4

211 23 0
                                    

اتمنى لكم قراءه ممتعه
__

تايهيونغ

اليوم كامد و الريح خامد و الماء راقد و انا أمام الباب جالس، لم تَطُل المدة لتخرج عبير مع سلة احتواتْ بعضًا من أعشابها و تفاحة حمراء لامعة تشابكنا الأيدي و مشينا باتجاه الكنيسة في أول النهار عندما قبّل الغسق فم الفجر و اكتستْ السماء ثوبًا وردي تسترق النظر لهذا المشهد بخجل

وصلنا الكنيسة و قد كانت فارغة لدرجة الازدحام ريحًا، و في طريقنا الى غرفة التمريض و قبل أن نصعد الدرج العتيق سمعتُ صوته المبحوح "صباحكم خير، أهناك خطب ؟ اتفتشون عن أيّ مساعدة"

التفتْتُ إليه و تبعتني عبير و عندما ميزني وسع عينيه قليلا و  لما استوعب المشهد انحنى لعبير و أردف "مرحبا سيدتي لابد انكِ زوجة تايهيونغ" ابتسمت عبير بنعومة "اجل هذه انا يمكنكَ أن تناديني ب عبير فقط، لقد جئنا لنطمئن عليك قبل أن يبدأ دوام تايهيونغ و أحضرنا معنا بعض الأعشاب عسى أن تخفف شيئا من آلام بدنك"

نظر إلينا باستغراب و ثواني ليخفض بصره بخجل و يسحب أكمام عبائته للأسفل علها تخفي شيئًا من خدوشه و أسدل ما تيسر من شعره على الكدمة الأرجوانية فوق جبينه "أنه ليس بالشيء الكبير سيدتي و شكرا على الأعشاب و لكن لا استطيع أن اقبلها منكِ اتمنى تفهمكِ"

عقدتُ حاجباي على ما بدر منه من كلام و قبل أن افتح فمي سبقني و نطق "إن احتجتم أيّ مساعدة ستجدوني عند الصليب اشعل الشموع، اتمنى لكم يومًا مثمر و مبارك من الرب" رفع عبائته قليلا و هرول بعيدا عنا

اردتُ أن اتبعه و لكن اوقفتني يد عبير "اتركه لوحده يبدو أنه مستاء و خجل من ذكر الموضوع ثانية، اتمنى أن يشفى سريعا فهو رجل لطيف و الآن عليّ أن أذهب لاوقظ الاطفال و من ثم اتجه لعملي" أنهت حديثها و من ثم اوصلتها إلى الخارج

دخلت الكنيسة ثانية و اتجهتُ لعند جونغكوك ف كيف للشمس أن تجرأ و تجلس في وسط السماء بينما الليل مُتجلي في وجهه المليح و لم يرفع ستار النهار بعد

وقفتُ خلفه و وضعتُ يدي بخفة على كتفه الهزيل "جونغكـ.." و قبل أن انطق شُل لساني و تجمدت مفاصلي عندما شعرتُ بهتزاز كتفه تحت راحتي، أمسكتُ بكلا كتفيه و جعلته بلحظة يقابلني و أبصرت عيناي اقسى المشاهد

تنسكب النجوم من عينيه تجرح بحافتها الساخنة خديه تفيض مقلتاه بالمزيد و المريذ و يموت قلبي على إثرها كالشهيد، يبتلع صوت ألمه فينخر جوفه كبرغوث لئيم، يغرق و يلمع كـ يوم عيد تحت ركام الحرب و العويل، يبكي كعزاء جميل

لم استطع أن اقف كتمثال قبيح أمام ذبول وردة الربيع احتضنته إلى صدري أضم بتلاته احاول منعها من التساقط و تسقط من بعده كل الورود، امسك رأسه الصغير و اقربه من عنقي أضعه على الوريد ليسقيه بدموعه، ألف ذراعي الأخرى حول جسده و اسحبه بإحكام و اريح كفي على خصره المعوج كغصنٍ رقيق

"اهداء يا جميل، اذبل على كتفي لاسقيك من جديد يا أيها الحزن البليد اترك صدر جونغكوك البديع اذهب ولا تعد من جديد و في طريقك أخبر العصافير عن حال وردة الربيع لتنشاد الرب عله يذرف الندى على بتلاته ليزهر من جديد"

اردفتُ كلامي و انا اتمايل بخفة من اليسار الى اليمين و هو بين أحضاني يشد بيده فوق قميصي و الأخرى معلقة بظهري يدفن نفسه فيني لينبت من جديد، هدأت شهقاته و تقلصت دموعه أراح رأسه على صدري و التعب و الوهن تسلق عظامه بكل وقاحة

"شكرا" نطق بصوته الخافت المبحوح بعد مدة قصيرة و قد توقفت دموعه و لايزال بين أحضاني هادئ كطفل صغير "لا عليك يا عزيز ما رايك الان أن اقلك إلى السرير لترتاح هذا اليوم؟"

رفع رأسه و نظر إلي بعيونه التي نام الليل فيها و سقطت عليها كل النجوم، ابتعد عني بهدوء يتحرك كالريش فهو كالموج الراقد في كلامه و تحركاته خفيف ناعم كالفراشات "لا، لدي العديد من الأشغال و البابا لن يحبز أن لا اعمل اليوم أيضًا".

جونغكوك

أشعر بالوهن يأكل بدني كالنمل الابيض و الصداع يقرع رأسي باستمرار، لا استطيع أن انسى حضن تايهيونغ لي هذا الصباح لقد كان كنمسة الصيف في يومٍ بارد، كضحكة جد في حضور احفاده كصوت العصافير في يوم العيد كقصة يرويها الاب لاطفاله قبل النوم، كلحظة جميلة في يوم الحرب كدفئ افتقدته يدين رجل فقير

و بينما أتلو الصلاة و امسح على رأس طفلة صغيرة لمحتُ تايهيونغ ينظر إلي عبر النافذة، فمنذ الصباح و هو لا يتوقف عن استراق النظر لي و لم يجرا أن يسألني عن الذي جرى البارحة أو عن سبب بكائي فقد كان خائفا أن اذوب من جديد.

أسدل النهار ستاره و شربت السماء لون الليل، خلت الكنيسة من التائهين و المؤمنين سوا من بعض الرهبان فمنهم من يصلي و منهم من يتفقد المكان و منهم من يستعد للذهاب "الاخت راشيل من فضلك دعي تلميع الصليب علي هذا المساء تبدين متعبة يمكنكِ الذهاب انا سأتولى الأمر عنكِ"

شكرتني و ذهبت هي الأخرى لتخلوا الكنيسة من سواي مجددا، انهيت تلميع الصليب و رششت بعض الماء المقدس لأُغلق الاضواء و اهم لاصعد إلى غرفتي و لكن قبل أن اخطو الدرجة الأولى لمحت احد يدخل الكنيسة و يقترب باتجاهي ليسقط قلبي فزعًا و قبل أن أصرخ

"على رسلك لا تفزع، هذا انا تايهيونغ" و ضعت يدي على قلبي و بحلقت بالذي امامي و لوني انحل بين قدمي "يا إلهي يا تايهيونغ فل يسامحك الرب لقد افزعتني، مالذي تفعله في هكذا وقت؟ ظننتك قد غادرت"

"كما ترى لم افعل، على كلن أردتُ أن اطمئن عليك و انتظرتك بالحديقة طويلاً و لكنك لم تخرج ف انتابني القلق و دخلتُ ابحث عنك خوفًا من أن مكروهًا قد اصابك"

"اسف لاقلاقك من جديد، يمكنك الان أن تذهب و القلق لا يغلف صدرك انا اسكن هنا بالفعل داخل غرفة صغيرة في علية الكنيسة" سكت ينظر إلي بحيرة و أرى الأسئلة تطوف على وجهه و لكنه يمنع نفسه لكي لا يحرجني "حسنا، اتمنى لك ليلة مريحة و أرجوك أن احتجت إلى أيّ خدمة انا موجود فلن انسى عطفك و كيف أنقذت حياتي و عائلتي من الجوع و التهلكة فأعلم أن ابوابي مفتوحة لك دائما كما أحضاني".

_____

آرائكم حول الفصل ؟

كيف كان حضن التايكوك؟

راهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن