٤ - نَهرٌ و شُموع

129 14 10
                                    

⋆⁴⋆

ظلام دامس ، مياهٌ باردة ، عيونٌ باكية وشموعٌ مضيئة ..

_

اهتزت جدران القصر في الامس بصوت صرخات الملكة وهي تَستقبل صغيرها ، واليوم اهتزت جدران القصر بنحيب وعويل الملكة وهي تُودع صغيرها إلى الأبد ، بعد أن تعبت لتسعة شهور وحافظت على صحتها وراعت كل حركة تتحركها ، يموت صغيرها ويرحل عنها أخذًا بهجتها وكل طاقتها ..

بعد مراسيم الدفن لم تتحمل الملكة حزنها وحبست نفسها عن العالم فقط صوتها يُسمع وهي تبكي بحسرة ، قلق الجميع من أن تفعل شيء في نفسها وتوسلت رئيسة الخدم بها لكي تفتح لها باب غرفتها لكن بلا جواب ..

اما اماليا التي كانت حاضرة وقت اكتشاف موت الامير الصغير فكانت أيضاً بحالة شنيعة ، عقلها مشوش وشعرها مسدول وغير مرتب وانفها أحمر كالدماء وعيناها متورمة ، كلما بكت قليلاً اسكتت نفسها وهونت على حزنها بنفسها ، هذا ما تعلمته ، هذا ما يجب عليها فعله كأخت كبرى .. دخلت إلى جناح الملك فوجدته غارقاً بدموعهُ ولم يأبه إذ كانت اماليا سترى ضعفهُ فهو لا يستطيع أن يكون متماسكًا طوال الوقت .. اقتربت اماليا وربتت على ظهر والدها وهي تكبح دموعها ، هي لا تعرف كيف تهون عليه فَهم لم يحزنوا بهذا الشكل من قبل .. حتى عند وفاة اخ الملك 'سايمون' .

"هل عرف الحكيم سبب الوفاة "
سأل الملك وهو يُبعد دموعه المنهمرة.

"لقد عرف السبب لكنه اراد أن يخبرك بهِ على انفراد ، هذا ما جعل أمي يَجن جنونها كونها تريد معرفة سبب موته أيضًا "
اردفت اماليا وهي تجلس بجوار والدها بقلة حيلة.

"هناك شيء .. أريد أن اخبركِ بهِ يا اماليا ، لكن لا اعلم إذ كان هذا الوقت المناسب أم لا ... "

ردت عليهِ اماليا قائلة ..
"قبل أن تقول أي شيء يا ابي ، أنا أريد أن أعتذر منك في البداية ، عندما كنت تتحدث مع الحكيم تلك الليلة عن موت عمي سايمون ، أنا كنت اختلس السمع خلف الباب ، أعتقد أنني فقط تصرفت هكذا لأنني شعرت بالفضول وحسب ، أنا آسفه "

نظر الملك لها لدقائق دون أن يتحدث بشيء حتى ظنت أن والدها قد غضب منها وشعرت بالندم ..

"جميعنا نفعل أشياء بدافع الفضول يا اماليا ، لكن لا داعي لتثقلي على افكاركِ .. فأنتِ لديك مهام القصر ومسؤولية النظام في القصر ، لو لم تكوني قد اختلستي السمع كنتِ الآن ستعرفين لأنني سأخبركِ بنفسي بعد لحظات "
قال الملك وهو يُعلم اماليا أشياء كانت قد اهملتها.

"انت محق يا ابي ، أعتذر مرة أخرى ، اخبرني بما كنت ستقوله لي ؟"

"العين الحمراء ، إنها رسالة تحذير أو لا اعلم كيف اصيغ الموضوع .. لقد وجدها أحد الحرس أثناء العصر قبل أيام ، وصلت إلى يدي وقرأتها وكان مكتوب بأن ذلك الشخص أو كما يَزعُم أنه العين الحمراء قد قام بقتل سايمون كتحذير وانه سيقتل شخص آخر "
قال الملك مخاطبًا اماليا.

العَـين الحمراء || The red eye حيث تعيش القصص. اكتشف الآن