17 ||عزاء قلبي _ النهاية | 2

10 4 4
                                    

وجهة نظر الشخص الثالث.

في الرياض، ذات النسائم والهواء المعاصر، الأحياء الراقية والعائلات المُهندمة، وداخل أحد أرقى أحياء الرياض في منزل كان يشع دومًا بالحياة مهما تعددت مصائبه... كان في ذلك اليوم المنزل يشع بالصمت القاتل والوجوم على أوجه جميع أفراد المنزل.

النساء متشحات بالأسود القاتم، لا يُسمع صوت في القاعة الكبيرة سوى صوت قارئ القرآن ولا يخلو من بعض البكاء الصامت لنساء ينعون المتوفاة.

هكذا وبعد انتهاء عزاء السيدة الأولى جاء الدور على السيدة الثانية وكأن ذلك الجبل الشامخ المعتصم باللّٰه حان الوقت كي يتصدع بعد مصائبه الكبرى التي حلت على رأسه تِباع.

في صِوان العزاء الخاص بالرجال لم يقلُ الوضع حزنًا، فوقف فهد منكس رأسه ويجاوره أخوه مصطفى ويقف بجانبه بلال وشعور الغم يعم قسمات وجهه، يأخذون واجب العزاء ثلاثتهم فقط، فرجال العائلة الكبار وبينهم أُسامة كان لديهم همًا أكبر ووكسةً أشد ألمًا.

همس فهد بغل وحقد إلى بلال خلف ظهر مصطفى:
"ماذا سوف تفعلون يا أخي؟ ألا يوجد قصاصًا حتى !! ".

نظر إليه بلال نظرة خائبة وهو يقول بخفوت:
"لََا، هي قد نالت قصاصها يا فهد وانتهِ الأمر، لا تُردد حديثك على أُسامة يكفي ثورته ولا ينقصنا ألمًا في الرأس".

-"إنه ألمًا حقًا يا أصدقاء، كالبركان الخامد الذي تفجر بعدما حدث ما حدث لغيداء التي لازلت مندهش من كونها لم تَمُت وعادت للموت مجددًا، هل كان هناك شيء بينهما ؟ ". تدخل مصطفى بقوله العابث، مما جعل فهد يرمقه بنظرة قاتلة وهو يقول بسخط:

"لقد كنتْ طفلًا حينها، طفلًا فلا تتدخل في أحاديث الكبار".

نظر إليه مصطفى بلا مبالاة يعتدل في وقفته ويصافح الرجال المتوافدون بالخارج بوجهٍ ثابتٍ.

أنسحب بلال من الصِوان بخطوات مسرعة يسمع تذمر فهد لكنه لم يكترث إليه وشق طريقه إلى غرفة أخيه، وكأن حديث فهد أشعل شرارة في عقله والشرارة كانت أُسامة.

طرق طرقتين على الباب ليصله الرد بعدم الدخول، لذا؛ دلف بسرعة لتقابله الظلمة الكاحلة وجسد أُسامة الكبير الذي تكور على الفراش بوضعية الجنين وبشكل بائس يثير شفقة أي أحد.

-"أنتَ يا أخي، ماذا تفعل هُنا هناك عزاء ينتظرنا !!".

قال بلال بصوت محبط وعدواني تجاه أخيه الذي يغلق على نفسه حتى بعد مرور أسبوع كامل على هذا الحادث، لكن الجثمان قد دفن بالصباح بعدما خرج من المستشفى لذا؛ اليوم هو اليوم الأول في العزاء.

وصلة صوت أخيه الأجش والعميق قائلا برفض:
"لا يا أخي، هل تنتظرني حقًا آخذ عزائها؟
كان من المفترض أن يكون هذا عزائي أنا أو -على الأقل- أذهب معها ! ".

خريجة المأدبة | Novellaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن