السماء تمطر بغزارة وتزيد من برودة الجو ، كان جسد ادريان ممددا على أرضية الغابة الموحلة، أشجار الصنوبر الكثيفة تحيط بالمكان ، فتح عينه بصعوبة بالغة بينما يزفر بخار الماء بسبب شدة البرودة من حول ، كان رأسه يدور كمن ركب أفعوانية تجوب العالم بأسره.
حاول ادريان النهوض رغم صداع رأسه و جسده المتألم بشكل غير معقول، رفع جانبه الأيمن على الرغم من ترنحه لكنه عجز على أن يشعر بجانبه الأيسر على الإطلاق: يا إلهي ما هذا؟ هل انا عالق ؟ كلا سأكون على مايرام .
رفع رأسه ينظر إلى ذراعه الأيسر ليجده مهشم منغرس فيه عدد من الصخور واخشاب الغابة ، ثم نظر إلى ساقيه فوجدهما مصابتان أيضا لكن حالة ذراعه الأيسر كانت أسوأ ما في الأمر: تبا هذا لا يبشر بالخير، كلا كلا انهض يا رجل ... انت ادريان بلوفانج، هيا يا فتى لا تستسلم.
حاول عدة مرات أن ينهض دون جدوى لانه كان عالقا بشدة كمن ثبته أحدهم في الأرض بالبراغي، الألم في جسده لا يطاق يصدح في كل خلية من جسده ، لا يستطيع حتى التعافي لان جروحه ماتزال مفتوحة و عميقة، ظل ينزف دون توقف بينما يصارع للتخلص من تلك الصخور التى تثبته رغما عنه: تبآ ، تبآ، ان رأيت أحد أولئك الثلاثة سوف اجعلهم غدائي ، وتلك العجوز ااااه ، هيا يا رجل ......آآآآآآه.
صرخ من شدة ألمه و عجزه على إنقاذ نفسه ، صرخ من أعماق قلبه كمان يلفظ أنفاسه الأخيرة لكن أيضا دون جدوي : يا إلهي آآآآآآه، هل هناك من أحد هنا؟ هااااااي!!! أي أحد....!!
كلما تحرك ادريان كلما زاد نزيف جسده لكنه كان عنيدا جدا فلم يكن ليستسلم ابدا ، كان يثق بقوته بشكل مبالغ فيه ، لم يرد تصديق عجزه على أن يتحرك بشكل طبيعي: هذا مستحيل ، لا لن تهزمني بضع صخور ، تمالك نفسك يا رجل ، من الأكثر فحولة بين ال بلوفانج، أجل انه انت ، هيا اذا ارفع جسدك اللعين هذا و انهض .
مضي نحو الأسبوعين وهو على حاله إلا ان جروحه بدأت تتعفن وبالاخص ذراعه الأيسر، شحب وجهه وطالت لحيته و شعره وزاد الأمر سوء عندما بدأ تساقط الثلج ، كانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير فهو لم يعد لديه أية قوة على المثابرة : لا لن تقتليني أيتها الغابة المشؤمة، يا إلهي لا ، لا يمكن لا، لا ، لا.
راحت رقاقات الثلج تهبط فوق جسده الذي بدأ في التحلل مع انخفاض درجة حرارته ، احمر وجه ادريان من شدة الحنق واخذت تنهمر الدموع من عينيه رغما عنه ، صرخ مناديا بصوت مبحوح ضعيف : تشاااارلز، بيريت النجدة ، أرجوكم..... النجدة.
مع نطقه لآخر كلمة انسدل جفنيه رغما عنه ولم يعد به أي شكل من أشكال الحياة .
ظل على هذا الحال وقد أجزم انه ميت لا محالة حتى دنى الليل ، ازداد الجو برودة أكثر وكانت هناك عاصفة على وشك ان تضرب المكان ، لكن التقط سمعها صوت خشخشة والقليل من تكسر الأغصان الجافة ثم فتح عيناه بصعوبة ليري ضوء بعيدا يعبر نحو الشمال.
أنت تقرأ
بريق
Ma cà rồngعن قرع طبول الحرب اتحدث، عن الخوف والخسارة، ورائحة الموت تفوح في الأفق. عن نزعة السيطرة، عن العائلة ومجدها، التضحيات والقسوة، الإنتقام والثأر، عن عذاب الروح وفقدان الأعزاء، عن الطمع والالعيب. مسوخ ووحشوش كاسرة، سفك دماء ورثاء وبكاء. حنين واشتياق، عا...