اليوم قد مر عام على زواج ريما، تاريخ اليوم أصبح أحب التواريخ إليّ، فقد سكن فيه قلب ريما، واجتمعت مع حبيبها تحت سقف واحد، بعدما جمعهما ميثاق غليط، ألا وهو الزواج، الذي سيظل الحديث عنه ينقلب لساحة حرب، كل جهة تعرض وجهة نظرها بناء على ما عاشته أو ما رأته في تجارب من حولها، ورغم اختلاف التجارب والآراء سيظل أجمل شيء في الزواج اجتماع الأرواح، أراه كإشعار يخبرنا أن روحين قد اجتمعا بعد غربة ووحشة، وغدا روحًا واحدة، ولأني أؤمن بالفرصة الثانية، قررت أن أُعطي لقلبي فرصة أخرى؛ ليلقى روحه، ووافقت أن أُقابل الشخص الذي تقدم لخالي وطلب منه ألا أعرف اسمه، لا أعرف لِمَ ولكن سيتضح كل شيء اليوم، ولأن فتح صفحة جديدة لن يتحقق إلا بنهاية الأخرى، لذا قُمت بفتح مُذكراتي وقطعت تلك الصفحة التي كتبتُ فيها من قبل "ما بيننا لا يُنسى ولا يُستعاد، ما بيننا يُبكي فقط" وقُلت بصوت مسموع:
-ما بيننا لم يعد يُبكي ولا يستحق أن يستعاد، لا يستحق إلا الحرق.
وحرقت الورقة وكل شيء كنت وضعته في المذكرات، وأثناء شرودي وتذكُري كل الأيام التي مرت وما حدث فيها وصلتني رسالة من سَليم كان يقول فيها:
"أردت أن أقول لكِ خبرًا سعيدًا، وأوقن أنه سيُسعدك، لقد وجدت من أبحث عنها يا فرح، كنتِ على حق حينما أخبرتيني أنني ما إن أجدها سأعرف أننا غير مناسبين لبعضنا البعض، لا أُنكر أني عرفت هذا قبل أن ألتقي بها، ولكن ما إن التقيت بها كان كل شيء يخبرني أنها هي، من أبحث عنها.
وددت أن تكون الرسالة الأخيرة بيننا رسالة شكر لكِ على تلك الوخزة التي من دونها لم أكن لأُقابلها وأنالها، أتمنى لكِ أيضًا أن تلتقي بمن تبحثين عنه".رُسمت البسمة على وجهي ما إن قرأت الرسالة، وقُلت في نفسي أليوم هو يوم لقيا الأحبة! وتمنيت له حياة سعيدة ثم أغلقت الهاتف، وبدأت في تنظيف المنزل وإعداد الغداء، وما إن انتهيت وجدت جرس الباب يدق، كانوا ريما وأحمد وخالي، رحبت بهم ودخلت معي ريما للمطبخ لنجهز الغداء، وأثناء ذلك سألتُ ريما قائلة:
=ما رأيك بالزواج يا عروستنا؟نظرت لي وضحكت قائلة:
-عروسة؟ أما زلت؟ مرَّ الكثير، لأنعتكِ أنتِ بهذا اللقب.
=دعكِ من اللقب الآن، أأنت سعيدة يا ريما، أيتقي أحمد الله فيكِ؟تنهدت ثم قالت مبتسمة:
-أحمد هو هدية الله لي، أتعرفين لحظة الأمل التي تأتي بعد يأس طويل؟ كان أحمد تلك اللحظة، لم أعرف معنى الحياة والحب الحقيقي إلا معه، لم أعرف شعور التقدير إلا معه، جربتُ شعور أن أكون أولوية وعرفت كيف للمرء أن يكتفي بشخص عن العالم بأسره، لم يُشعرني أبدًا أنني لست كافية وأني عليّ أن أبذل ما لا أطيق حتى أرضيه ويحبني، هو يحبني فقط لأني ريما.كان وقع الكلام جميل على قلبي منحه بعض السكينة، لم أرَ ريما تتحدث بهذا الشغف منذ وقت طويل، وسعدت لأني رأيت لمعة عيونها وبسمتها اليوم، نظرت لها وابتسمت وقُلت:
=بارك الله لكما يا ريما.
-آمين...صحيح، لم تقولي لي مَن الذي تقدم لخطبتك؟
=لا أعرف.
أنت تقرأ
وماذا عني؟!
Romansa"فى بعض الأحيان تضعنا الحياة في مأزق، تمحو جميع الخيارات، وتترك لنا خيارين فقط إما أن نختار أنفسنا أو نختار الموت، أو نختار أن نعيش حياة تشبه حياة الموتى، لا ننال منها إلا العذاب، ولكن الخيار الثاني يكون في صورة أحب الأشخاص إلينا، أو في صورة الهرب ا...