الفصل الثالث

112 8 0
                                    

دخل الى الشركة بخطوات رزينة وابتسامة واثقة حيا الجميع ببشاشة ثم انطلق الى وجهته قابل السكرتيرة في طريقه فأشار الى الباب دون كلام فإبتسمت وهزت رأسها بلإيجاب طرق الباب وسمع الإذن بالدخول فدخل دون كلام
رفع رأسه من الورق المشغول به ونظر الى ساعته وقال: متأخر عشر دقايق
ضحك عاصم بقوة وهتف: ياجدع بقا انت عامل زي الإنسان الآلى كدا ليه... بتحسسني بالرعب وانا بتعامل معاك
ابتسم عمر ببشاشة وقال: ع أساس بتخاف و بتعمل حساب يعني... ما انت ع طول ما بتسمعش كلام حد
زفر عاصم وهتف: يا بني خليك حقاني انا عمري رفضتلك كلمة.. دا انا بسمع كلامك اكتر من ابويا
هز عمر رأسه وقال: الصراحه في دي عندك حق
ضحك عاصم وردد: ايوا كدا خليني أحبك
ابتسم عمر ولم يرد فأردف عاصم: قولي بقا عاوز مني ايه انا جيت الشركة ونفذت كلامك بالحرف وقولت تيجي الساعه 9 وجيت 9 وعشرة بالدقيقة
قام عمر من مكانه وعلى وجه ابتسامة وهتف وهو يسير بإتجاه الباب : دلوقتي تعرف كل حاجه
سأل عاصم دون فهم: هنروح فين
رد عمر وهو يسير في طريقه دون أن يلتفت إليه: امشي ورايا وانت ساكت
زفر عاصم بقوة وهتف بسخط: كل حاجه أوامر.. أوامر... محسسني اني واحد من اللي شغالين عندك
نظر له عمر نظرة مرعبة فابتلع عاصم لسانه وصمت
وصلوا الى وجهتهم فطرق عمر الباب ودخل وخلفه عاصم الساخط على كل ما يجري
هتف عمر ببشاشة: صباح الخير يا معتصم بيه
ابتسم معتصم وقال بفرحة: صباح الخير يا عمر
صاح عاصم بشقاوة: صباحوو يا بوب
ارتسمت على ملامح معتصم إبتسامة جميلة وتهلل وجه برؤية ولده الوحيد وهتف: صباح الورد يا عاصم.. وانا اقول الشركة منورة ليه
ابتسم عاصم بمحبة وقال: منورة بوجودك يا حبيبي
تدخل عمر في الحوار قائلاً: وهتنور اكتر كل يوم.. عاصم باشا قرر يشتغل معانا
ظهرت معالم الصدمة على وجه عاصم وشعر ببوادر ذبحة صدرية أتية في الطريق وهو ينظر الى عمر بلا تصديق وما زاد الطين بله هو رؤية الفرحة الشديدة التي ظهرت على وجه معتصم وهو يقول: بجد يا عاصم.. انت مش عارف انا فرحت بقرارك دا قد ايه...انا من زمان وانا عاوزك تتعلم الشغل وتفهم الدنيا ماشيه ازاي... دلوقتي بس أقدر اتقاعد وانا مطمن وعارف انك انت وعمر هتديروا الشركة احسن مني
كان عاصم يهز رأسه دون كلام وهو يكاد يبكي بحرقة بسبب خداع عمر له
اما عمر فكان يكتم الضحك بصعوبة وهو ينظر الى وجه عاصم الذي لا يفسر ووجه معتصم الفَرح وقد منعته فرحته من إدارك من يمر به عاصم من صدمة وتخبط
وَجه معتصم حديثه لعمر قائلاً: طبعا انا مش هوصيك يا عمر... اكيد هتعلم أخوك كل صغيره وكبيرة في شغلنا... عاوزه يطلع من تحت ايدك بريمو محدش في السوق كله يقدر يضحك عليه
رد عمر برزانه: متقلقش يا عمي... عاصم في أمانتي وانت عارف اللي بيطلع من تحت إيد عمر بيبقي عامل ازاى
هز معتصم رأسه مؤكداً على صحة كلامة وقال: عارف طبعا وبعدين عاصم مش أي حد يعني... دا انتوا اخوات وفاهمين بعض كويس اوي.. وعاصم دايما شايفك اخوه الكبير ومَثله الأعلى في الحياة
هتف عمر بسعادة: ربنا يديم المحبة بينا.. وهو عارف اكيد غلاوته ومعزته عندي من غير كلام
كان عاصم يتابع حديثهم وهو يطحن ضروسه بقوة و وَد لو يلكم عمر في وجه بشدة ولكن عمر قد وضعه أمام الأمر الواقع وليس هناك مفر
وقف عمر وقال: طب نستأذن احنا بقا يا معتصم باشا ونسيبك لشغلك ونروح نشوف شغلنا انا وعاصم
رد معتصم بهدوء: تمام يا عمر اتفضلوا وربنا معاكوا
ثم وجه كلامه لعاصم وقال: بالتوفيق يا عاصم
رسم عاصم على شفتيه إبتسامة خفيفة وهو يقول: ميرسي يا بابا
ثم خرج خلف عمر وهو يكاد ينفجر من الغيظ حتى وصلوا الى مكتب عمر فصاح عاصم بشدة: ممكن أفهم ايه اللي عملته دا... انت بتحطني قدام الأمر الواقع يا عمر
تكلم عمر بهدوء: ممكن تهدى وتفهمني
صرخ عاصم: لا مش ههدى انت تعرفني انت ليه عملت كدا
صاح عمر بالمقابل: ماتعليش صوتك يا عاصم.. واكبر واعقل بقا مش هتفضل عيل صغير طول عمرك
كان عاصم يتنفس بسرعه من شده إنفعاله فهتف بقوة: انا مش عيل يا عمر وانت عارف كدا كويس
نفى عمر برأسه وقال: اللي بتعمله دا شغل عيال.. عمال تزعق ومش راضي تفهم انا عملت كدا ليه
جز عاصم على اسنانه بغيظ وقال: طب انا هادي اهوو... اتفضل فهمني بقا
أشار عمر الى الكرسي خلف عاصم وقال: طب اقعد الأول
صرخ عاصم بحدة: عمرررررر
ضحك عمر وقال بلامبالة: خلاص خليك واقف
زفر عاصم بقوة فإبتسم عمر و أردف: بص يا عاصم انت كدا كدا كنت هتاخد الخطوة وهتيجي تشتغل معانا بكرا او بعد سنه في النهاية هتيجي وهتشتغل كل اللي انا عملته اني سرعت الموضوع شوية لأني فعلا متحاجك الشغل كل يوم بيتقل عن اليوم اللي قبله وعمي معتصم تِعب و مبقاش حِمل الضغط وشدة الأعصاب اللي بنشوفها... والخلاصه الشركة دي بتاعتي انا وانت... انا ليا النص وانت ليك النص... واللي بدأه ابويا وابوك احنا هنكمله فعايزك معايا نسند بعض ونكَبر شغلنا ونكِبر أكتر وأكتر.. قولت ايه
كان عاصم يتابع كلامه بغيظ فهو يتفهم كل ما يقوله ويعلم ان لديه كامل الحق وعليه ان يعقل ويتحمل المسؤولية سأل بضيق: طب ما قولتليش كدا ليه من الأول
رد عمر بصراحه قائلاً: كنت سايبك تتدلع.. بس لقيت الدلع زاد عن حده... وبقيت بتتهرب من المسؤولية فقولت أفوقك وأرجعك للطريق الصح من تاني
هز عاصم رأسه بغيظ وقال: تمام يا عمر انا معاك وتحت أمرك في اللي انت شايفه صح
ابتسم عمر بسعادة وهتف: كدا تبقى حبيبي.. ومتخافش مش هقسى عليك عشان عندك لسه دراسة وامتحانات...ثم غمز له وقال: وبردو في حاجات تانيه مش هاخدك منها وهسيبك تعمل اللي انت عايزة... بس في نفس الوقت الشغل شغل واللي اقوله يتنفذ...تمام اتفقنا
أومأ عاصم وهتف بتأكيد: اتفقنا
همس عمر بإبتسامة : على بركة الله
....................................
بعد انتهاء اليوم الدراسي ذهبت ليل ونوجا الي عائشة دقا جرس الباب ففتحت صالحة وقالت بإبتسامة صغيره وحزينة: اتفضلوا يا حبايبي
ولجا الى الداخل فسألت ليل صالحة: عيوشة في اوضتها
أومأت صالحة برأسها قائلة: ايوا يا حبيبتي.. ادخلوا هي جوا
ذهبتا الي الغرفة ودقتا الباب ودخلوا كانت عائشة تجلس على الفراش وهي تسند رأسها على يدها فأقتربتا منها وقالت ليل ببشاشة: عيوشة الف سلامه عليكي يا حبيبتي
نظرت عائشة إليهما ولم تستطيع منع نفسها عن البكاء وانفجرت باكية تبوح لهما بكل ما بها
اتسعت عين نوجا وهتفت: ايه يا شوشو في ايه مالك
ضمتها ليل الي صدرها وهمست وهي تربت على ظهرها: اهدي يا شوشو وعرفينا في ايه
ردت عائشة من بين شهقات بكائها: بابا هيقعدني من المدرسه وهيجوزني
شهقت نوجا وضربت على صدرها وهتفت: يا نهار ملوش ملامح انتي بتقولي ايه
زجرتها ليل بعينها وقالت: يعني ايه يا عائشة...فهمينا حصل امتى الكلام دا.... مستحيل عمي سعيد يعمل حاجه زي كدا
مسحت عائشة عيونها الباكية وانطلقت تحكي لهما ما حدث كانت ليل تسمعها بتأني اما نوجا كانت تتقلب على جمر من النار فهي عصبية ولا تستطيع التحكم في نفسها بعد ان انتهت عائشة من حديثها هتفت نوجا بسخرية مُرة : انا اصدق ان ابويا يعمل كدا عشان يخلص مني... اما عمي سعيد دي جديدة
ملئت الإبتسامة الحزينة شفتهن وتحدثت ليل بتعقل قائلة: انتي غلطانه يا عائشة
نظرت لها عائشة بتسأول فأردفت ليل: انتي المفروض مكنتيش عليتي صوتك ولا عاندتي معاه في الكلام انتي عارفه ان عمو سعيد مش بيجي بالعند كنتي المفروض خدتي الكلام بهدوء وبعد كدا اقنعتيه بكلامك... اما انت روحتي تعاندي وتزعقي فراح هو عاندك بزيادة وبعدين هو انت مش عارفه طباع باباكي انت ع طول كنتي بتقولي يفضل يزعق يزعق وبعد كدا يجي على مفيش وكنتي بتعرفي تسَلكي أمورك وبتخليه يعملك اللي انتي عاوزاه ليه بقا المرة دي اتهبلتي وعاندتيه
هزت عائشة رأسها وردت تدافع عن نفسها: انا اتصدمت يا ليل ومكنتش في وعيي....خوفت ومبقتش عارفه انا بقول ايه... اصلا انا متوقعتش في يوم ان بابا يقولي كدا... دا هو دايما بيشجعني ويقولي عاوزك تبقي دكتورة.. ازاي يجي بسهولة كدا يقولي خلاص بلاها تعليم وتتجوزي انا لسه لحد دلوقتي مش مصدقه اللي سمعته اصلا
تحدثت ليل بتفهم وعقل أكبر من سنها: كل حاجه بتتغير يا عيوش... نظرة البني آدم للدنيا بتتغير كل فترة وبتبقى ساعات في حاجات اكبر مننا... بس انا بقولك اكيد عمو سعيد عنده وجهة نظره وعنده الدوافع اللي تخليه يعمل كدا... فاستني لحد ما يهدى وانتى كمان تهدي وتفكري بعقل وبعد كدا تتكلمي معاه وتوصلي لحل... وشوية عياط وشحتفه وهو مش بيقدر يشوف دموعك فهيلين ويعملك اللي انتي عاوزاه مش انا اللي هقولك يعني
هزت عائشة رأسها بتفهم فقالت نوجا بشقاوة: وبعدين يا بنتي كله بالحنية بيفك وابوكي بيحبك ومش هيقدر يقهرك ولا يزعلك...ومتخافيش ربنا هيحلها من عنده إن شاء الله
ابتسمت عائشة وفتحت ذراعيها فإجمتع الثلاثة في حضن واحد وضموا بعضهم بقوة كل واحد منهن تضمد وتداوي جراح الآخرى
قالت عائشة بمحبة: ربنا يخليكوا ليا يا بنات هونتوها عليا... كنت حاسه ان الدنيا سودة في وشي
ربتت ليل على كتفها وقالت: كل حاجه لها حل متقلقيش
صرخت نوجا فجاءة ففزعتهم وهي تقول: يالهوي أتأخرنا اوي... يلا يا ليل قبل ما دُرية تعملي نصيبه
ضحكت ليل بيأس وقالت: يلا يا اختي
ثم وجهت حديثها لعائشة قائلة: زي ماقولتلك اهدي كدا وابقى اتكلمي معاه تاني بهدوء ومرة واتنين وعشرة لحد ما يقتنع ماشي
أومأت عائشة برأسها إيجاباً فقالت نوجا ساخرة: ولو ما اقتنعش اتجوزي واقعدي في البيت يعني هما اللي اتعلموا خدوا ايه.. الست ملهاش إلا بيت جوزها
ضحكن بقوة وشدتها ليل قائلة: اخرسي يا بومه ولا بينا
ثم لوحت لعائشة وهي تقول : سلام يا شوشو
وخرجتا من المنزل وذهبت كل واحدة منهما الي منزلها

رواية حدوتة ليل بقلمي أمنية أشرف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن