الفصل الأول

2.2K 50 0
                                    


كل منا يفقد شيئاً عزيزاً عليه فرصة، إمكانيات، مشاعر لا يمكن اسعادتها، كل هذا جزء من كوننا نعيش ولكن فى رؤوسنا نخزن الذكريات فى غرفة صغيرة، غرفة كرفوف المكتبة ولنعي الأعمال التى كتبتها قلوبنا، علينا أن نصنفها وننظمها ببطاقات ونزيل عنها الغبار من حين لآخر، ونجدد لها الهواء ونغير الماء فى أوانى الزهور، بكلمات أخرى...ستعيش إلى الأبد فى مكتبتك الخاصة..
انهمر المطر ولطمت المياه النوافذ، وزلزلت الجدران بصواعق الرعد، وومض البرق كالنذر وصرخت الرياح كعزيف الجان..كانت جالسة على الاريكة تحتسي فنجاناً من القهوة الفرنسية التى تعشقها أرتشفت القليل منها ثم وضعتها على الطاولة الجانبية، وبدأت تدون بعض الكلمات فى مذكراتها..
-في بعض الجراح عطايا .. وفي قسوة العيش أحياناً هدايا ..
كن على ثقة بأن الخير دائماً حولك، وبالقرب منك ..
قد يأتيك مختبئاً في زحام مصيبة .. وأشجان بلية .. ودموع فقدٍ حارة ..
فلا تبتئس .. حتى أوجاعنا رحمة من الله
قمـة آلطـمـآنينة:
{‏وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}
“ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك عدلٌ فيّ قضاؤك ”
كن علي يقين تآم آنه لن يسـتثـنيك مـنهآ
أمان وسلام وإستسلام وتسليم وطمأنينة ورضا ..
أمورنا مرتبة في السماء ، نظن أننا نختار ، نظن بأننا نقرر ، ثم تأتي * كن * فيكون !
ونعرف أننا لا نملك من أمورنا شيء .
لن ينسَ الله خيراً قدمته ، و هماً فرّجته ، و عيناً كادت أن تبكي فأسعدتها !
عش حياتك على مبدأ :
"كـن مُحسناً حتى وإن لم تلق إحساناً " ليس لأجلهم بل لأن الله يحب المُحسنين .
بعد ما انهت كلماتها ووضعت زهرة حمراء فى المذكرة ثم أغلقتها ووضعتها فى ذاك الصندوق الفضي الخاص بها، طرقات خفيفة تطرق بابها فتحدثت متسائلة:
- مين ؟.
أتاها صوت أخيها بعد ما فتح الباب وولج إليها قائلاً:
- أنا عمر ينفع أدخل ولا لأ.
تبسمت بخفة ثم قالت:
- أدخل ياعمر هو أنا أقدر أقولك لأ.

جلس بجانبها ثم أمسك فنجانها ليرتشفه على دفعه واحدة وقال:
- ينفع كدا تشربى قهوة من غيرى دا أنا كدا أزعل .

- معلش المرة الجاية هبقى اقولك قبل ما اشربها لوحدي.

أستدار "عمر" وهو يشيح الستائر من على النافذة لينظر إلى الخارج، ثم قال:
- يابنتى المشكلة مش فى أنك تشربيها لوحدك، أنتي الوحيدة فى البيت دا اللى بتعمليها مظبوطة وانا لما بصدق ألقيكى عملها.

- خلاص ياسيدي كل لما أجى اعمل ليا هعملك معايا مرضى كدا.

التفت إليها وقال باسماً:
- طبعا مرضى المهم إيه اللى مسهرك لحد دلوقتي الوقت متأخر، والجو برا متلج على الأخر.

تحدثت "فيروزة" بهدوء، فقالت:
- مش نعسانة وبعدين أنا بحب السهر فى الشتاء وبحب صوت المطر والرعد وشكل البرق بص حاجه كدا عسل من الآخر.

- الشتا عسل والله أنتى اللى عسل عمرى ماشوفت حد بيحب الشتاء زيك، سيبك من الكلام دا أنا عايزك فى موضوع مهم لا يحتمل تأجيله أكثر من ذلك.

"لحن الزعفران" مكتملة🦋حيث تعيش القصص. اكتشف الآن