الفصل الثاني عشر

27 0 0
                                    

البدايات في كل شيء دائمًا ما تكون حماسية، استيقظت باكرًا اليوم أبكر من عادتي؛ لفرط الحماس الذي كان يملأني، وجلست أقرأ ملف الحالة مرة أخرى، لا أريد أن يكون أول تشخيص أقوم به في العمل خاطئًا، انهيت المراجعة ثم صليت الفجر وبعد ذلك ذهبتُ لأُحضر فطورى، وبعدما انهيته أيقظت ريما؛ لنتناوله سويًا قبل أن يذهب كل منا إلى عمله، وبعدما انتهينا من الطعام ودعتها، واستقليت سيارة أجرة لتأخذني إلى الشركة، حينما وصلت إلى الشركة دَلِفتُ إلى المكتب؛ لانتظار سَليم لأخبره بتشخيصي، ولم يتأخر كثيرًا حتى دَلِف إلى المكتب وابتسم إلىّ قائلًا:

-صباح الخير يا فرح.
=صباح الخير يا سيد سَليم.
-يبدو عليك الحماس، أأنهيتي دراسة الحالة؟!

رددتُّ عليه في حماس:
=نعم، سهرت عليه البارحة وعاودت مدارسته صباح اليوم، تفضل الملف يمكنك أن ترى التشخيص.

ابتسم ثم قال:
-رائع! لنرى إذًا رؤيتك للحالة.

ثم أخذ الملف مني وجلس يقرأ وكان التعجب يملأ نظراته، أصابني القلق حيال إذا كنت أخطأت في التشخيص،
حتى صاح قائلًا:
-غير معقول!

رددتُّ في خوف:
=ما هو الغير معقول يا سيد سَليم؟

رد مازحًا:
-لنُزِل سَيد من الآن، من الواضح أن أمامي منافسة لي.

حدقتُ فيه وأومأت برأسي وقُلت:
=لا أفهم.

رد علىّ قائلًا:
-في الحقيقة يا فرح منذ عملي هُنا، لم أعطِ أحدًا هذا الملف؛ ليُشخص الحالة وأعطيته مُهلة يوم؛ لأجعل الأمر أصعب، إلا وشخصها باكتئاب، والآن أمامي مُعالجة ماهرة كتبت التشخيص الصحيح من الرؤية الأولى وهو اضطراب الشخصية الحدية، التحدى كان يكمن دائمًا في الرؤية الصحيحة من المرة الأولى وهذا صعب الحدوث كثيرًا، خصوصًا في هذين الاضطرابين أعراضهما متشابهة إلى حد كبير إن لم يُمعن المعالج النظر ويركز جيدًا، ودائمًا ما كنت أتناقش مع المتدربين لتصحيح التشخيص ولإنارة الثغرات التي غفلوا عنها، ولكن على عكس المُعتاد كتبتِ التشخيص الصحيح من أول مرة.

عَلت البسمة وجهي ورددتُ عليه بفرح:

=أنا سعيدة جدًا لسماع هذا الكلام، خفت أن أكون قد أخطأت في التشخيص، وحتى وإن لم أُخطئ كنت سأراها حالة عادية تشخيصها سهل، ولكن كلامك أعطاني دفعة معنوية كبيرة وبشارة خير، شكرًا يا سيد سَليم.

رد قائلًا:
-لا داعي للشكر يا فرح، كلامي حقيقي ليس فيه أى مجاملة، أنا لا أُجامل.

ثُم أكمل مازحًا:
-وحقيقة خففتِ علىّ عناء المناقشة الطويلة.

ضحكتُ ثم قُلت:
=إذًا سنذهب إلى الجلسة الجماعية الآن؟
-لا، موعدها بعد ساعة، سأجلس أُراجع بعض الأشياء هنا وحينما يحل موعدها سنذهب معًا.
=حسنًا.

وماذا عني؟!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن