حب في وسط الفوضى

21 11 6
                                    

ماري
خرجت للتو من العدلية انهى السيد دانيال التحقيق معي
لن انكر انني طوال التحقيق كاملا و انا احدق في عينيه السوداوتان اللامعتان و فكه الحاد و عضلات يديه
بعدما خرجت من العدلية لحقني دانيال وناداني: « انستي ! انسي!»
استدرت وقلت بخجل:« نعم؟»
وضع يده خلف رأسه و ابتسم (اللعنة كف عن هذا انت تجعلني اذوب من ابتسامتك اللامعة»
قال:« اود اعطائك رقمي الشخصي كي ازودك بمعلومات القضية شخصيا ان سمحتِ؟»
قلت:« بالطبع ! هذا يروقني»
انا الان اقوم بالتغابي بأنني لا اعلم انها هذه مجرد طريقة كي يحصل على رقم هاتفي
لكن هذا يروقني انا اود الحصول على رقم هاتفه
اضاف:« اتصلي بي الان كي اسجل رقمك »
بعد ان قام لتسجيل رقم هاتفي قلت:« اتمنى ان تبلغتي بكل تطورات القضية »
قال بحماس :« بالطبع سيكون اول من يعلم!!»
فجأة شعرت بانه سيُغمى علي امسكني دانيال من يدي :« ماري هل انت بخير»
قلت بعدما وضعت يدي في رأسي :« اجل اشعر بتعب بسيط»
امسك يداي و ضمها اليه نظر الي عيناي ..اتسع بؤبؤ عبيناه و اصبحت وتيؤة تنفسه سريعة ثم قال:«سلامتك جعل اَكثر الخلق تفداك حتى عـيونـي جـعلها فـدوتن لك ليت الوجع يا غايـة الروح ماجاك ليـت التعب لا من بغى مـَايدلك»
تعتريني الان نوع من الصدمة ..فرحة ..حياء .. لا اعلم ماذا سأسميها قلت بغباء:« هل انت شاعر؟»
قال:« لا في الحقيقة هناك فتاة احببتها جعلت مني شاعرا»
قلت:« اوه سعيدة حظ»
لماذا انا غاضبة الان عندما قال هذا الكلام؟
اجابني:« لم تسعفني الكلمات يومًا أن أصف لكم مدى حبي لها عيناها تجعلاني أرتبك، عند النظر إليها أنسى هويتي وعنواني ولو خيروني بالكون ستكون هي فقط من أختار سلام على ربيع وجهها الذي سرق فراش قلبي ورحل فحين أكتب إليها أنا لا أكتب فقط أنا أعصر قلبي وأهديها حبًا وأبجدية»
لا اعلم لماذا بعد هذا الملام في وصفه للفتاة شعرت بالغضب
قلت مخاولة اخفائي لغضبي:« ايا من تكون تلك الفتاة فعلى الاقل صنعت شاعرا عظيما»
قال:« شكرا»
قلت:« سأكتب كلماتك هذه في روايتي»
نظر الي بشغف وقال:«لا تعلمين كم يسعدني هذا كثيرا »ثم اضاف:« انت كاتبة؟»
قلت :« اجل لكنني انشغلت عنها في هذه الايام القاسية»
اجابني :« ما رأيك ان نذهب غدا لأحد المقاهي هنا لنتكلم اظن ان الكلام افادك كثيرا»
قلت بفرح :« اجل بكل سرور ..لقد انساني حقا بعض الهموم»
ذهبت للمنزل و انتظرت يوم غد بحرقة
شعرت فيما بعد بتأنيب الضمير
قلت في نفسي:« ماري! مالذي تفعلينه . انسيت كيف وصف الفتاة التي يحبها بكل حب وعينان لامعتان .. مالذي افعله بحق السماء!»
« ايظنني لعبة في يديه؟
سمعت صوت دقات الباب نظرت للساعة كانت التاسعة صباحا
كنت في حالة فوضى..امي في العمل الان اللعنة علي الان ان افتح الباب
فتحت الباب لاتفاجئ بقدوم دانيال
قلت« دانيال؟ ما الذي تفعله هنا؟»
قال :« انسيتِ موعد المقهى؟ لقد اتفقنا البارحة»
تذكرت الان ان شعري عبارة عن فوضى قمت بمحاولة ترتيبه بكل غباء ثم قلت:« اه اجل تذكرت»
ثم اضفت:« اذن! أ لن تنزعج تلك الفتاة ؟»
قال بابتسامة:«لا.... تجمعني بها اي علاقة..لا تعلم بحبي اصلن»
قلت:« اوه ! حسنا سأجهز نفسي»
فرحت جزئيا بهذا الامر لكنني عندما اوشك على الابتسام اتذكر انه يحبها بجنون
جهزت نفسي ارتديت فستان اخمر يصل لركبتاي وضعت القليل من مساحيق التجميل على غير عادتي كي أُخفي الهالات السوداء رتبت شعري
نزلت عبر الدرج استقبلني دانيال بابتسامة وقال:« تبدين جميلة»
قلت باستحياء :« شكرا»
قال:«امم هل تودين سماع شعر»
قلت بحماس:« بربك هل هناك من يرفض طلبا كهذا؟»
قال:«ألقى الجمال عليك آية سحره فغدوت ما شاء الجمال حبيباً حتى الهموم سمت إليك بودها من كان يحسب للهموم قلوباً»
قلت:« لم اكن اعلم ان لا يزال يوجد رجل يهتم بالشعر»
قال بابتسامة:« الحب يجعلك تحبين اشياء لم تكوني تهتمِ بها من قبل!»
اخيرا خرجت من المنزل .. ركبت سيارته كان جميلة حقا يبدو عليه الثراء الفاحش
كنا صامتين طول الطريق
توترت من ذلك الصمت
الصمت؟ لاشيء يدعة الصمت في قاموسي
لا أعرف الصمت فحينما تسكن كل الأصوات من حولي تنطلق أصوات أخرى... تنطلق جوقة الداخل: جوقة الذين لا يُغادروننا بعد أن يُغادروننا ولا يرحلون عن أعصابنا بعد أن يرحلوا عن هذا العالم
"الجوقة(جماعة من النّاس أو الفنّانين يؤدُّون عملاً مشتركًا من غناء)"
وصلنا للمقهى اخيرا
قال :« هل تتردين اهذا المقهى عادةً؟»
قلت:« لا! لدي مدة طويل لم آتي اليه ربماا ...لمدة....»
قاطعني:«شهر؟»
قلت باستغراب:« اجل! لكن كيف عرفت؟»
قال :« في الحقيقة التقينا مرة هنا قبل شهر ..»
قلت بصدمة:« مستحيل!»
قال:« اجل .. انا مستغرب لأن لم تتعرفي علي»
قلت:« اجل غريب لأنني لم اتذكر»
ثم قال:«ربما لم تري وجهي بسبب طولك »
قلت غاضبة« هاي .. هل تنعتني بالقصيرة!»
قال ..« في ذلك اليوم طلبتِ مني المرور لأنني كنت اعيق طريقك..آلمتني رقبتي كي ارى من تلك القصيرة التي تتكلم»
قلت :« توقف! انت الطويل ولست انا القصيرة»
قال:« قالوا قديمًا أقربهن إلى الأرض أكثرهن فتنة وجمال، فلا تخشين من قصر قامتك فهو قوتك المغناطيسية لجذب البشر »
قلت بخجل:« لأول مرة ارى ان طول قامتي مميز»
قال:« ما رأيك ان نجلس الان و نغير موضوعنا»
قلت «اجل بالطبع»
طلبنا كأسس شاي ..قاطع دانيال الصمت:« تكلمي كل ما يجول ببالك كلِّي اذان مصغية»
قلت:« ما رأيك ان تتكلم عن نفسك أولا»
بدأ بالحديث عن علاقته بساندي
شعرت بالغضب قليلا اتجاه المدعوة ساندي لأنها مذلولة
الحب الذي يجعلك مذلولا..
الذل في الحب والتذلل للمحبوب شيء بغيض، وهو مما استساغه المتأخرون واستطابوه وكثر في أشعارهم، كقول بعضهم: ويعجبني ذلي لديك ولم يكن ليعجبني لولا محبتك الذلُّ وشواهده كثيرة معروفة ..
غير ... رغبتك وتمسكك في شخص تحبه ولا يحبك لا يسمى حب بل يسمى انانية
الكرامة في الحب، إشكالية اختلفت حولها النساء، فهناك من تؤكد أنه لا معنى لكلمة كرامة بين الحبيبين لأنه من المفترض أن الحب يصنع من القلبين قلبا واحدا، وهناك من تؤكد أن الكرامة هي الشيء الوحيد الذي لا يجب أن يمسه أو يمحوه الحب، فلابد للمرأة أن تحتفظ بكرامتها، لأن الرجل مهما أحب يمكنه أن يدوس على قلبه من أجل كرامته
و انا رأسي ان لا سعادة في حياة دون كرامة
يقول دانيال انه احبها في البداية لكنه اصبح كارها لها وهذا لا يسمى حب بل لعب مراهقة اما ساندي فحقا احبته
احبته من طرف واحد
الـحـب مـــن طرف واحد مثــل عـمـلـية جراحية دون بـنج فالموت من الألـم فــيها مـؤكد صعب أن تقع في حب شخص قلبه لا يزال ينزف من خيانة موجعة لكن الأصعب إقناعه بأنك شخص مختلف
عندما تحب من طرف واحد، فأنت تكتب فصلاً خاصاً في كتاب الحياة، حيث يكمن الجمال في العطاء دون الانتظارالحب الذي يأتي من جانب واحد يعلمنا أن السعادة ليست دائماً مرتبطة بالمقابل، بل تكمن في القدرة على إعطاء بلا حدود.القلوب الصادقة تتذوق حلاوة الحب حتى وإن كانت المشاعر تعيش في مكنون الروح دون أن تظهر
بعدما اكمل الحديث عن ساندي
قال:« اذن ما رأيك؟ هل انا شرير؟»
قلت:«مصطلح الشر هو مصطلح يُقصد به الجوانب السلبية في تفكير بني البشر وسلوكهم، وهو يتطرق إلى أولئك الذين يكفرون عمدا بضميرهم ويُظهرون رغبة في التدمير . وانت نيتك جيدة .. فرغم عدم حبك لها بقيت معها وفاءا و شفقة»
اضفت:« لا اقصد التدخل في حياتك العاطفية لكن
الحب هوالشعور بالقرب والمودة من شخص آخر، الشعور بالانجذاب لشخص ما والشعور بميل نحوه، يترافق الحب مع الرومانسية والرغبة الجنسية، ومحاولة إنجاح العلاقة لتكون طويلة الأمد.
اما الشفقةالإحساس بالذنب تجاه شخص ما، والشعور بالأسف تجاهه، والاهتمام به عن بعد على الرغم من عدم وجود أي نوع من المشاعر تجاهه
لازالت النوبات الليلة تجتاحني كل ليلة »
قال:« بماذا تنصحينني الان»
قلت:« هل ستأخذ برأيي ان قدمته لك؟»
قال:« رأيك يهمني»
قلت:« اظن ان هذه العلاقة ليس جيدة لكليكما على ساندي ان تدرك انك لا تحبها وتتقبل الامر دون مسرحيات تمثيلية
اما انت لا تسطيع العيش. واكمال حياتك مع شخص لدافع الشفقة وحسب»
قال:« حسنا ! سأخبرها انني سأنفصل عنها اليوم»
قلت:« اتمنى ان لا اكن قد سببت لك مشاكل مع حبيبتك»
قال:« بربك ماري! اي حب تتحدثين؟ كما انني اخبرتك ان رأيك يهمني»
قلت:« شكرا !»
قال :« لقد تكلمت كثيرا عن نفسي لننتقل لك الان»
قلت:« حقيقة ان حياتي مملة جدا ..دراسة .. رسم و أؤلف كتب لا غير»
قال:« هممم ماذا عن علاقاتك العاطفية ؟»
قلت :« ربما امر غريب بالنسبة لك لكنني لم اعش علاقة عاطفية قط!»
قال بصدمة:« ماذا؟»
قلت:« هذا ليس امر صادم لتلك الدرجة!»
قال:« لقد صدمني الامر ..كيف لفتاة مثلك لم تملك حبيب قط!»
قلت:« فتاة مثلك؟ ماذا تقصد؟»
قال بتلعثم :« اقصد .. اقصد انت جميلة يعنييي..اوه ماري تفهمين قصدي»
قلت : الحقيقة اظنني مصابة بالفيلوفوبيا ( رهاب الحب) أنه الخوف من الوقوع في الحُب أو أي ارتباط عاطفي، مما يجعل المصابين به يسعون للابتعاد، والهروب من أي التزامات عاطفية»
قال:« ماذا ان وجدتِ من يحبك بشغف و يضحي من اجلك»
قلت:« لا اعلم يا دانيال..استمر بحماية قلبي من الحب عن طريق حاجز مانع ..اخاف ان ازيل ذلك الحاجز من اجل شخص شغفته حبا ويسحق قلبي»
قال دانيال:« صديقيني ان مهما كان الحب صعبا لن يكون اصعب من الحب من طرف واحد»
قلت:« اجل لنغير الموضوع التكلم في الحب يجعلني اتحمس بتجربته»
بدأ بالضحك وقال:« عن ماذا نتكلم اذن؟»
قلت..:« لا اعلم»
قال:« هل تودين التكلم بخصوص والدك»
قلت:« افضل تجنب ذلك»
قال:« الصمت يجعلك ينفجر ذات يوم ..»
قلت:« افضل التكلم في هذا الموضوع مع الطبيب النفسي»
قال :« اجل لا بأس »
شعرت بتوتر قليل وقلت:« نسيت ان اخبرك شيئا»
اضاف:« جميع الادلة تقول انك حقا كنت في الجامعة في موعد وفاة والدك لذلك .. لست في قائمة المشتبه بهم»
قلت:« اوه جيد »
قاطع حوارنا اتصال ..كان من عند امي
قال :« من؟»
قمت بفصل الخط و نهضت بسرعة:« اظنها تتصل لتذكيري بموعد الطبيب النفسي ..»
دانيال:« اه حسنا..ما رأيك ان اقوم بإيصالك ماري»
قلت:« سأستقل سيارة اجرة »
دانيال:« تستقلين سيارة اجرة وانا هنا؟!»
اضاف :« هيا ماري ..لا تعاندي»
قلت بخجل:«شكرا!»
اوصلني دانيال الى المنزل ثم ذهب الى عمله قال قبل مغادرته انه بحاجة للذهاب فقضيته "قضية والدي" قضية غريبة وشاذة وربما سيقيدها ضد المجهول لعدم توفر اي دليل للجريمة!
شعرت بالحزن بسبب كلامه
لأن قاتل ابي حر
قد تغيب احيانا العدالة في القانون لكن مستحيل ان تغيب العدالة الإلاهية.. فإن كان كل العالم يُطبق على قاعدة العين بالعين لأَصبح العالم أعمى
ماذا سأفعل ان وجدت قاتل ابي؟انتقم؟
الإنتقام كأس كلما شربنا منه لا نشعر بالإرتواء بل نشرب منه حد الثمالة فالانتقام هو دائما أعنف من العنف ذاته.
و الشخص الذي يفكر دوماً بالانتقام، هو شخص يبقي جراحه مفتوحة ولا اود ان اكون شخصا جراحه مفتوحة بل أود فقط المضي قدما....

حب بطعم الدمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن