسكت الصورة لترى بركان خامد ينفجر في وجهها ليجعلها تقف ساكنة لا تصدر أي صوت ودموعها على حافة جفنيها تستعد للنزول ، بينما هو فقال جملته الأخيرة واندفع إلى خارج الغرفة وتركها ، وكأن دموعها كانت تنتظر ذهابه حتى تهبط سريعة وغزيرة ، فجففتهم وشدت على محابسهم ثم تسطحت على الفراش ودثرت نفسها بالغطاء وجعلت وسادته تخبئ دموعها وتتحملها وهي تحدق في اللاشئ أمامها بصمت .

                                  ***
في صباح اليوم التالي ......

استيقظت من النوم ونظرت بجوارها فلم تجده تنهدت بخنق ثم نهضت وتوجهت إلى المرحاض لتأخذ حمّامًا دافئ ثم خرجت من الغرفة فوجدته نائم على الأريكة بالخارج ، ابتسمت بمرارة وهمست لنفسها " هل كل هذا بسبب ما فعلته "
توجهت نحو المطبخ وقامت بتحضير الفطور وهي شاردة في أشياء كثيرة ، وبينما كانت تحمل المياه السخنة وتهم بسكبها في كاسات الشاي كانت ستسكبها على يدها لولا يده هو التي امسكت يدها وقال بجدية :
_ سرحانة في إيه مش تخلي بالك كنتي هتحرقي إيدك !

نظرت له بصمت تام ثم اشاحت بوجهها عنه واستمرت فيما كانت تفعله فتنهد هو بهدوء ثم تمتم بنبرة رخيمة قاصدًا لفت انتباهها له :
_ صباح الخير

رواية أشلاء القلوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن