2_ قلبُ بسّام

452 37 130
                                    

وتشاءُ أنتَ مِن الأمَاني نجمَةً
وَيَشاءُ ربّكَ أن يُناوِلك القَمر

________

أشرقَتْ شمسُ الصّباح لتنشر أشعّتها في الأرجاء وتُعلنَ عن بدايةِ يومٍ آخر مليء بالأحداث والمشاعر والآمال...

أصواتٌ عالية تصدرُ من قصر آل ريّان على الرّغم من أنّها ساعات الصّباح الأولى، الكثير من الأشخاص يدخلون ويخرجون محمّلين بالزّينة والحلويات والهدايا.

أفرادٌ من عائلة آل ريّان يتيسّرون إلى أعمالهم، وآخرون من عائلة باشا مسعود قادمون من الفندق الذي قضوا فيه ليلتهم كون كِلا القصرين الرّئيسي والجانبي لم يسعهم.

في الحديقة الخلفيّة للقصر حيثُ جلسَ الرّجال يشربون قهوتهم بعد أن انتهوا من الإفطار، على مقعدٍ في المنتصف تقريباً جلسَ بسّام بين جدّه مسعود باشا مسعود ووالد خطيبته أحمد آل ريّان.

تنهّد بخفّة يحاول السّيطرة على ضربات قلبه التي لم تهدأ منذ البارحة، منذ أن رآها...
جميع محاولاتهِ لإخراجها من عقلهِ وتفكيرهِ باءت بالفشل، وجهها الخجول المُحمر لا يفارقُ خياله، كلّ كلمة خرجت منها وكلّ حركةٍ صدرت عنها خلال تلكَ الدّقائق الخمس محفورةٌ في قلبه.

لم يكن يعتقد أبداً أنّه سيقع لفتاة ما بهذا العمق وبهذه السّهولة! كيفَ للرّجلِ الثّابت المتّزن لسنوات أن ينهار بمجرّد " سيّد بسّام " تخرج من بين شفاهها؟ كيف للسانهِ الغارق في بحر الأذكار والدّعاء أن يلهثَ استغفاراً مِن فتنةِ عينيها؟

ثوانٍ يبحثُ عنها بلهفةٍ في الأرجاء علّ عيناه الفقيرة تلمحها فتغتني جمالاً، وثوانٍ أخرى يتعوّذُ من الشّيطان ويحاول غضّ بصره عنها كونها ليست حلاله بعد.

" السّلامُ عليكم ".
صدح صوتُ عُمير آل ريّان أخ آيات الكبير عندما وصل للمكان، أخذ مجلسه بجانب والده بينما يردّ الحاضرون عليه السّلام.

مال ناحيةَ والده وقال بصوتٍ خافت: أبي، ستصل جميلة بعد قليل، عليّ الذهاب لأقلّها.

قطّب أحمد حاجبيه بضيق: أرسل أحداً آخر، لا يجوز أن تخرج وتترك الضّيوف لوحدهم....كما أنّ الشّيخ محمود وغفار قد يصلان باكراً وعليكَ استقبالهم.

_ لا أحد من محارِمها متفرّغ غيري.

ويقصدُ بهذا أعمامها السّبعة، فجميعهم كانوا في الخارج هرباً مِن فكرة إيصال جميلة ولم يبقى في المنزل سِوى أحمد للإهتمام بالضّيوف، بالطّبع لا يمكن لأحدٍ من أولاد عمّها الذّهاب كونها وحدها ولا يجوز أن تختلي معهم وإن كانت مسافة الطّريق فقط، وهذا لا يترك أحداً غير أخيها عُمير.

" دائماً تسبّب المشاكل، لو جاءت البارحة لم نكن سنقع في هذا الوضع الآن ".
هدرَ أحمد بانزعاج غير منتبهٍ لنبرةِ صوتهِ التي علَتْ قليلاً.

جميلة آل الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن