لنتعارف !

568 27 26
                                    

تنهدت بعمق والرياح تداعب وجهي برقة ..

تحمل معها عبق الملح ونسيم العذب الذي جعلني أشعر بالخفة والتحرر, أنفاسي أصبحت متزامنة مع إيقاع الأمواج وأنا أنسحب بلطف إلى عالم خفي

كان كل شيئ أكثر وضوحا وأعمق معنى ,وأما زمن لم يكن سوى مجرد وهم يتلاشى فيه الحقيقة والفروق بين الذات والآخر

كل لحظة هي نقطة لقاء بين ما كان وماسيكون ,فنحن مثل تلك الأمواج نترك بصمتنا لفترة قصيرة قبل أن نندمج مرة أخرى في بحر الحياة الكبير 

فتجعلنا نعي قيمة اللحظة الراهنة وكذلك ندرك أن ما أظلم أبصرنا سيزول لنتجدد من جديد ..

في صوت البحر ,أرى صورة لمفارقات الحياة .. الثبات والتغيير .. القوة واللين .. الفوضى والنظام ,هذا التناوب بين المد والجزر يذكرني بأن كل شيء في الحياة يسير وفقا لإيقاع طبيعي

وأن علينا أحيانا أن ننساب مع التيار بدلا من مقاومته ,أن نتعايش بدلا من مضي تحت تأثير المشاعر السلبية نظرا لمواقف ناقضة رغباتنا ,هزت كياننا أو لربما جرحت مشاعرنا 

ففي النهاية نحن بشر لنا الأحقية في إمتلاك لحظات الضعف والإنهيار ,ولكن كل ما في الأمر هي مسألة وقت ,مسألة تقبل مصير المرء لكي يجد السلام الداخلي والثقة بأن هناك فرصا للتعافي والتغيير

منظور مغاير ف ..

تأوهت متألمة بعد ما تلقيت ضربة قوية فجأة من الخلف ناحية كتفي , أسرعت بنزع السماعات من أذني لأستدير وأنا على استعداد تام لإنفجر كالبركان المندفع أحرق بالحمم المتناثرة أي مخلوق تجرأ على إفساد جو خلوتي بهذه الطريقة !

مررت يدي برفق على كتفي وأنا أرمقها بانزعاج لتلك التى رسمت على ثغرها ابتسامة ماكرة ,ووقفت بجانبي لتنزع هاتفي من يدي بكل وقاحة ثم تمتمت بحيرة : ما الذي كنت تستمعين إليه وعيناك مغمضة ؟هل كنت تستحضرين الأرواح ؟ 

وضعت إحدى السماعات في أذنها بفضول ,فأسرعت بنزعها من يدها بعنف وقلت بصوت منخفض يميل إلى الحدة : سأقطع هذه اليد المتطفلة يوما ما إذا لم تكف عن التدخل في أمور لا تخصها !

قلبت عينيها بملل ونظرت إلى الأمام وهي تسند مرفقيها على السياج ثم نبست بصوت ساخر وصل إلى مسامعي : الآن فهمت لماذا كلما تحدثتِ يتملكني شعور وكأنني في جلسة علاج جماعي , إتضح أنك تستمعين لهذا السخف ..

قاطعتها محذرة : كلارا !

- حسنا حسنا ..

تنفست بعمق وأرخيت ملامحي بعد أن وضعت هاتفي في جيبي بدلتي وأطفأت البرنامج الصوتي ,أقتربت منها لأقلدها متأملة في المكان الذي يقابلنا، لحين تحدثت هي ببلاهة وهدوء خالي من مزاحها السابق : المنظر أقل ما يقال عليه خلاب ,لا عجب من أنك أتخذته مكانا سريا لك ,أنه من السهل معرفة أين تختبئين في كل فترة إستراحة  

Let's Start OverWhere stories live. Discover now