4_ مجنونةُ العائلة

315 28 85
                                    

أنتِ مُثيرة حتّى للمشاكل

_________

' نبضاتٌ مِن الماضي '

ألقى نظرة سريعة على ساعتهِ وهو يجري بخفّة، زهرةٌ بيضاء يحملها برفق بين أنامله، ابتسامةٌ متحمّسة على شفتيه وقلبٌ ينبضُ بجنونٍ بين أضلعهِ.

أنهى امتحانهُ للتّو وخرجَ مُسرعاً نحو كلّيتها، إنّه شهر الإمتحانات في الجامعة وأصبح من الصّعبِ لقاءها كما كان يفعل خلال العام.
واليوم صادف أنّ كلاهما يملكُ امتحاناً في نفس السّاعة، فرصةٌ لا تعوّض بالنّسبة إليه...ولو كانت خمسة دقائق فقط...هذا يكفيه.

بأنفاسٍ لاهثة يقطع طريقهُ بين أروقةِ كلّية التّمريض نحو مدرّجاتِ السّنة الأولى، توقّف يلتقطُ أنفاسهُ فورَ أن لمحَ تجمّع الطّلاب الكبير، يتناقشون بصخبٍ حول الأسئلة.

ابتلع ريقه الجاف وهو يبحثُ عنها بعينيهِ...
وجدها! تقفُ مع صديقاتها...ترتدي قميصاً أزرق طويل يتناسبُ مع لونِ عينيها، حجابٌ أبيض ناعم وتحملُ بضعةَ محاضراتٍ بيديها.

مرّر يدهُ فوقَ بنطالهِ الجينز يمسحُ قطرات العرق ثمّ عدّل قميصهُ المُخطّط الأسود مفتوح الأزرار الذي يرتديه فوق كنزة بيضاء قطنيّة، تنهّد بعمق يمرّرُ أصابعهُ بين خصلات شعرهِ السّوداء المُبعثرة....ثمّ مسحَ على رقبتهِ....مثبّتاً أعينهُ البنّية عليها.

سارعَ يُخفي الزّهرة خلفَ ظهرهِ عندما انتبهت صديقتها إليه ونكزتها تهمسُ في أذنها، رسمَ ابتسامةً على وجههِ في اللّحظة التي رفعت أنظارها نحوه....تبّاً...وكأنّ حرّ الصّيف لا يكفي فقد اندلع قلبهُ يشتعلُ من الدّاخلِ يزيدُ على ارتباكهِ ارتباكاً.

سمر باشا مسعود، الفتاة التي تجاهلتهُ للتّو وأشاحت بوجهها عنه كأنّها لا تعرفه.
نفسها الفتاة التي أحبّها لسنواتٍ في الخفاء، لسنواتٍ طويلة....منذُ أن كانت صغيرة تأتي مع عائلتها من الرّيف لزيارتهم في قصرِ آل ريّان مرّة كلّ بضعة أشهر...منذّ شجاراتهم الطّفوليّة الكثيرة التي كان هو يفتعلها عمداً ليستمتعَ بملامحها الغاضبة.

حتّى حينما كبرت ولم تعد تلعب معه...ولم يعد بينهما شيءٌ سِوى السّلام والنّظرات، يقطفُ لها وردة بيضاء من حديقة القصر ويضعها بين أغراضها، يشتري المثلّجات والحلويات من أجلها.

حتّى حينما أصبحا في الإعدادية، يضع علبة عصيرٍ باردة على مقعدها بعد يومٍ دراسيّ طويل، يقدّم لها ملاحظاتهِ الدّراسيّة، يتشاجر مع من يزعجها ولو بكلمة.

حتّى في الثّانوية عندما لم يعد يراها لأشهر أو لسنةٍ وأكثر لارتيادهما مدارس مختلفة....وبما أنّه أكبرُ منها بأربعة سنوات تخرّج قبلها من الثّانوية وشعرَ بالمسافة بينهما تزداد أكثر وأكثر ولكنّه لم يتخلَّ عنها ولو للحظة ولم يتوقّف عن حبّها كأنّه يعيش ويتنفّس عليه.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 12 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جميلة آل الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن