رواية "عِيار مِن نوعٍ خَاص"
الفصل الخامس "ليتهُ كَان ماتَ لَيلتها"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقولون أن بعد انقطاع سُبل الوصال لم يلملم شتات نفسه من جديد، لكن إن نظرت في جهة أخرى سترى سُبل التلاقي تعود، و تُدرك أن الفراق أصبح احتمال ضعيف عندما تتبدل الراء والفاء.
طرق باب المنزل طرقات ثابتة هادئة، فتحت "وفاء" الباب فابتسمت بتوسع قائلة بترحاب:
_ يا دي النور، تعالي يا نعمة نَورتي.
دخلت "نعمة" المنزل و على وجهها علامات الارهاق و التعب و بجانبها طفل صغير في الثلاث سنوات يبكي، حملته "فريدة" التي جاءت لتوها من المطبخ و لاحظت وجه عمتها فسألتها بتوجس:
_ مالك يا نعمة؟ وشك حزين ليه و إيه العلامة اللي في خدك دي؟
بكت "نعمة" بحرقة وهي تقول:
_ فتحي طلقني و رماني و قالي خدي الواد و امشي من هنا، قالي كمان إنه هياخد بنت أخويا بالغصب و قُدام الحارة كلها.
شهقت "فريدة" بخوف ثُمّ قالت بتلعثُم:
_ معنى كدا إنه هيدور على ذكرى و يعمل فيها حاجة، استر يا رب.. هي ذكرى فين يا وفاء لحد دلوقتي؟
ردت شقيقتها بتوتر:
_ تلاقيها راحت لجدك في الجامع، تصلي العِشا هناك زي عادتها.
صاحت بهم "نعمة" بخوف:
_ بس صلاة العِشا خلصت من قيمة شوية يا وفاء و أختك مرجعتش، و فتحي قالي إنه مش هينام الليل غير ما ياخدها في إيده عشان كدا جيت ألحقها.
أتت "فايزة" راكضة لهم و هي تسأل بقلق:
_ هو في إيه؟، مالك يا نعمة فتحي عملك حاجة؟!
رمقتها "نعمة" بشفقة و أجابت:
_ جيت أدور على ذكرى عشان ألحقها من فتحي.
ضربت الأخرى صدرها بكف يدها دليلًا على صدمتها ثُمّ سألت بناتها وهي تبكي:
_ أختكوا لسه مرجعتش من برا؟؟
أومأت لها "فريدة" بعلامة الرفض فصرخت "فايزة" بتوجس:
_ هي فين كل دا؟، حد يلحق بنتي.
أنهت حديثها و هي تبكي بمرارة و ركضت للغرفة بسرعة، جذبت عباءتها و وشاح الرأس ترتديهم على عجالة ثُمّ خرجت لهم و هي تقول بحزم لبناتها:
_ يلا حصلوني، فتحي هو اللي جابه لنفسه.
أتبعها بناتها و "نعمة" راكضين للخارج للبحث عن "ذكرى"، رمقهم "سيد" من بعيد حيث كاد أن يصعد للمنزل و معه شقيقته "حمدية"، قالت الأخيرة بصدمة مصطنعة:
أنت تقرأ
عيار من نوع خـاص
Боевикالعالم يخضع بخوف لقوانين حاكمها و حاشيته الذين لم يعرفوا الرحمة، قوانين تحتم بإمتلاك هؤلاء الأبرياء، ضحايا تتناثر هُنا و هُناك لا أحد يوقفهم لأنهم ببساطة لا يمتلكون القوة في صدهم، ينتظرون من يأتي و ينقذهم من تلك الوحوش الجامحة على أملٍ أن تأتي مُعجز...