الـوَداع

26 1 4
                                    

عَـودة بالزمـن، رحِيـله

الأول مِن إبـريل، يوم مولـدهَا، واليَوم الذِي عزمَ به حَبِـيبها على تقديم ذلك الخاتم بَين يديـه ليتخذ محـله، حيـث بنصـرهَا.

هُـوَ اتفـق معهَا مُسـبقًا على قضَاء يومهَا معًا، لذا هُـو متجه حيَث منزلها، منـزل أمِيرته الوحـيدة،
يبتسَم مبتهج المحـيَا بينما يردد واثقًا أنّـه ما وجد شخصٌ ليعـكر مزاجه اليَوم، فهَو اليـوم سيحصل على حبـيبته للأبد، وهذا أسعـد ما يمكن أن يمـر به في حياتِه،

وصـل لمنزلها باعثًا رسالة لها يطالبها بالنـزول، فتنزل خاطفـةً قلبـه بفستانها الوردي الرقِـيق، بينمَا يغلفهَا الحيـاء الشديد.
تقف أمَامـه فتتقابـل أعينها الفيروزية ببنيـتيه، ويقع كلاهمَا بالحُـب للمرة التِي لم يُحصى عددهَا.

"أرى أنـكِ بالمَوعد، أمتلهفـةٍ أنـت للقيَاي؟"
أخبـرها متبسّمًا بينمَا تجول أعينه اللامعـة على تفاصيـلها.

"إنّـي أتلهف كل يومٍ حِين أعلم أنـك ستكون موجودًا به، فكَيف لا تسيطـر علىّ لهفةُ لقائـك، حَبِيـبي؟"

أخبرته مبادلةً إيّاه الشَوق، الحُب، والمشَاعر الجمـيلة،
ابتسـم أكثر فأكثـر فظهرت أسنَانه، وبسـعادةٍ عانقـها بل ويرغب بحشرها بين أضلـعه.

تمشّى كلاهمَا رغـبة منهَا فرأت عـربة مثلجَات لتتمسك بيده، وهو فـورًا فهِمهَا.

"حسنًا حبيبـتي، انتظرِيني سأعبـر الطـريق وآتي بمثلجاتكِ يا ضىّ أعينِي"

اشتـرى لَها المثلجات التِي تحب، وبينمَا هو عائد إليـه لا تعلم كيف ومتى مـرت تلك السـيّارة، فإذ بحَبيب الرّوح مُلـقَى أمامهَا على الأرض، وتـلك المثلجات واقعـة بجانِبه متلوثةً بدمائه، يرفع بأنظَاره إليها وهى تبادله بأخـرى غير مصدقة،

تركت حقيبتهَا أرضًا وركضت إليه، بينمَا الناس يتهافتون حولهم، وهنَاك من اتصل بالاسعَاف بالفعـل.

"حَبِيـبي، ابقى معِي، لا تغلق أعينـك أرجوك اصمـد، سنحيَا معًا حسنًا؟ أنت وعدتني، سننجب أطفالًا ونحبـسهم في حديقة منزلنا حِين نرغب بممارسَة الحُب، انظر أنا لسـت خجلة!"

ناظـرها بحسـرةٍ، فعمره سينتهـي وهو لَم يخبـرها برغبته، مدّ يده ناحية جيبه ملتقطًا العُلبة، فتحـها مادًا إليها ذلك الخَاتم الألمَاسي الجمِـيل، الذي لن يناسـب غيرها بنظره، فتلطخ الخاتِم بدمائه، بينمَا هى أخذت العـبرات مجراها فوق وجنتيـها، التقط يدهَا ملبسًا إيّاها خاتمـه، مناظرًا إيّاه بحـب، فيقسم أنه ما لامَس قلبه حُب أنثـى غيرها وبقدرها.

"أعتقـد أننِي سأفتقـدك للأبَد، أليـس كذلك؟"
أخبـرها مبتسمًا
"لا تَـاي!، نحن سنتزوج، سنعقـد حفلنا على الشاطئ حيـث اعترفت لي بحـ..ـبك أول مرة، سنسافِـر لإيطَاليا وسنلتقط الرسّامين أجمـعِين هناك ليجسـدوا قبلتنا، ستقـبلني بكل انشٍ بهَا وسنمَارِس الحُـب هناك مرتنا الأولى كَما رغِبتَ، سننجـب فتاةً تشبهـني فتدللها دلالًا فاقنـي فآتيـك منزعـ.. جـةً وتراضينـي، سنعـ يـش معًا، وسأحـبك للأبد"

أخبـرته بتأتأةٍ وسَـط كلامهـا، ليشاطـرها البكَاء.
"أنـا أحبـكِ يا فيروز، أحـبكِ كثيرًا كما لم أحـب يومًا، وأقسـم أنّ لحظاتنا معًا كانت بحياتِي أجمع"
وحِيـن بدأ يفقـد أنفاسه تدريجيًا، هى فهِمَت أنـه سيفارق، سيفارقها لا الحَياة!
حَاولت انعَاشه بخبرتها بالاسعَافات الأوليّـة، ولم تقـدر.

"قبّلنـي بقوة، قَبل رحيـلك" أخبـرته بينمَا تناظـره بحزن عظيم، لتقـترب من شفَاهه مقـبلةً إيّاه فيتخلل الدم قبلتهمَا، مستشعرة طعم الحـدِيد.

قبـلة بمذاقٍ عبراتهم المَالحة، تشهـق بينمَا تقبـله، ويشـد عليها بقوّتـهِ الضئيلة بين يديه، حتّى يمـوت بين أحضانِها، ابتعَد، فالتقت بُنيّتاه بأعينهَا الفيروزية، يناظـرها بُحِبٍ شَـديد، ويختم حيَاته بقبلةٍ على كفـها.
وصـلت الاسعَاف، وقبل أن تخطـو قدم المسعف الأرض

سقطـت يده، مفارقًا الحيَاة، بين حضنهَا كما رغم دومًا.

فَيـروز | كِيـم تايهيونغWhere stories live. Discover now