٢٢-الرسالة الثالثة | لماذا ؟

38 2 0
                                    

_22_

تلك النافورة القديمة التي تقبع خلف قصر الطاغوت ، المكان الذي اعتادت الأميرة الكبرى اماليا ان تجلس عندما تريد الانعزال عن كل شيء ، كانت شاردة الذهن تنظر إلى الأشجار حين سمعت صوت تحطم أوراق الشجر اليابسة المتساقطة ، نظرت وشاهدته يقف هناك وينظر إليها مع بريق في مُقلتيه ، العامل في الاسطبل لويد باتريك .

كان يقف هناك مترددًا وحائرًا ، يزم شفتيه وينظر اليها تارة وتارة ينظر الى الأرض .. لكنه استجمع نفسه وقال :

"سمو الأميرة ، ...

لم يكمل جملته وقاطعته اماليا وقالت :

"لم أتوقع أن أراك ، ظننت انك غادرت !، تعلم ؛ بسبب ما جرى ..."

"سمو الأميرة ، أنا بقيت هنا بسبب ان المستشار طلب مني ذلك ، انا وصديقٍ لي نعمل في الاسطبل ولا يمكن ترك الاحصنة ، سمو الاميرة ، انا اردت الاطمئنان عليكِ ، عندما كنتِ هناك تبكين في ذلك اليوم اردت ان اركض إليكِ واغمركِ بكل قوتي ، انا لا اصدق ان هذا قد حدث فعلًا ! ، بالطبع لا يمكنني ان اتخيل الحزن الذي يلازمكِ الآن والشعور الذي في داخلكِ ، لكنني أريد .. أريد أن أكون قريبًا منكِ فقط ، قريبًا حتى لو بشكل قليل ، بشكل يجعلني شخص تستطيعين البكاء على كتفه دون الاكتراث لمكانكِ ، شخص يحميكِ دون ان تشعري بالقلق ، أريد فقط ان أكون امام ناظريكِ . "

بقيت اماليا صامتة لكن مصدومة في نفس الوقت ، وعندما رآها باتريك هكذا اعتذر منها على الفور وعاود إنزال رأسه إلى الأرض وكان واضحًا بإنه يشتم نفسه في داخله ، تنهدت اماليا ونظرت بعيدًا وهي تحاول كبت رغبتها بالبكاء ، وعندها تشجع باتريك ونظر إليها بعينين متلألئة وفعلت هي بالمثل ، لقد تواصلت اعينهما وكان كلاهما يتنفس بسرعة ودقات قلبهما تكاد تخترق جوفهما . وفي تلك الاثناء تقدم إليها باتريك وأصبح الآن امامها مباشرةً ، فاحتضنها وكانت قريبة من صدره لدرجة أنها سمعت صوت ضربات قلبه الجنونية.

"انا لا اطلب منكِ ان تبادليني الحضن ، فقط لنبقى هكذا لبضع دقائق ، أتمنى أن آخذ حزنكِ بعيدًا بتلك الدقائق "

•~ ~ ~ ~•

كان معضم الناس في مملكة الطاغوت يشعرون بالحزن والبعض الآخر لا يكترث ويرددون بإن الاميرة نينا لم تساعدهم بشيء أو تحل لهم المشاكل في المملكة على عكس اماليا ، في تلك الفترة سادت بعض المشاكل لدى المزارعين بسبب الرطوبة وكانت معضم المحاصيل تتلف أو تسرق من مزارعهم ، الجنود والحرس الذين كانوا في قصر الطاغوت اصبحوا بلا عمل وغير قادرين على النفقة على عوائلهم .. كل تلك المشاكل كان المستشار يخبرها للملك الذي كان شارد الذهن ينظر إلى العقد الذي كان يريد إعطائه لابنته نينا قبل وفاتها .. لاحظه المستشار وتنهد بحزن .

العَـين الحمراء || The red eye حيث تعيش القصص. اكتشف الآن