تقف إبريز واضعة يداها خلف ظهرها،
تقف بكُل وجاهة،
شاردة بنقطة بعيدة،
غير مُدرِكة لأي شئ يحدُث مِن حولها.
تطير فراشة سوداء وتقف على كتفها،
كالصقور وهي بجانب مالِكيها.وإبريز بالفعل مثل الفراشات السوداء.
رقيقة ولكنها قوية ومُرزقة بالهيبة،
يقف كُل مَن يراها متصنمًا خوفًا مِن إغضابها،
ولكن بنفس الوقت يرُق قلب كُل مَن يراها تتأذى؛
فهي ملكتهم.
القاسية والحنونة،
مَن تحميهم ومَن تَكسِرَهم،
مَن تُبكيهم قسوتها وحزمها ومَن يؤنس لياليهم حنانها الذي لا مثيل له.تُتمتم بداخلها:" ما الحل يا إبريز؟"
أستترُكين مملكتك للهلاك؟
_" أم ستحميهم بكُل ما أوتيتِ مِن قوة؟"
ما القادم وكيف سأواجِهُ؟
تعرفين ما القادم،
أما بالنسبة للمواجهة،
فأطلبي مِن اللّٰه العون؛
فما نحن مُقبلين عليه
أحر جمرة مِن النار.يُخرجها مِن شرودها صوت قهقهات ماريا بالجوار فتوجه عيناها لتجد ماريا تركض مِن وائل وتلعب معه.
ربما ليس غريبًا أن تجد العم يلعب مع ابنة أخيه.
لكن في حالة وائل فهذا أغرب ما يُمكن أن يراه أحد بعد ماضيه السئ مع الأطفال وقسوته على كل ما يراه صغيرًا ورقيقًا كماريا.توجهت نحوهما ويراها وائل لتختفي إبتسامته بلمح البصر.
إبريز:" أرى أنك تتمتع بالتجول في الجزيرة يا وائل.
_" ألم آمُرُك بأن تلزم غرفتك ولا تخرج منها أبدًا؟"أطلق وائر زفيرًا مِن ضيقه قبل أن تقول ماريا:" لماذا يا أمي إنني أحب اللعب مع.."
قاطعتها إبريز وأمرتها بصرامة:" ماريا إذهبي إلى غُرفتك."
تلألأت عينا الصغيرة وركضت إلى غرفتها تحت نظرات وائل المُستنكرة.
وائل:" أحقًا صرختي بوجه الطفلة الصغيرة لأجل هذه التفاهة؟"
إبريز:" لقد أمرتُ بأن يبقى الجميع بغرفهم وخصوصًا انت يا وا.."
قاطعها وائل وقال:" كفى خِداعًا يا إبريز ولن تقومي بإقناعي أنكِ غاضبة لأنني خرجت من الغرفة.
_" انتِ غاضبة لأنني كُنت ألعب مع الطفلة."إبريز:" ذكيًا كعادتُك.
_" بما أنك تعرف أن وجودك جوار ابنتي يُغضبني لماذا تلعب معها إذًا؟"وائل بسُخرية:" عُذرًا يا سمو الملكة ولكن ما عليكِ أن تُدركيه بحق هو أن هذه الطفلة ابنة أخي ولي كامل الحق أن ألعب أو أتحدث معها."
صمت دام لثوانٍ قبل أن يتحدث وائل مجددًا:" اسمعي يُمكنكِ أن تثقي بي أنا لن اؤذيها."
إبريز بإبتسامة ساخرة:" لا أعتقد أن بإمكاني الثقة بك بعد أن رأيتُك تضرب طفل عُمره ٧ أعوام لأنه كسر لك مزهرية!"
وائل:" صدّقي أو لا تُصدّقي ولكني أحببتُ ماريا كأنها ابنتي أنا وأحب وجودها بالجوار.
_" أعرف أنني لستُ بارع في التعامل مع الأطفال."رفعت إبريز حاجبها ساخِرة ليقول وائل:" حسنًا أنا الأسوأ في التعامل مع الأطفال ولكنّي بالفعل أحب ماريا وأريد أن تكون صِلتي بها قوية."
لم تستطيع إبريز أن تُخفي إبتسامتها ثم قالت:" يُمكنك الذهاب الآن."
ذهب وائل لتعود إبريز إلى شرودها.
___________________________________________
يتحدث إقدام فتُعيره إبريز إنتباهها ليقول:" سيدتي الساحر ( ركان) وصل وبإنتظارك."
ركان ساحر مِن جزيرة أخرى بعيدة.
قوتّه تكمُن في تحديد مكان العدو أو الخطر القادم.
إستدعته إبريز ليعرف مكان "ثيادور" وهو ولي العهد و " أرسيليا" زوجته.
وهما اللذان ظنّ الجميع أنهم ماتوا في حريق مملكة استوريا!قالت إبريز مُضطربة:" أيمكنك رصد مكانهم؟"
إبتسامة جانبية ظهرت على وجه ركان وقال:" لا تستخفي بي سيدتي."
صمتٌ دام لثواني قبل أن يُشير ركان للجميع بأن يتنحوا جانبًا.
تنحى الجميع ليُغلق بدوره عيناه وهو يحمل بكفّه رمل الشاطئ ويقول بصوت مُنخفض طلاسم غريبة.
قام واقفًا وهو ما زال يحمل الرمل لتبدأ الرياح بالهبو كالإعصار!
تهُب الرياح بالتأكيد كما لا تشتهي السُفن ولا المتواجدين على اليابس حتى!وترتفع قدما ركان شيئًا فشيئًا ليطير ويُصبح في الأعلى ويقول طلاسمه بصوت أعلى.
الأشجار منها ما إنقسم نصفين مِن شدة الرياح والغِربان نعيقها يُزعج آذان سامِعيها.
يصيح ركان بالطلاسم أعلى وأعلى.
في مشهد يقشعر له الأبدان.بالطبع يبدو المشهد طبيعيًا بالنسبة لجزيرة يسكُن فيها مشعوذين ولكن من كان يراقب وهو مصدوم من هَول ما تراه عيناه كان عُمر.
يفتح ركان عيناه وهي حمراء كالنيران.
فإذا بالغيوم تسوَد.
والإعصار بالتوقف.
ويقع.
يقع ركان مِن عُلي ١٢ عشر قدم على الأرض فاقدًا للوعي._يتبع_
YOU ARE READING
"لعنة استوريا"
Fantasyفي جزيرة بعالمٍ آخر وبِقواعد أُخرى: تبدأ حكايتنا الخيالية! حكاية مليئة بِمُحاربة التنانين والمخلوقات العجيبة. أرضٌ غُطَّت برمادِ مملكةٍ حاكِمتها لا تعرِف للخيرِ وجه! ولا حل إلا المواجهة، المُحاربة والمُثابرة. أعني إن كُنت قادِر على تِلك حرب! أهناكُ...